المغرب.. الوطن، الشعب، الدولة.. أين تبدأ حدود الجميع وأين تنتهي..؟ من نحن بالضبط..؟ أين نتموقع بالضبط..؟ هل حقا نحن استثناء..؟

عدد سكان المغرب حسب الأرقام الرسمية حوالي 36 مليون، طبعا نضيف غليها سكان المراحيض العمومية، سكان القوادس وما تحت الجسور، سكان السكك ومحطات القطار، وسكان الكهوف.. نسبة الطبقة المتوسطة تصل إلى 54 في المائة، حسب المندوبية السامية للتخطيط، وإلى 25 في المائة، حسب البنك الدولي.. طبعا مع اختلاف المعايير المعتمدة.. في حين يبلغ عدد الأثرياء في المغرب حوالي 4810 فقط، حسب تقرير  سابق لمؤسسة أفراسيك بنك.. أما منظمة أوكسفام البريطانية فقد خلصت في تقرير لها إلى أن 1,6 من المغاربة يعيشون الفقر المدقع، و4 مليون يعيشون الفقر بدرجة أقل..

الإختلافات بين الطبقات الثلاث مخيفة جدا.. طبعا الأثرياء هم الطبقة القريبة من السلطة، الطبقة المتوسطة هي التي تحاول أن تتملق للسلطة بطريقة مباشرة أو عبر محاولتها إظهار العداء لهذه السلطة للفت انتباهها فقط.. هي طبقة متعلمة.. في حين الطبقة الثالثة مجرد وسيلة بيد الطرفين، الطبقة المتوسطة وطبقة الأغنبياء.. فالطبقة المتوسطة تحاول الظهور في صورة المدافعة والمطالبة بحقوق الفقراء مدعية أن السلطة قامت بالاستيلاء على نصيبهم من الثروة.. في مقابل ذلك تعمل السلطة على خلق نوع من الحقد لدى الفقراء تجاه الطبقة المتوسطة، وهي مهمة سهلة بحكم سيطرة السلطة على الإعلام، القنوات التلفزية أساسا، كمزود أساسي للفقراء بالمعلومة كون جلهم غير متتعلمين.

نقصد القول أن البحث في عمق ما نعيشه في المغرب قد يقودنا إلى الغرق وسط فوضى من السوداوية. ما نعيشه هو ما يفسر إكتفاء الإنسان المغربي بذاته ويفسر أيضا بحثه المستمر عن ما يحقق مصلحته الخاصة أولا وربما ليس أخيرا.. وهو أيضا ما يفسر عدد الأحزاب والجمعيات عندنا، فتأسيس الأحزاب مثلا، باستثناء أحزاب السلطة، مرتبط بمحاولة التقرب من السلطة لتحقيق بعض الغايات الشخصية التي لا يمكن تحقيقها إلا بالعبور عبر باب السلطة.. لذلك ففكرة الإنتماء وفكرة الجماعة ليست بتلك الأهمية لدى المواطن المغربي، الذي قلنا لا ينتمي لحزب معين أو جمعية معينة إلا لتحقيق غايته في الاستفادة من كعكة السلطة كفكرة كلاسيكية لكنها مستمرة بشكل متجذر في فكر المواطن المغربي، ما يعني أن هذا المواطن مستعد لأن يكفر بمبادئ وقيم حزبه أو جماعته بمجرد أتن يحقق غايته تلك، أو بمجرد ما يعتقد أن تحقيق غايته تلك قد يحققها في حزب آخر بايديولوجية قد تكون مغايرة تماما وربما مناقضة.. الحقيقة أن فكرة الإنتماء تبدو مضحكة بالنسبة للمواطن المغربي.

ولأجيب على أسئلتي بداية المقال، نحن كطبقة متوسطة وكفقراء، لا نتموقع بل وحدها السلطة من تتموقع، وحدونا لا تبدأ حتى تنتهي، لا حدود إلا ما تحدده السلطة.. ونحن قطعا لسنا باستثناء، نحن نشبه كل الدول العربية في بؤسنا..