خلال الآونة الأخيرة، نشرت الكثير من المقالات التي سلطت الضوء على موضوع الاساءة للمملكة المغربية من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، واغلب الاقلام  التي كتبت حول هذا الموضوع، أغرقت الرأي العام بكم هائل من المعطيات، كان الغرض من إثارتها، هو إثبات أن العداء الإماراتي ضد المغرب له خلفية دبلوماسية، ترتبط في العمق، بمجموعة من المواقف التي عبرت عنها المملكة المغربية، ولم ترق للإماراتيين، من ضمنها، الموقف المغربي من الحصار الاقتصادي لدولة قطر، وإعلان  انسحاب المملكة من التحالف الخليجي ضد اليمن، واستمرار حزب العدالة والتنمية في تدبير الشأن العام،  وغيرها من المواقف التي دفعت الإماراتيين إلى إعلان الحرب على المملكة، من خلال توظيف الذباب الإلكتروني على مستوى منصات التواصل الاجتماعي، أو من خلال التقارير الإعلامية التي تنشرها وسائل الإعلام التابعة لها، أو تلك الممولة من طرفها!

بروز كل هذه المقالات دفعة واحدة، و بمنهجية إعلامية متشابهة، له تفسير واحد، وهو أن هناك استراتيجية إعلامية مضادة، للرد من جانب المغرب على استهدافه من طرف حليف الأمس، الذي كانت تربطه به علاقات وثيقة، إلى درجة أن جزء كبير من المحللين والمراقبين، كانوا  يطرحون في وقت سابق، علامات استفهام كبرى، حول أسباب تماهي المواقف المغربية الإماراتية على أكثر من صعيد؟

وفي هذا السياق، لا يمكن نسيان الزيارات المتبادلة التي كانت تتم على مستويات عليا في هرم الدولتين، وتلك التي كان يقوم بها رجال المال والأعمال في كلا البلدين، ومسؤولي الأحزاب السياسية أيضا، مثل الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ادريس لشكر، والامين العام السابق لحزب الاصالة والمعاصرة، الياس العماري، ورهط كبير من الإعلاميين والصحفيبن، بما في ذلك، من يكتبون اليوم مقالات ضد الإمارات!!

أين كانت كل هذه الاقلام الصحفية، عندما كان جزء مهم من الكتاب والصحفيين المغاربة، ومنهم من يقبع اليوم في السجن، يحذرون من مغبة ا لارتماء الكلي في الحضن الخليجي، ولاسيما، بعد سنة 2011؟ أين كانت عندما كان الأمني ضاحي خلفان يتدخل في الشأن الداخلي للمملكة؟ أين كانت عندما طلبت إحدى الجامعات الإماراتية في سنة 2015، من بعض طلبتها، السفر إلى المغرب من أجل دراسة الأمازيغية، في إطار برنامج دراسي لمدة سنة كاملة بالمعهد الملكي للأمازيغية؟

الاسئلة كثيرة ومتشعبة، ولكن بما أن هذا المقال قد خصص لمناقشة الاهتمام الإماراتي بالأمازيغية، فقد ارتأيت العودة إلى مقال نشره موقع هسبريس في سنة 2015، تضمن معطيات مثيرة، لم تأخد حقها من النقاش، رغم أنها تدعو إلى طرح الكثير من علامات الاستفهام!!

لقد ورد في في مقال الموقع السالف الذكر ما يلي: “ولَا يَعْرفُ حَمَدُ بالضبط لماذا اقترحتْ عليهم إدارة جامعة الإمارات القُدومَ إلى المغرب لتعلّم اللغة الأمازيغية لمُدّة سنة كاملة، غيْر أنّ كمال أوقا يوضّح أنّ عددا من الدول صارت تهتمّ باللغة الأمازيغية، بعْد ترسيمها لغة رسمية إلى جانب اللغة العربيّة في دستور 2011”.

السؤال المطروح في هذا الإطار: هل القانون المحدث للمعهد الامازيغي يسمح بتدريس الأمازيغية للطلبة الأجانب؟ واذا كان الامر كذلك، فهل سبق للمعهد ان فتح ابوابه في وجه وفود طلابية  أجنبية أخرى، أم أن الانفتاح قد اقتصر على الطلبة الإماراتيين فقط؟

هناك معطيات تفيد بأن العاملين في المعهد الملكي للأمازيغية، استغربوا لهذه المبادرة، لأن برنامج تدريس الأمازيغية  للإماراتيين لمدة سنة كاملة، كان عبارة عن برنامج خاص بهم كإماراتيين، ولم يسبق للمغرب على الإطلاق، أن قام بأي خطوة مماثلة، مع أي طلبة من أي دولة أخرى كانت، باستثناء بعض الدورات التكوينية المتقطعة التي كانت تنصب على تدريس حرف تيفناغ لبعض الموظفين!

لماذا اهتمت الجامعات الاماراتية بدراسة الامازيغية؟ لماذا اقتصرت المبادرة على الإماراتيين دون غيرهم خلال سنة 2015؟ وماهي الأبعاد الثقافية والدبلوماسية لهذه الخطوة؟ وهل تسمح قوانين المعهد بتدريس الأمازيغية داخل المعهد من الأساس؟ وهل كانت السلطات العليا على علم بذلك؟ وهل شمل البرنامج الدراسي كل مكونات اللغة الامازيغية ام ان الامر قد انصب على دراسة مكون معين دون غيره؟

لاشك، أن هناك الكثير من الغموض الذي يلف هذا الموضوع، لاسيما، وأن الاماراتيين، حسب المعطيات المتوفرة من مصادر موثوقة، رفضوا حين انتهاء البرنامج الدراسي، الذي استفادوا منه داخل المعهد الملكي للأمازيغية، إقامة حفل نهاية هذا البرنامج، واستدعاء الاعلام لذلك!