“استخدام التشهير الأخلاقي في حق صحافيين منتقدين وناشطين في مجال حقوق الإنسان عبر ملاحقات قضائية في قضايا ذات علاقة بالحياة الخاصة ينظر إليها في الغالب باعتبارها ذات دوافع سياسية، يسهم في تقييد التغطية الصحافية النقدية”، هذا ما خلص إليه تقرير حول الإعلام المغربي، أعدته فاطمة العيساوي، الباحثة بـ”مركز الشرق الأوسط” التابع لـ”كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية”، والذي تم عرضه اليوم الثلاثاء 31 ماي الجاري بـ”مركز تواصل الثقافات” بالرباط.

وأضاف ذات التقرير، الذي عالج موضوع “الإعلام المغربي..مابين الوضع الراهن والتغيير”، أن “الدستور الجديد كرس بعض الحقوق الأساسية، إلا أن الفرق الشاسع بين النص الدستوري والممارسة العملية جعل عملية تحرير الإعلام مساراً غير متناسق بتوجهات متناقضة”، مشيراً إلى “قدرة المحظورات ‘المقدسة’ على الصمود في وجه التغيير، تحد من إمكانيات العمل الصحفي الاستقصائي بالموضوعات المسموح تناولها بعيداً عن القضايا ذات الصلة الوثيقة بالسلطة”، موضحاً أن “غياب البنية التنظيمية الكفيلة بحماية الانفتاح الإعلامي غير المقنن يجعل من هذا الانفتاح بنية هشة وفريسة لسياسات النظام التكتيكية”.

وانعكست الدينامية الجديدة في المجال السياسي في “استقطاب إعلامي يعكس الصراع بين التوجهات المحافظة وتلك الحداثية في المجتمع المغربي”، ورغم إسهام هذا الاستقطاب في تعزيز التنوع في مضمون الإنتاج الإعلامي إلا أنه “يغذي التوجهات نحو الشعبوية والإثارة في الإنتاج الإعلامي”.

في نفس السياق، ترى العيساوي، معدة التقرير، أنه لا يمكن عملياً للصحافة الاستقصائية أن تزدهر في “مناخ السيطرة على الإعلام” السائد حاليا بالمغرب، بحيث يشكل فرض عقوبات قضائية وغرامات باهظة، فضلا عن المقاطعة الاقتصادية من جانب المعلنين، “عائقا جديا أمام العمل الصحافي المستقل”.

كما أن “عادات الرقابة الذاتية الراسخة في أوساط الصحافيين والخوف من التغيير يجعلهم غير راغبين في التخلي عن عادات التملق للنظام في التغطية الصحافية”.

وتساهم وسائط الإعلام الحديثة والمواقع الإخبارية الإلكترونية في تقديم “خطاب بديل للخطاب المهيمن في الإعلام التقليدي”، كما باتت صفحات موقع “الفيسبوك” تستخدم “منصة للتغيير السياسي”، إلا أن “الإعلام الحديث يستخدم أيضاً للدعاية للنظام والتشهير بمعارضيه ونشر الشائعات”، بحسب ما جاء في التقرير.