منذ تولي محمد الشرقاوي رئاسة نادي اتحاد طنجة لكرة القدم، منتصف يناير الماضي، حدثت تغييرات إيجابية كثيرة، سواء داخل الفريق أو في محيطه، مكنت الفريق من تحقيق 6 انتصارات خلال الشطر الثاني من البطولة، وما رافق ذلك من حضور جماهيري غير مسبوق، أخرجت النادي من عنق الزجاجة وجعلته أقرب من أي وقت مضى للمحافظة على مكانته ضمن أندية الصفوة، بعدما كان يقبع وحيدا في الصف الأخير ب 2 نقطة ، قبل أن يصل اليوم إلى 20 نقطة، على بعد ست دورات من نهاية الموسم.

كثيرة هي الأمور التي ساعدت الشرقاوي، في تحقيق ما تحقق حتى الآن، منها شخصيته العفوية التي تتعامل مع الجميع، حيث تمكن من جمع معظم المكونات حوله، وهو ما جعله في تقديري يؤجل الحسم في هوية أعضاء المكتب المسير للفريق، بالإضافة إلى الانتدابات التي قام بها والتي غيرت من وجه النادي، ثم الحماس الذي دب في الإدارة التقنية وفي نفسية الاعبين بفضل سياسة منح الفوز التي وصلت في بعض المقابلات إلى 30 ألف درهم لكل لاعب، هذا بالإضافة إلى بعض المبادرات التي قد تبدو هامشية لكن وقعها كان كبيرا على الجماهير، منها تخفيض ثمن التذاكر وهو ما مكن من مضاعفة الأعداد الهائلة التي تحج إلى ملعب ابن بطوطة، الذي تصر فعاليات المدينة على تسميته بهذا الاسم عوض ملعب طنجة الكبير، الاسم الرسمي الذي لا يحمل أي نفحة أو معنى ثقافي، فضلا عن تكريم عدد من الرموز الجماهيرية بمنحها عمرة رمضانية إلى الديار المقدسة، كالفتاة الذي ظهرت على شاشة التلفزيون وهي ترفع يدها إلى السماء في سياق ضربة الجزاء التي كان سينفدها أحد لاعبي النادي، وأيضا أستاذ مرافق لطلبة إحدى المدارس العتيقة بطنجة الذين حضروا وهم يلبسون جلابيب تقليدية بيضاء اللون، وهم يجلسون القرفصاء بنظام وانتظام على المدرجات، حيث قدموا صورة طيبة لحفظة القرآن، ودعائهم للفريق في صور مؤثرة تناقلتها وسائل الإعلام الوطنية والعربية والدولية زادت من مكانة الجماهير الطنجاوية التي قدمت صورة غير عادية ومعتبرة خلال كأس العالم للأندية التي احتضنتها بلادنا شهر فبراير الماضي.

وإذا كانت هذه النتائج والمبادرات جعلت كل مكونات النادي تلتف حول الرئيس الجديد، وستكون بلا شك من نتائجها محافظة النادي الأكبر في الشمال على مكانته ضمن فرق الصفوة بعد معاناة قاسية، فإن هذا لا يعني أن الفريق قد وضع على السكة الصحيحة، لأن المبادرات اللحظية والحماسية لا تصنع المستقبل على أهميتها، فالمفروض بالموازاة مع الروح الإيجابية القائمة، الإقدام وبشكل عاجل على مبادرات أخرى أكثر أهمية في تقديري ولها بعد استراتيجي، حتى لا تكرر أخطاء الماضي، والتخلي بشكل نهائي عن السياسات الكروية التي تعتمد أساسا على الحماس اللحظي الذي ينتهي بانتهاء الموسم، وتترك الفريق يتخبط في مشاكله، حيث المعاناة عند بداية كل موسم.

والبداية في اعتقادي، يجب أن تكون بتسمية أعضاء المكتب المسير، ليتحمل الجميع مسؤوليته من جهة، وليفرز المشهد موالاة ومعارضة، وما يتطلبه الأمر من نقاش، وإن كان الأمر مستبعدا، ثم فتح الباب أمام الفعاليات الرياضية المحلية الجادة من خلال ندوة أو دائرة مستديرة وموسعة هدفها تقديم اقتراحات عملية وأوراق واضحة تساعد النادي على الخروج من وضعه الحالي الذي يعتمد في مجمله على الانتدابات من خارج المدينة التي تكلف النادي الكثير، وتهمش بشكل غير معلن العناصر المحلية التي لا زالت تحتاج إلى الكثير الكثير للدفع بها نحو الأمام والاعتماد عليها في الفريق الأول، وهو الأمر الذي يحتاج إلى سياسة واضحة طويلة الأمد قد تصل إلى سنوات، وليس إلى مبادرات فردية مؤقتة هدفها تجميل الواجهة، تعطي صفة “الفاشل” بشكل مسبق للاعب المحلي.

المكاتب المتعاقبة على الفريق، تعتمد في مخططاتها على النتائج الآنية، ومحاولة الوصول إلى القمة في أسرع وقت وفي زمن قياسي، أبرزها ما حدث سنة 2018، ما معنى جلب عدد كبير من المدربين برواتب خيالية؟ وانتداب العشرات من الاعبين بدون سقف ولا مخطط وهو ما يستنزف مالية الفريق المهزوزة أصلا؟ ولا زال صندوق النادي يعاني حتى الآن من تبعات هذه السياسة الفاشلة،  التي لا نعرف لمن سنحمل المسؤولية، هل للرئيس أم للمكتب أم اللجنة التقنية، أم للمدرب.

ومن مظاهر الفشل والأزمات التي لا تنتهي، وتعاد كل موسم، أن النادي الذي فاز بدرع البطولة سنة 2018، وعوض أن يوسع من دائرة تأثيره الكروي وطنيا وإفريقيا وعربيا يعاني من شبح النزول للقسم الموالي.

بقي فقط أن أشير إلى أن من المهام العاجلة للمكتب الجديد، تصحيح تاريخ تأسيس فريق طنجة لكرة القدم بشكل رسمي، وذلك بالتواصل مع الجامعة الملكية لكرة القدم التي تشير في وثائقها إلى تاريخ غير صحيح، فتاريخ فارس البوغاز يمتد إلى أكثر من 75 سنة، ومع أسماء رنانة همشها وللأسف الفريق ولم يعد يتحدث عنها ولو في المناسبات العابرة.