نفّذ أساتذة التعليم بمختلف فئاتهم يوم أمس، إضرابا وطنيا حقق نجاحا باهرا، لم تشهد البلاد نظيرا له من أزيد من أربعة عقود، ضدا على مصادقة الحكومة  يوم 27 شتنبر الماضي، على “النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية“، الذي جاء في غير صالحهم ماديا ومعنويا، حاضرا ومستقبلا، وكان أهم مكسب في تلك المعركة هو ذلك الاصطفاف غير المسبوق وغير المتوقع، بين مختلف فئات الجسم التعليمي (إبتدائي، إعدادي، ثانوي…)، اصطفاف تجاوز المؤسسات النقابية الرسمية، التي تتحمل مسؤولية أخلاقية وتاريخية في تمرير ذلك النظام. 

اليوم؛ وقد انجلى غبار تلك الحركة الهامة، وبعيدا عن أجوائها الغاضبة والحماسية، لا بد من تسجيل النقاط التالية:

1 – الحضور الكبير والوازن للأساتذة، كان عفويا استجابة لمبادرات مختلفة، لذلك حدث اختلاف في مكان تنفيذ الوقفات (أمام الوزارة أو البرلمان)، صاحبه ارتباك في حركية الحشود وتعدد الحلقيات. 

2- تعدد اللافتات المجسدة للمطالب الفئوية، ومحاولة كل فئة أو تنسيقية الظهور منفردة بشعاراتها، وغياب الخطاب الوحدوي في تبني كافة الملفات في ملف واحد. 

3- ضعف التغطية الإعلامية (النقل المباشر لفعاليات الوقفات) في صفحات التنسيقيات، وغلبة الخطاب العاطفي في التحليلات.

4- غياب تام للبيان الختامي الذي كان منتظرا أن تخرج به الوقفات أمام البرلمان، والذي كان من الواجب أن يتضمن الخطوات الاحتجاجية المقبلة، أو القرارات الموجه لخط سير المعركة النضالية. 

غياب البيان الختامي، راجع أساسا إلى محاولة كل تنسيقية الاستفراد بالقرار، بعيدا عن أي روح جماعية، وقد تفضي حالة الارتباك تلك وضبابية الرؤية والفعل، إلى تبخر تلك الجهود وذلك الزخم النضالي، إن لم يعجل الأستاذة وغيرهم من الفئات المتضررة، بهيكلة سريعة لتنسيقية وطنية واحدة موحّدة تتجاوز المطالب الفئوية، وتدمجها في ملف واحد، للضغط في اتجاه تعديل النظام الأساسي الجديد. ولا بد أن تقوم الهيكلة الجديدة، على العمل القاعدي المتدرج (محليا، إقليميا، وطنيا)، حتى تكون كل القرارات المقبلة، ذات جدوى وفعالة ومتوافق عليها.

باحث في تاريخ المغرب