تقديم:

يخلد العالم للعام الثاني على التوالي العيد الأممي للعمال في ظل جائحة كورونا، مع استمرار غلق حدود الكثير من الدول والرعب الحاصل جراء ظهور سلالات متحولة جديدة للوباء وصعود أرقام الضحايا والمصابين بشكل رهيب.

يتزامن ذلك وصعود التوتر العالمي واحتدام الصراع على مصادر الطاقة والأسواق ومناطق النفوذ خصوصا بين العملاقين الصيني والأمريكي.

لقاح كورونا لم يسلم من التنافس المحموم والاستقطاب العالمي الاستغلالي لحاجة الدول الفقيرة للعلاج، حيث أشارت شبكة People´s Vaccine Alliance بأن سكان الدول الغنية يمثلون فقط 14 في المائة من سكان العالم، وقد اقتنت هذه الدول أكثر من نصف اللقاحات، فيما إفريقيا في مؤخرة الطابور.

انتخابات مهنية وعمالية في ظل الجائحة:

يتزامن فاتح ماي هذه السنة مع إعطاء انطلاقة الانتخابات المهنية بالمغرب في ظل الجائحة، وهو استحقاق مصيري بالنسبة للنقابات باعتباره الألية الوحيدة لتفعيل المعيار الأساسي لتحديد المنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا على المستوى الوطني، وعلى مستوى المقاولة، مع ما يترتب عن ذلك ومن حقوق وصلاحيات يخولها القانون لهذه المنظمات في مجال تمثيل الاجراء، وتأطيرهم والتفاوض باسمهم، وتوقيع اتفاقيات الشغل الجماعية، والمساهمة في تطوير القانون التعاقدي للشغل، ناهيك عن الحقوق والصلاحيات المخولة لمندوبي الاجراء بهذه الصفة كممثلين داخل الهيئات التمثيلية للأجراء على مستوى المقاولة..

عمليا تبقى الانتخابات المهنية والعمالية الآلية الوحيدة لفرز نخب تترافع عن الشأن الاجتماعي لدى الأطراف المعنية بالشغل، برغم تراجع الحريات النقابية وواقع التشرذم والبلقنة وضمور الوعي بأهمية العمل النقابي وطغيان المصلحية والنفعية.

مطلوب من الشغيلة المغربية في القطاع العام والخاص وشبه العمومي الانخراط الجدي والواعي في هذه المحطة لسببين أساسيين:

أ_ قطع الطريق أمام مرتزقة العمل النقابي.

ب_ الدفع باتجاه تمثيلية نقابية مناضلة ومكافحة.

ومطلوب من الإطارات النقابية بعد ذلك توحيد مطالبها ونضالاتها في أفق تحقيق  الشروط الموضوعية لتشكيل جبهة نقابية خدمة لمصالح الشغيلة المغربية ودفعا لتغول الإدارة وجشع الرأسمال.

على سبيل الختم:

السياسات ”النيوليبرالية” المفروضة على العالم المسمى ”ثالثا” مجازا، التي تتولى كبرها دول الاستكبار العالمي عبر المؤسسات المالية والرأسمال العابر للدول والقارات جعلت من شعوب العالم المستضعفة ”أقنان العصر” تستغل القوة العاملة للكادحين كيد عاملة رخيصة في المصانع والمزارع لإمداد الرجل الأبيض بحاجياته الصناعية والفلاحية بأبخس الأثمان.

فيما حكومات العالم المتخلف تلعب دور ”السمسار” الذي يقايض عرق القوة العاملة وفي أحيان كرامتها بفتات ما يجود به ”السيد الأبيض”.

دور النقابات في كل هذا يبقى أساسيا وحاسما، ليس في السباق نحو تحصيل التمثيلية فقط بل في تحرير القوة العاملة من الجشع والاستغلال.

هذا الدور لن يكتب له النجاح من دون توفر الشرط الذاتي أساسا والمتمثل في تطهير النقابات من المصلحية والريع، وتقوية الديناميات التنظيمية والنضالية بتفعيل أدوار الشباب والمرأة و محاربة الإقصاء والتهميش وفسح المجال واسعا أمام الكفاءات بعيدا عن التسييس ”السياسوي” للعمل النقابي ومن دون وصاية.