اولا فليعذرني الرفيق البراهمة على استعارة مصطلح ” الشناقة” ولو لحين لما له من دلالة آنية يختزل بعمق الدور الوظيفي التدميري الذي يقوم به أيتام الكوركاس الريفي اليوم على الساحة الريفية داخليا وخارجيا.

لقد طفح الكيل و بلغ السيل الزبى كما يقال و لن نرضى ان نكون قشة يتعلق بها الغرقى و المتسولون يتامى الكوركاس الذين يحملون شعار “أنا و بعدي الطوفان”إنما نحن اسفين سيدق بجدار سفينتهم المتهالكة لتهوى أسفل سافلين، رخينا الحبل مرارا و أدرنا ظهورنا لتفاهاتهم، و تركناهم يوجهون سهامهم السامة في محطات كثيرة منذ بداية الحراك الريفي الشعبي إيمانا منا بان مصلحة الريف فوق كل اعتبار ، و حفاظا منا على البيت الريفي من عبث الصبيان و الغلمان الذين تهشهم مراكز الإيواء المخزني كلما استدعت الضرورة ذلك ، يتهارشون ككلاب ضالة أصابها الجرب عل عين تبصر خستهم فتكرمهم بفتات الريع الذي اعتادوا أخذه مقابل خدماتهم الدنيئة ، يتسابقون للنيل من الأحرار و التكشير عن أنيابهم التي نخرها سوس الحانات الرخيصة عند أي منعطف صعب يمر به شعب الريف.

فالخيانة إضافة الى أنها جينات حربائية متوارثة تتلون عبر الحقب التاريخية هي صناعة أيضا تتكفل بها المختبرات المخزنية المختصة بتدوير النفايات وفقا للطلب الذي تفرضه الظرفية التاريخية الحرجة التي نمر بها، وهكذا رأينا ومنذ انطلاق الحراك كيف سعوا إلى شيطنة رموز الحراك والتشكيك في اهدافه ولاحقا انخرطوا علنا وسرا في فض الغطاء الحقوقي و النخبوي عن ناشطي الحراك ليسهلوا عملية التدخل القمعي والاختطافات .

فكلما استهلكوا من طرف أسيادهم الا و أعيدت صناعتهم من جديد بوجوه ثعلبية ماكرة لا تتقن غير الخداع و الصيد في الماء العكر و كيل الاتهامات جزافا و توزيع صكوك الاستحكام بينهم، فكما يقول أفلاطون “الصالحون لا يحتاجون قوانين لكي يتصرفوا بمسؤولية، بينما الفاسدون سيجدون طرقا كثيرة للتحايل و الالتفاف حولها” لذلك فالطريقة المثلى للرد على هؤلاء هي التجاهل ثم التجاهل ثم التجاهل عملا بمقولة”علاج الجاهل هو التجاهل” أما حلول الشرفاء فلا ينفع مع هؤلاء و اي فرصة تمنح لهم لمراجعة ذواتهم كمن ينتظر من العقرب ان تصبح ودودة ..

هم على أهبة الاستعداد لبخ سمومهم حتى دون انتظار الضوء الأخضر من أسيادهم ظنا منهم بأن تدويناتهم الاستباقية هي من سيتحكم في مجرى الأحداث لاحقا و كما وجهوا اصابع الاتهام للخارج قبل ان يفعل النظام في خضم الحراك الشعبي و أدموا خاصرة الريف بطعناتهم و لفقوا من التهم ما لفقوه من قبل ان تقول المحكمة كلمتها و ساهموا في تضييق الخناق على الاحرار داخل المعتقلات بتحليلاتهم البئيسة التي تفوح من كلماتها رائحة التشفي ، هاهم مرة أخرى يكررون نفس السيناريو و هذا دأبهم عند أي جديد يمر به الشأن الريفي. و ما حدث بطنجة أخيرا كشف عن حقدهم الدفين تجاه الذوات الريفية الحرة الأصيلة التي تتمسك برمز الحراك ناصر الزفزافي لكسرها و تلويثها من أجل اخراسها بما في ذلك السيد أحمد الزفزافي و من خلال هذا المخطط يطمحون لعزل ناصر و من معه براس الماء ليتسنى لهم إضعافهم و التأثير على صمودهم الاسطوري و إخضاعهم لإملاءاتهم .

ما حدث كان من الممكن ان يعتبره أي متتبع فعلا عرضيا و اي عاقل له غيرة على نساء الريف كان سيساهم في احتواء هذا الخبر و انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات لا أن يعمم نشره بمواقعهم و بأسلوب تشهيري رخيص. لكن تداعيات الموضوع يجعلنا نقف لنطرح أكثر من سؤال ، فمنذ اللحظات الأولى لإعلان الخبر سارعت هذه الأبواق و في وقت وجيز و بشكل متزامن بينهم لتنصيب أنفسهم كمسؤولين عن السجن و استبقوا نتائج التحقيق الذي هو مسؤولية النيابة العامة الذي كان من المفترض ان يكون بين الشخصين المعنيين بالأمر و راحوا يوزعون الاتهامات هنا و هناك و ربط الحدث مرة أخرى بالمخطط الخارجي هكذا بكل سفالة و بدون مقدمات، كانوا يتعمدون أن يوسعوا رقعة هذا الحدث بإثارة الضجيج لتحويل الأنظار الى طنجة و نسيان ما يحصل لأحرار فاس الذين يقاومون الموت و الحصار في ظل الانتقام الرهيب الذي يمارس ضدهم من طرف زبانية النظام ، و ممارسة أكبر ضغط ممكن على أحمد الزفزافي ليتخلى عن رسالته السامية و دوره الجبار في ايصال صوت الحق، صوت المختطفين و صوت معاناة عائلاتهم للمنابر الحقوقية و المواقع الحرة ، و بالتالي يتوارى كل صوت حر يؤمن بناصر قائدا و رمزا حراكيا لا بديل عنه و اشاعة الفوضى و الصراعات الجانبية لنسف كل مجهود يصب في فضح الممارسات المخزنية و أذرعها المخابراتية بكل مكان.

هؤلاء الشناقة دورهم هو تشتيت عائلات المعتقلين و اضعاف جبهتهم و بالتالي هدم الجدار الذي يحمي و يسند ظهر المختطفين ، يعملون ليل نهار لتجفيف أي مصدر قد يمدهم بالصمود و نسف كل بؤرة ضوء قد تساهم في رفع معنويات الأحرار القابعين داخل اقبية الابارتهايد.

نحن أمام أخطبوط خطير يعمل على إذلال المعتقلين و ضرب مكانتهم داخل المجتمع و لدى الرأي العام و تلطيخ صورهم النقية بالدسائس و زرع الفتنة بينهم من أجل ان يروج لفكرة ان الحراك لم يكن الا وهما ، و أولئك الذين راهن عليهم المجتمع الريفي ليسوا الا زيفا و مجرد صعاليك منحناهم اكثر من حجمهم الطبيعي ، لذا نهيب بكل الذوات الحرة أن تتصدى لهذا المخطط الشيطاني الذي يهدف لقتل المعتقلين رمزيا ثم نسف الحراك من الداخل و قتل الفكرة و اقتلاعها من جذورها .

على عائلات المعتقلين قبل غيرهم تكثيف الجهود لتوحيد صفوفهم و الاصطفاف حول هدف واحد و موحد فأبناؤهم هم أمانة في رقابهم قبل غيرهم و الذود عليهم بالغالي و الرخيص كي لا يتركوا عزلا بوجه نبال الخونة و المتخاذلين.

علينا ان نشتغل جميعا كل من موقعه حقوقيون و مهتمون كي نرفع الحيف الذي طال الأحرار و نصدح بكلمة الحق عاليا في وجه قلاع الباطل التي شيدت على مآسي الناس الطيبين و أنات امهات الاحرار المكتومة و جمر جحيم الفقد الذي يكوي الاكباد.

لاهاي في 13 ديسمبر 2019