قال الصحفي أبو بكر الجامعي إن الدولة تستغل مسائل “أخلاقية” لحبس الصحفيين أو دفعهم لمغادرة البلد.

واعتبر الجامعي الذي كان مديرا لجريدة “لوجورنال” أن اعتقال سليمان الريسوني ليس مفاجئا، لأنه أحسن كاتب للافتتاحيات في المغرب حاليا.

وأوضح الجامعي في الندوة التي نظمتها قناة “الريفيزيون”، أمس الثلاثاء، أن سليمان الريسوني إنسان صريح في تحاليله، وامتلك الشجاعة للحديث عن حقيقة السلطة وبالتالي فهو يزعج الماسكين الحقيقين بالسلطة.

وأشار أن مواقف الريسوني لم تكن جريئة فقط بل كانت صائبة، وهذا ما لا يمكن أن تقبله الدولة على حد تعبيره.

وأبرز الجامعي أن المشاكل الحقيقة للصحافة بدأت مع “العهد الجديد”، فحتى ترتيب المغرب في مؤشر حرية الصحافة الذي تضعه منظمة “مراسلون بلا حدود” كان في السنوات الأخيرة من حكم الحسن الثاني أحسن مما هو عليه اليوم.

واعتبر أنه في السنوات الأخيرة من حكم الملك الحسن الثاني عاش المغرب انفتاحا سياسيا حقيقيا، طبعا هذا لا يعني الديمقراطية، لأنه جاء نتيجة لتراكمات سنين من النضال دفع ثمنها العديد من المناضلون المغاربة.

وشدد الجامعي على أن الملك الحسن الثاني كان “ميكيافيليا بالمعنى السياسي للكلمة، وكان يعي جيدا موازين القوى”.

وأكد أن الصحافة في المغرب تشهد تدهورا منذ عدة سنوات، لكن الجديد حاليا هو استعمال “أدوات أخلاقية” شبيهة بما كان يستخدمه زيد العابدين بنعلي في تونس.

وأضاف “السلطة ابتكرت وسائل جديدة للنيل من سمعة الصحفيين والمناضلين وهي دنيئة وغير مقبولة، لذلك لم أفاجأ بما وقع لسليمان الريسوني”.

وأبرز الجامعي أن الشخص الذي رفع دعوى ضد الريسوني له الحق في أي يتقدم شكوى فيمن يريد لكن السياق في المغرب مختلف، لأننا لا نتكلم عن دولة ديمقراطية تصون حقوق مواطنيها، بل نحن أمام سلطة تستعمل القانون كسلاح، وهذا ينفي المعنى الفلسفي للقانون.

وأكد أن هذه الممارسات لا تمس بسمعة الريسوني أو الصحفيين، بل تمس في العمق بسمعة الدولة والقضاء والشرطة، لأنه عندما يستعمل القانون بصفة انتقائية يفقد المواطنون الثقة فيه، وهذا ما ينقص من هبة الدولة وشرعيتها.

ولفت الجامعي إلى أن المغرب يختلف عن بلدان المنطقة في نوعية سلطويته، صحيح هو أقل سلطوية من بعض البلدان في المنطقة ولو أن بعض البلدان مثل تونس تجاوزتنا وما يقع في الجزائر مهم ويبشر بالخير، لكن السلطة في المغرب مازالت توهم الخارج والرأي العام الغربي وحتى بعض الفئات في المغرب أنها أحسن حل الآن في ظل الإكراهات التي تعيشها المنطقة.

وشدد على أن السلطة لا يمكن أن تواجه سليمان الريسوني على أساس مقالاته أو انتقاداته التي هي في الأساس الفكري سليمة، لأنه ليس لديها الأدوات الفكرية المقنعة للرد عليه.

كما أنها أكثر حساسية إزاء الرأي العام الغربي مقارنة بالرأي العام في الداخل، ففي قضية “هاجر الريسوني” كان المغرب يسوق لنفسه في الغرب أنه حامي للنساء وللحريات الفردية، لكن قضية “هاجر الريسوني” فضحته، ولهذا تم استدراك الخطأ بسرعة وجاء العفو عنها، لأن الثمن التسويقي لصورة السلطة في الخارج كان مرتفعا جدا.

وأضاف “مع سلميان الريسوني تم قلب الآية وأصبحوا يروجون أن الحقوقيين في المغرب لا يحترمون حقوق المثليين، لأنهم يعرفون أن هذا ستكون له رنة إيجابية مع الأسف في الخارج، لأن السلطة أظهرت نفسها كحامية للأقليات الجندرية”.

وتابع “السلطة تريد أن تلاقي راس مع راس، أي أن تجعل طيفا من الحقوقيين يقعون في مواجهة المثليين، وهذا هو الفخ الذي يجب أن لا نقع فيه”.

وشدد الجامعي في نفس الوقت أنه لا يمكن للمثليين أن يختبؤوا وراء السلطوية للدفاع عن حقوقهم.

وأوضح أن سليمان الريسوني يجب أن تحمى حقوقه كمناضل ديمقراطي، وفي نفس الوقت يجب أن تحمى حقوق الأقليات الجندرية.