عقد مجلس الأمن الدولي جلسة خاصة بملف الصحراء يوم 21أبريل 2021، وإلى حدود اللحظة، لم يصدر أي بيان في الموضوع، من طرف الأمم المتحدة، وهذا ما يجعل المتتبع لملف الصحراء يطرح أكثر من علامة استفهام!

في انتظار أن تتضح الأمور أكثر في المستقبل حول جلسة المناقشة هاته(أما تدبير الأمم المتحدة الحصري لهذا الملف فلن يخرج عن المعتاد)، وفي ظل المعطيات المتداولة، يمكن تسجيل أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية، خلال المناقشات التي كانت في مجلس الأمن، لم يكن على درجة من الصرامة والوضوح(كما كان مأمولا) وذلك بما يتماشى والخطوات المتقدمة التي قامت بها إدارة الرئيس الأمريكي(السابق) دونالد ترمب والمتمثلة في إعلان سيادة المغرب على صحرائه.

فمن خلال ما يُتداول فموقف الولايات.م.أ اتسم بنوع من الليونة اتجاه البوليساريو، هذا ما عبر عنه(على الأقل) مضمون “مشروع الإعلان المشترك” والذي تقدمت به و.م.أ إلى مجلس الأمن.
فإذا كانت البوليساريو قد أعلنت عن انسحابها من اتفاق وقف إطلاق النار وعن عدم إلتزامها به، فإن هذا كان كافيا لكي تؤسس عليه الولايات المتحدة موقفها وتحمِّل المسؤولية الكاملة للبوليساريو والجزائر، باعتبار سلوكهما أصبح يشكل خطرا على الأمن والاستقرار في المنطقة، وتُضمِّن هذا الأمر في “مشروع البيان المشترك”، لكن بالعكس من ذلك، فحليفة المغرب(و.م.أ)، يبدو أن موقفها كان موقفا محتشما، بحيث اكتفت فقط بالاشارة إلى “تجنب التصعيد في النزاع..”! وهذا موقف، في الواقع، يضع أطراف النزاع على نفس المسافة.. وليس فيه ما يفيد أن هنالك ارتكان للموقف المغربي المشروع ومساندةً له.

فإذا كانت الولايات المتحدة لها “امتياز” صياغة مشاريع البيانات، والقرارات في هذا الملف(ملف الصحراء)، فقد كانت لها إمكانية أن تشير صراحة إلى من يسعى إلى خلق وضعية عدم الاستقرار في المنطقة، وهو ماتؤكده(أصلا)كل الوقائع وفي مقدمتها المعطيات التي تأتي في تقارير بعثة المينورسو.

إن امتلاك “صياغة مشاريع الاعلانات” يفتح للولايات .م.أ إمكانية تمرير موقفها “الجديد” بخوص الصحراء، لكن لم يظهر لحد الآن شيئ من هذا القبيل، فالمتداول، حاليا، أن نقاشات الولايات المتحدة الأمريكية داخل جلسة مجلس الأمن، ليوم (21 ابريل2021) ، لم تشير، لا من قريب ولا من بعيد، لأي إشارة تفيد بأن هناك قرار من واشنطن يعترف بسيادة المغرب على الصحراء. وهذا “التواضع” في إبراز الموقف الأمريكي،حقيقة، سيفتح الباب للعديد من التأويلات والتساؤلات!.
إن الموقف الأمريكي المتمثل في الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه يجب أن يظهر على جميع المستويات و يترجم في كل المحطات ذات الارتباط بملف الصحراء.

فلا جدال في أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر من الحلفاء التقليديين للمغرب، ولها مواقف متقاطعة مع المملكة المغربية تجاه العديد من القضايا الدولية وتجمعهما علاقات جد متطورة على كافة المستويات، لكن ومع ذلك يلاحظ، اليوم، أن هناك نوع من الغموض(لانقول التراجع!) يكتنف موقف الإدارة الأمريكية الحالية اتجاه ملف الصحراء وذلك عكس ما كانت عليه إدارة ترامب!.
المغرب يحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، من الادارة الأمريكية الحالية أن تُفعِّل ما ذهبت إليه الرئاسة الأمريكية السابقة حينما اعترفت، في عهد ترامب، بالسيادة المغربية الكاملة على صحرائه، هذا التفعيل يستدعي في الواقع موقفا صريحا ويتطلب وضوحا أكثر من طرف الولايات.م.أ وذلك، على الأقل، على مستويين أثنين؛ أولا على مستوى الأمم المتحدة(مجلس الأمن) باعتبارها الجهة المكلفة،حصريا، بتدبير هذا الملف، فكلما كان موقف الولايات المتحدة واضحا(افتراضا كما قام ترامب) من داخل هذه المنظمة، كلما كان ذلك في صالح تقوية الموقف المغربي أمام المجتمع الدولي وفي تعزيز الحقوق المشروعة له في صحرائه .
المستوى الثاني يتمثل في الاسراع في فتح القنصلية الأمريكية في الداخلة كتجسيد عملي/صريح للموقف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه.

دون تحقق هذين الأمرين سنكون أمام قراءات مختلفة للموقف الأمريكي، فهناك من سيعتبره “إيجابيا” للمغرب، وآخر سيعتبره “حياد إيجابي”، وآخر “تراجع”، وآخر سيعتبره يخدم موقف أعداء الوحدة الترابية.. وبين هذا وذاك تجد الدبلوماسية المغربية نفسها مطالبة بضرورة مواصلة مجهوداتها لربح الرهان وكسب مواقف الدول المؤثرة في صنع القرار على الصعيد الدولي!.