لم يجد احد المواقع المحسوبة على الصحافة المغربية، ما ينغص به فرحة المغاربة بالإنجاز الباهر الذي حققه أسود الأطلس غير اتهام واحد من اللاعبين الذين صنعوا أمجاد المنتخب المغربي في مونديال قطر بالتطرف والداعشية. لقد حدد المشرفون على هذا الموقع، باستفزازهم شعور محبي “أسود  الاطلس“، وبشكل غير ذكي،  اصطفافهم خلف وسائل إعلام أجنبية اختارت غض الطرف عن تألق عناصر المنتخب المغربي، الذي  حظي باحترام العالم وراحوا يبحثون  عما من شأنه أن يؤذي مشاعر المغاربة ويشوه نموذجهم الثقافي والحضاري،  وهو ما جعلهم يرددون  مثل ببغاوات  ودون تمحيص الاتهامات البليدة والحاقدة  التي تثبت، حسب وجهة  نظرهم، الانتماء “الداعشي” لعناصر المنتخب المغربي. فحفظ القرآن عند هؤلاء ومن يحركهم  من احفاذ المستعمرين الحالمين بعودة الحقبة الكولنيالية، يعد تطرفا،  والسجود، ورفع السبابة  إرهابا، ودعوة الناس للدخول للإسلام أشبه بالانتساب لجماعة “البغدادي“!

ولو كلف هؤلاء انفسهم عناء البحث في تاريخ هذا البلد الضارب في عمق التاريخ مئات السنين قبل ظهور “داعش“، وظهور مفهوم السلفية، وقبل ظهور الحركة الوهابية، لفهموا أن كل المظاهر التي يعدونها تطرفا وداعشية لا تتجاوز تعاليم المذهب المالكي الذي ارتضاه اغلب المغاربة طوعا مرجعا في تدينهم. فهل دين الدولة المغربية الرسمي متطرف يدعو للداعشية كما يدعي هؤلاء ومن يحركهم من الخلف مثل دمى غبية؟ هل دين بلعربي العلوي ومحمد الخطابي وابو شعيب الدكالي وعبد الله كنون وعلال الفاسي دين متطرف لأنه لا يروق فرنسا وألمانيا وأزلامهما؟!

لقد عرى المونديال حقد المستعمرين القدامى وطابورهم الخامس ومتعاونيهم بالمغرب وتجلى ذلك الحقد في أبشع صوره حين وصف إعلامهم بوفال ورقصته صحبة امه برقصة القردة أرأيتم انحطاطا كهذا؟ إن نموذجنا الحضاري يخنقهم ويخرجهم عن صوابهم،  هم الذين تعاني مجتمعاتهم من تفكك الاسرة وتراجع قيم التضامن..  أقصى ما يستطيعه نجومهم، عند احتفالهم، أن يستعرضوا انفسهم رفقة فتيات تجتهد شركات الدعاية في تزيينهن للترويج لمنتجاتها لأهداف تجارية بحتة.. لهذا السبب أشعلت أم بوفال التي تشبه أمهاتنا جميعا نيران الحقد في صدورهم. لقد كسرت نموذجهم الاستغلالي المزيف ومثلها فعلت أمهات باقي اللاعبين.

ما حدث في قطر لا يمكن للطابور الخامس المندس بيننا أن يستوعبه، لأن من يحركونهم من الخلف، ينتقون لهم عبارات محددة ويدفعون لهم مقابل ترويجها دون أن يستوعبوا أبعادها. ما حدث أكبر من الرياضة بكثير إنه صدام نموذجين حضاريين قائمين على أسس مختلفة. في الكفة التي نمثلها يحضر الإنسان والتلاحم والأخلاق والانتماء والأسرة وقيم التآزر، وفي الكفة التي يمثلها الآخرون يحضر الاستغلال والدعاية الرخيصة وشراء الذمم والابتزاز والعجرفة. لهذا راى معظم المضطهدين انفسهم في النموذج المغربي الامازيغي الجميل في كل تفاصيله .. الأفارقة والآسيويون والعرب والعجم .. حتى أولئك الذين ولدوا في أوروبا ودرسوا في مدارسها عادوا إلى التشبث بنموذجهم الأصلي وحملوا قميص بلدهم الأم لأنه يمثل بالنسبة لهم كل القيم  التي تغيض هؤلاء الحاقدي. فهل يستحق هؤلاء منا أن نتهمهم بالداعشية؟ أبو خلال واحد من هؤلاء وحفظه للقرآن أو صلاته لا تجعله مختلفا عن كل المغاربة الذين درسوا في المسيد وحجوا إلى المساجد في أيام الجمع لسماع الخطبة، وأخيرا ما لوحت به الجامعة من إمكانية متابعة المشرفين على هذا الموقع، يبقى قرارا حكيما لأنه سيكشف لنا عن الوجه الحقيقى لمن تعودا ان “يأكلون الغلة ويسبون الملة“.