تصدرت مدينة طنجة العناوين في المدة الأخيرة، بسبب تسجيلها لإصابات ووفيات اعتبرت الأعلى وطنيا، وما رافقها من اكتظاظ على مستوى المؤسسات الاستشفائية، اضطرت معها السلطات إلى إنشاء مستشفيات ميدانية لاستقبال العدد الكبير من المصابين والمخالطين.

وحسب العديد من المراقبين، فإن مجموعة من القرارات التي اتخذتها السلطات بمدينة طنجة، كانت من الأسباب المباشرة لارتفاع عدد المصابين، حيث ظلت طنجة ولأيام تتصدر ترتيب المدن إلى جانب الدار البيضاء ومراكش، وهو ما ترك تأثيرات نفسية واقتصادية واجتماعية على ساكنة المدينة، زاد من تأثيرها إغلاق السلطات المحلية لجميع شواطئ المدينة في عز العطلة الصيفية كما تم تشديد الإجراءات بخصوص مختلف الفضاءات العامة.

ويمكن تسجيل مجموعة من الملاحظات بدون عناء كبير، بشأن الطريقة التي تعاملت بها السلطات المحلية مع هذه الجائحة، منذ بداية حالة الطوارئ منتصف شهر مارس الماضي.

ويأتي في المقام الأول، الضعف البين الذي أبدته السلطات المحلية، في قضية التواصل، فطيلة فترة الحجر الصحي لم تصدر ولاية طنجة أي بيان أو بلاغ أو توضيح بخصوص قرارات كبرى اتخذتها ولها تأثير مباشر على المواطن، وهو ما أثار العديد من الأسئلة بخصوص السياسة التواصلية لسلطات طنجة مع المواطنين، لكنها في المقابل اعتمدت على أساليب بالية، عبر تسريبات لمواقع إلكترونية محلية، أو عبر جمعيات مهنية لها علاقة بقرار معين حيث تتكلف بإصدار بلاغ مضامينه تكون في عمومها في حاجة إلى توضيحات أكثر، كما أنه لا يأخذ طابع الرسمية عند عموم المراقبين.

في المقام الثاني، إقصاء واضح لمختلف المؤسسات المنتخبة، التي وجدت نفسها على هامش الهامش، ولم يتم استشارتها أو اشراكها في أي ملف من الملفات رغم أنها قادمة من الصندوق الانتخابي،(جماعة طنجة، المقاطعات، الغرف المهنية، برلمانيو المدينة)، بالإضافة تهميش العشرات من الجمعيات الفاعلة والمؤثرة، بحيث انفردت ولاية طنجة باتخاذ وإصدار كل القرارات والمبادرات، وهو ما اشتكى منه بعض منتخبي المدينة، فقد قال النائب البرلماني محمد خيي الخمليشي للصحافة على هامش دورة ماي للمجلس الجماعي لطنجة، أنه لم يتم استدعاؤهم ولا إخبارهم بحضور وزير الصحة إلى مدينة طنجة في سياق ارتفاع عدد الإصابات بالمدينة، وأيضا عملية الشد والجذب التي حدثت بين مندوبية الصحة ومختلف الإطارات الممثلة للعاملين في المجال الصحي بطنجة، وهو أمر فيه الكثير من الاستغراب، كما أن التصريح الذي أعطاه مصطفى بن عبد الغفور النائب الأول لرئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لموقع “لكم” في وقت سابق، كان منتقدا وبشدة لعدم تواصل ولاية طنجة مع المنتخبين، ومعهم كفاعلين، حيث قال إن الكثير من القرارات لا يراها إلا في الإعلام المحلي كتسريبات.

في المقام الثالث، سياسة التجاهل التي تنهجها مندوبية الصحة بمباركة من السلطات الولائية، تجاه العاملين في المجال الصحي من أطباء وممرضين، وصلت ذروتها عندما تراجعت المندوبة الجهوية لوزارة الصحة عن حضور لقاء مع الإطارات الممثلة للأطباء، وفضلت الذهاب للقاء مسؤولين قدموا من الرباط، عوض الجلوس على طاولة الحوار مع من هم في الواجهة مع الوباء، خاصة بعد تسجيل العشرات من الإصابات بكورونا في صفوف الأطباء والممرضين، بسبب نقص في التجهيزات وأدوات التعقيم، وهو ما دفعهم إلى تنظيم عدد من المبادرات الاحتجاجية، وهو ما زاد من معاناة العاملين في المجال الصحي، الذي يعاني أصلا من قلة الأطر، من جهة وضعف البنية الصحية من جهة أخرى.

في المقام الرابع، اتخاذها لقرارات في منتصف الليل، وسرعان ما تتراجع عنها منتصف اليوم الموالي، وهو ناتج أساسا عن غياب سياسة تشاركية مع مختلف المعنيين من منتخبين وجمعويين وبرلمانيين، وتكتفي السلطات بالإخبار فقط، مع أن الأمر يحتاج إلى قرارات مبنية على معطيات وأرقام، وهو ما يعني ضعف وتردد السلطة المحلية، وعدم وضوح الرؤية لديها.

في المقام الخامس، تأتي الإجراءات المشددة على الفضاءات المفتوحة، في حين هناك فوضى على مستوى الفضاءات المغلقة، حيث تم إغلاق الشواطئ في حين هناك ازدحام على مستوى المسابح، التضييق على الجالسين في المناطق الخضراء في حين المقاهي بجانبها مكتظة، وغيرها كثير اعتبرت غير مفهومة بالمطلق.

في المقام السادس، يأتي قرار ترك ولا زال الكثير من اللغط، ولم تكلف السلطات المحلية نفسها عناء توضيحه، ويتعلق الأمر بإغلاق شواطي طنجة الجميلة، في عز العطلة الصيفية، ومما زاد من الغموض على هذا المستوى، هو السماح لكل المقيمين بطنجة الغير حاملين لرمز البطاقة الوطنية الخاص بطنجة، بالخروج والاستمتاع بشواطئ إقليم الفحص أنجرة المطلة على البحر المتوسط والعودة مساء إلى طنجة، في حين يبقى من غير المسموح لساكنة طنجة الحاملين لعناوين الإقامة بعروس الشمال محرومين من الاستجمام، وهو أمر زاد من الإحساس بالحكرة لدى الساكنة خاصة بعد ظهور شخصيات شهيرة وهي تستمتع بشواطئ طنجة الجميلة، كما أن الرواج الذي عرفه قطاع اليخوت بالشاطئ البلدي كان من الأمور التي حركت الاحتجاجات خاصة على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي مما دفع السلطات المحلية إلى التدخل بشكل عاجل لمنع استعمال اليخوت .