تتقاطر في الآونة الأخيرة على رؤوس مستشارات ومستشاري التوجيه التربوي سلسلة من المذكرات التنظيمية لمجال التوجيه، بدءا بالمذكرة 22*17 بتاريخ 06 مارس 2017 إلى القرار الوزاري رقم 19-062 بتاريخ 07 أكتوبر 2019 وصولا إلى المذكرات رقم 19*105 بتاريخ 08 أكتوبر 2019 حول الارتقاء بالممارسة التربوية في مجال التوجيه المدرسي والمهني والجامعي و19*106 بنفس التاريخ لإرساء العمل بالمشروع الشخصي و19*114 عن الأستاذ الرئيس بنفس التاريخ أيضا…وما تزال اللائحة مفتوحة.

والملاحظ في هذه المذكرات هو نزوعها إلى الجانب التدبيري الصرف على حساب الجانب التربوي من عملية التوجيه رغم الإشارات المحتشمة إليه هنا وهناك.

بمعنى آخر، فهذه المذكرات وكما أشرنا إلى ذلك سابقا – أنظر مقالنا في الموضوع تحت عنوان ″وماذا بعد المذكرة 22*17 ؟″ بالموقع بتاريخ 19 مارس 2018 – لا يهمها التلميذ المغربي بقدر ما يهمها بالدرجة الأولى الضبط الإداري لمستشاري التوجيه العاملين بالقطاعات المدرسية والذين يسود اعتقاد راسخ في أوساط غالبية موظفي الوزارة على أنهم موظفون أشباح – راجع مقالنا في الموضوع تحت عنوان ″الاستشارة والتوجيه التربوي : الأزمة المفتعلة!″ بالموقع بتاريخ 30 شتنبر 2017 – وبالتالي فالأولوية قبل كل شيء هي تدبير هذا المجال بمنطق الأزمة لا غير والابتعاد عن فتح ورش وطني حقيقي حول منظومة التوجيه التربوي بمشاركة أطر التوجيه والخبرات الأجنبية من الدول الرائدة في هذا الميدان ككندا مثلا. بل وأكثر من ذلك، يتم تهريب المذكرات المذكورة عن أنظار المستشارين العاملين بالقطاعات المدرسية والتحايل بشتى الوسائل  لتمريرها من طرف مسؤولي الوحدة المركزية للإعلام والتوجيه.

فهل بالمذكرات الورقية والتراسل الإداري سيتم النهوض بمنظومة التوجيه التربوي؟

مع العلم أن واقع الممارسة الميدانية لم يتغير منذ عقود وبقي كما هو بنفس الظروف ونفس الاكراهات والمشاكل المادية والبشرية.

ورغم كل هذا، فلنسلم جدلا بأن هذه المذكرات ستصلح ما أفسده الدهر بجرة قلم سحرية ولننظر مثلا في المهام الموكولة إلى من يقع على عاتقهم التنزيل الحرفي لهذه المذكرات أي مستشاري التوجيه العاملين بالقطاعات المدرسية.

تسهب المذكرة 22*17 في التدخلات الأساسية لأطر التوجيه التربوي كالتالي :

– تجميع المعلومات والمعطيات ذات الصلة بالدراسات وعروض التكوين المتاحة ومتطلبات سوق الشغل وحاجياته المستجدة بما يقتضيه ذلك من انفتاح وتواصل وتنسيق على المستوى المحلي مع المؤسسات المعنية بهذه الدراسات والتكوينات ومع المهنيين.

– تقديم خدمات الإعلام المدرسي والمهني والاستشارة بشكل منتظم للمتعلمين لمساعدتهم على بلورة اختياراتهم الدراسية والتكوينية والمهنية ومشاريعهم الشخصية مع ايلاء الأهمية اللازمة للمكون المهني بمساراته وآفاقه وذلك بجميع المستويات التعليمية بالمؤسسات الثانوية المسندة إليهم.

– التنسيق مع الإدارات التربوية بالمؤسسات الثانوية المسندة إليهم لاستثمار المعطيات المتعلقة بتتبع الأوضاع التربوية والتعليمية والسيكولوجية والاجتماعية والصحية للمتعلمين في تدخلاتهم في نطاق المهام المنوطة بهم.

– تنسيق جميع أنشطة التوجيه المدرسي والمهني المنجزة من طرف المؤسسات الثانوية المسندة إليهم وتنسيق عمل المجالس الخاصة بالتوجيه ولجن إعادة التوجيه ولجن الاختيار الأولي ولجن إرجاع المنقطعين والمفصولين المنعقدة جميعها بهذه المؤسسات وفق المساطر الجاري بها العمل.

– تقديم الدعم التقني للمؤسسات الثانوية المسندة إليهم لمساعدتها على إدماج بعد التوجيه المدرسي والمهني ضمن برامج عملها ومشاريعها التربوية في إطار المجلس التربوي ومجلس التدبير وكذا ضمن البرامج الدراسية المقررة وأنشطة الأندية التربوية.

– المساهمة في تفعيل الشق الخدماتي المتعلق بالتوجيه المدرسي والمهني من برنامج عمل مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه وفق جدولة تضعها هذه الأخيرة بتنسيق معهم.

– تقديم خدمات الدعم التربوي والنفسي والاجتماعي للمتعلمين بطلب من مدير المؤسسة وكذا المساهمة في أنشطة التقويم والدعم التربوي والنفسي والاجتماعي المبرمجة من طرف المؤسسات التعليمية وفق المساطر والآليات الموضوعة لهذا الغرض.

وفي المادة 34 من القرار الوزاري ″ يشكل المستشارون في التوجيه التربوي والمستشارون في التوجيه المهني الركيزة الأساسية للموارد البشرية التي يتعين تعزيزها وتقوية قدراتها وتعزيز التنسيق بينها للاضطلاع بأدوارها كاملة في هذا المجال″

وفي المذكرة 19*105 يرتكز الارتقاء بالممارسة التربوية في مجال التوجيه على ″العمل التخصصي″ لمستشاري التوجيه من ″مواكبة تخصصية″ ″مباشرة″و″غير مباشرة″ فصلت فيها المذكرة 19*106 من اجل إرساء المشروع الشخصي للمتعلمين بتنسيق وتشاور مع ″الأستاذ الرئيس″.

وكمسك الختام مراسلة إلى مدراء الأكاديميات والمديريات الإقليمية بتاريخ 09 أكتوبر 2019 رقم 19/0734 بضرورة تفعيل العمل بجميع النصوص التنظيمية بشأن التوجيه المدرسي والمهني والجامعي -هكذا دفعة واحدة- ″ايفاء بالتزامات الوزارة في هذا المجال أمام صاحب الجلالة نصره الله يومي 17 شتنبر 2018 و12 شتنبر 2019 بمناسبة الدخولين المدرسيين 2018-2019 و2019-2020 ″ كما ورد في المراسلة.

والسؤال الذي غفل أو تغافل عنه واضعو هذه النصوص التنظيمية هو كالتالي :

– هل مبلغ 260.00 درهما الذي يحول شهريا إلى مستشاري التوجيه كتعويض عن المهام المذكورة آنفا قادر على تحقيق معجزة إرساء نظام ناجع ونشيط للتوجيه المدرسي والمهني؟

مع العلم وللتذكير وكما أشرنا إلى ذلك مرارا وتكرارا في مواضيع مختلفة فمستشارو التوجيه هم الفئة الوحيدة التي لا تتقاضى تعويضات جزافية عن التنقل الدائم بين مؤسسات القطاع أسوة بباقي موظفي الوزارة من اطر إدارية أو تربوية كالمديرين والمفتشين…وتنفق من مالها الخاص على النقل والهاتف…

إنها لمزحة ثقيلة وسمجة أن يتم الالتزام أمام الملك بهذا الورش الضخم على الأوراق فقط دون النظر إلى ظروف العمل في حدها الأدنى.

لكن وكما يقال، إذا لم تستح فافعل ما شئت…