يقول المواطن بتذمّر شديد بعد خروجه للتّو من باب شركة التأمين:  ليت المطر لم يسقط وليت الملعب لم تجرفه السيول !!

هذا رسم التضامن ضد الوقائع الكارثية يعتبر واحد من كوارث الزيادات التي انطلقت في عهد بنكيران خادم صاحب الجلالة كما كان يحب أن يطلق على نفسه، ضريبة جديدة أطلقها العثماني ضاحكا مستبشرا وراجيا للمواطنين المغاربة خاصة أصحاب العربات والسيارات مزيدا من الأجر والثواب إنه سميع مجيب. لا يعرف هذا المواطن المسحوق مدى جدّية هذه الحكومة وبالضبط العثماني وآله وصحبه في محاربة الفساد الذي صدّع به رؤوسنا في كل مناسبة و غير مناسبة. يصرّح كثير من المواطنين أنهم ليسوا ضد الضرائب التي تنهجها الحكومة لجلب مصلحة او درء مفسدة، لكن هل كل الضرائب التي تساقطت كالأحجار مباشرة بعد عام إحدى عشر وألفين لا تعرف إلا عنوان أصحاب الدخل المحدود وتتغافل عن الأموال والامتيازات التي يحظى بها الوزراء ؟ هل هذه الضريبة التي جاءت تتدحرج كجُلمودِ صخرٍ حَطّهُ السيلُ من علِ لم تجد من يدفعها إلا هؤلاء؟ ام أن مشروع الحزب ليس فيه إلا هذه الثابتة القطعية رضعوها و أرضعوها في لقاءاتهم، ألا وهي الزيادة في كل شيء حتى يلج الجمل في سمّ الخياط.

زيادات وضرائب تكاثرت مثل الفيروسات في السنوات القليلة الماضية ولم تجد من يكافحها، اللهم بعض الأصوات هنا وهناك لم تفي بالغرض لأنها ببساطة ليس لديها القدرة على قتل فيروس واحد. ناهيك أن مبيدات المناضلين والصحافة الحرّة لا تقضي على الفيروسات التي تتوالد داخل المجلس الوزاري وتتغذى في قبة البرلمان، فتخرج ” الضريبة الفيروس” كلها قوة ونشاط وحيوية وكأنها خرجت لتوّها من نادي رياضي لكمال الأجسام. إذن فمن يجرؤ على وقف ضريبة فُرضت بعد تصفيق و دون تضييق من أخٍ أو رفيق!!

ازدادت هذه الضريبة ورأت النور على واقعة السيل الذي جَرفَ ملعبا في أحد الجبال نواحي تارودانت فكانت ردّا و جوابا من الحكومة على أسئلة بعض البرلمانيين، مفادها أننا سنطبق ضريبة يدفعها المغاربة من جيوبهم المثقوبة لتغطية هذه الكوارث طوعا وكرها وبرضوخ تام و نهائي. نزلت هذه الضريبة بعد المصادقة عليها من طرف البرلمان كالصاعقة بثقلها على صدر الموطن ك “بوغطاط” الذي لا يراعي لا عجوز ولا طفل، يكفي أن يكون نائما.

ولأن الحكومة تعلم جيدا أن جل المغاربة كانوا نائمين ، فكان من السهل عليها تطبيق هذه الضريبة دون ضوضاء، يكفي أنه حينما يتجه المواطن نحو أي شركة التأمين لتأمين سيارته أن يجد نفسه ملزما بدفع مائتا درهم على اقل مساهمة، وإن رفض ذلك فلا تأمين له، وبالتالي لا حركة له.

إن كانت هذه سياسة من يحسب نفسه يقود حكومة، فلا أعتقد أن جدتي رحمة الله عليها كان يصعب عليها قيادة الحكومة. وقد أشار العثماني في أحد لقاءاته الحزبية أن ما دام قد وجد نفسَه رئيسا للحكومة، فكل مغربي يستطيع أنه يكون رئيسا للحكومة. والعثماني يعي جيدا ما يقول لأنه لا يكلف نفسه عناء الابتكار والجد والاجتهاد، ففقراء المغرب ومساكينه يدفعون عن كل رزية وضائقة و يملؤون كل صندوق نهشته الصراصير أو التهمته التماسيح. التماسيح التي ظَلّ بنكيران يشير إليهم من تحث عباءته حتى رضي عنهم وعفا عنهم ورضوا عنه، ففاز بتسعين ألف درهم في الشهر جزاءا وفاقا.

أتساءل هل هذه الضريبة كانت ضرورية لهذه الدرجة؟ أم أن حكومة العثماني لا يهدأ لها بال إن لم تثقل المواطنين المغاربة المقيمين بالمغرب ببعض الزيادات، أم أنها تشعر وحيدة إن لم تزيد بعض الضرائب، إسوة بذلك الإمبراطور الروماني” كاليجولا” الذي طغى وتجبر لدرجة الجنون كما حكى عنه التاريخ، فكان يقول ” أشعر بأني وحيد إن لم أقتل” ويقول أيضا ” لا أرتاح إلا بين الموتى”.  قد يكون تعبيري فيه مبالغة كبيرة، لكن الحقيقة لا تخفى على كل مواطن الذي يشعر أن كاليجولا ما زال يعيش بيننا في دماء من يقود الحكومة. فيمكن القول أنه يتلذذ بالزيادات ويرتاح لكل وجع يصيبنا دون أي مراعاة للظروف المزرية والقهر الذي نكتوي بناره.

يرى خبراء الاقتصاد أن الدولة التي لا تفكر إلا في فرض الضرائب فهي دولة فاشلة، لأنها تفتقد إلى رؤية اقتصادية قوية التي تتجلى في معدل النمو بانفتاحها على الاسواق العالمية وبمنافستها الصناعية والزراعية، وبقوة تعليمها الذي يؤهلها إلى خلق كفاءات علمية محلية تكون بمثابة السلاح الذي لا يصدأ.

خلاصة القول إنهم سيستمرون في وضع أيديهم في جيوبنا كلما سنحت لهم الفرصة مثلما يفعل اللصوص، سيرهقوننا بالضرائب والاقتطاعات ولن يتوقفوا ماداموا في الحكومة ولن يجد العثماني وحكومته ومريدوه أي حرج في تبرير ذلك حتى ولو فرضوا ضريبة على كل قدم تمشي على الأرض، قالوا إن الأجر مقابل العمل لكن بطونهم وأفواهم مفتوحة لالتهام المزيد من الريع والمكاسب وسرقة الحلوى في اكياس بلاستيكية شفافة.