أصدرت أربع نقابات تعليمية الأكثر تمثيلية بلاغا موحدا للتعبير عن رفضها لمضامين النضام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية وتحذير الاستاذات والأساتذة من “مخططات تراجعية” محتملة، وباعتباري أحد أعضاء الأسرة التعليمية، وبما أن البلاغ المذكور كان مستفزا لمشاعري، وجدت نفسي مضطرا للإدلاء برأيي في هذا الموضوع.

فمنذ أن ولجت سلك التعليم، سنة 2021، وأنا منخرط في العمل النقابي، بتنظيمات نقابية مختلفة، حسب ما كانت تقتضيه الظروف، وأود هنا ان أسطر على أنني على المستوى الفردي لم أستفد شيئا، بل على النقيض من ذلك، حينما تعرضت لعدة تعسفات إدارية، كنت غالبا ما أجد نفسي فيها أواجه وحيدا، بل والأدهى من ذلك، أحيانا كنت أجد تعاطفا من قبل بعض الموظفين الإداريين وخذلانا من قبل “رفاق” الدرب…

صحيح ان العمل النقابي علمني أمورا كثيرة جدا وكان مدرسة عظيمة بالنسبة لي، كما انه منحني شرف التعرف على مناضلين صحاح كثر، لا يبيعون ولا يشترون ولا يساومون، منهم من قرر العزلة ومنهم من لازال يقاوم داخل قلاع متهاوية واوهن من بيوت العنكبوت، لكن تجربتي “غير المتواضعة” تسمح لي بان اجزم ان أكبر واخطر “مخطط تراجعي” واجهته الشغيلة التعليمية خلال العقد الأخير هو ذاك الذي باتت تجسده جل النقابات، على مختلف المستويات والأصعدة والابعاد والأشكال، وهو المخطط الذي أفضى إلى تغول الإدارة، وبالتالي ضرب مجموعة من المكتسبات البسيطة للشغيلة التعليمية وتدهور أوضاعها المادية والاجتماعية والمهنية.

وعليه، فإنني وإن أتأسف بشدة على ما آل إليه العمل النقابي بالمغرب من وهن وتشرذم وضعف المبدء والموقف، فإنني، أيضا، لا أجد في البلاغ الذي أصدرته  النقابات الأربع سوى نوع من الهروب نحو الامام، فيما يشبه رقصة “الديك المذبوح“، وشكل من أشكال التنصل من مسؤولياتها التاريخية فيما آلت إليه أوضاع الشغيلة التعليمية من مآسي، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي. كما أعتقد ان كل ذلك لا يعدو أن يكون مجرد تكتيك لإعادة التموقع داخل الساحة، بعد أن لفظت ميدان النضال هذه النقابات (ويالا الحسرة!)، لتجد هاته الهيئات النقابية الممثلة، افتراضا، لموظفي أكبر قطاع عمومي بالمغرب، نفسها خارج الحراك الاحتجاجي الذي تخوضه حاليا أستاذات وأساتذة المغرب بكل فئاتهم ضد النظام الأساسي (نظام المآسي) وضد الحكرة ونظام السخرة، وتعبيرا عن الغضب الكبير الذي بات يهدد القطاع باحتقان غير مسبوق.