ما إن تم الإعلان عن تعيين فيصل بن حسن طراد، سفير السعودية لدى الأمم المتحدة في جنيف، رئيسا  للجنة الخبراء المستقلين بمجلس حقوق الإنسان، حتى ثارت ثائرة عدد من المنظمات الحقوقية التي رأت في هذا التعيين منعطفا خطيرا في أداء المؤسسة الأممية بجنيف وغلبة للمصالح الاقتصادية على المنظومة الأخلاقية التي “تتغنى” بها المؤسسات التابعة للأمم المتحدة.

فما هي أهمية هذا المجلس ولجانه؟ ولما هذا الخوف الدائم من تغلغل المملكة العربية السعودية في المؤسسات الحقوقية الدولية؟

أمر مشين؟

منذ سنتين حازت المملكة على 140 صوتا، في مجلس يعتبر الهيئة الحكومية الدولية الأهم ضمن منظومة الأمم المتحدة، والذي يهدف حسب الأمم المتحدة إلى تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في كل بلدان العالم. كان الأمر مستغربا بالنسبة للذين لا يعلمون أن مندوبي الدول هم من يصوتون لبعضهم البعض و أن التصويت تحكمه المصالح بعيدا عن الصيغة المدبجة في صكوك المجلس والتي تقول أنه “يتعين على الدول الأخرى أن تأخذ في الاعتبار إسهام المرشحين في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، فضلاً عن تعهداتها الطوعية والالتزامات التي تعهدت بها”.

عضوية السعودية في المجلس منذ سنتين وانتخاب مندوبها الرسمي الأخير يعد حسب الرياض تتويجا للمجهودات التي أنجزت في مجال حقوق الإنسان غير أن للمنظمات الحقوقية وجهة نظر أخرى. الكسندرا الخازن، رئيسة مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة مراسلون بلا حدود، وصفت هذا التعيين بـ “العمل البشع”، مؤكدة “أنه لأمر مشين أن يُسمح للمملكة العربية السعودية، وهي واحدة من أكبر الدول المنتهكة لحقوق الإنسان في العالم، برئاسة هذا الفريق“.

حساسية المنصب الجديد التي حازته السعودية في المجلس الحقوقي نابعة من أن رئاسة هذه لجنة الخبراء المستقلين تمنح للرياض مركزا مؤثرا يعطيها حق اختيار المتقدمين من حول العالم لأدوار الخبراء في الدول التي تراقب فيها الأمم المتحدة حقوق الإنسان.

رائف و الآخرون

من بين ابرز الأصوات المنددة بالقرار كان صوت إنصاف حيدر، زوجة المدون السعودي المسجون رائف بدوي، والمحكوم عليه أيضا بـ1000 جلدة حيث وصفت حيدر، في تصريحاتها الصحافية، القرار بأنه “فضيحة”، مضيفة أن المصالح المتعلقة بالنفط تغلبت على حقوق الإنسان. وأكدت حيدر على أن “منح الدبلوماسي السعودي فيصل بن حسن طراد لهذا المنصب هو ضوء أخضر للمملكة لجلد زوجي مرة أخرى”.

غير أن رائف ليس الملف الوحيد الذي يحرج العربية السعودية في المحافل الدولية حيث تحتل المملكة العربية السعودية المرتبة 164 من أصل 180 في مؤشر حرية الصحافة الذي تصدره منظمة “مراسلون بلا حدود” كما أن الهيئات المناهضة لعقوبة الاعدام تقول أن 123  شخصا تم إعدامهم في السعودية منذ مطلع هذا العام، وكانت منظمة العفو الدولية قد نددت بـ “العيوب” التي تشوب النظام القضائي في السعودية مطالبة سلطات المملكة بتجميد تنفيذ أحكام الإعدام إذ جاء في تقارير المنظمة ان المملكة أعدمت مائة وشخصين على الأقل في النصف الأول من 2015 مقابل 90 شخصا أعدمتهم في الفترة نفسها من 2014، أي ما معدله إعدام محكوم واحد كل يومين وغالبيتهم بقطع الرأس. وأكدت منظمة العفو الدولية أن غالبية الذين أعدموا في السنوات الأخيرة في المملكة دينوا بارتكاب جرائم غير مميتة. وأضافت أن السعودية أعدمت 2208 أشخاص على الأقل في ثلاثة عقود، من يناير 1985 ولغاية يونيو 2015، غالبيتهم تقريبا أجانب، وبينهم أحداث ومصابون باضطرابات عقلية.

يرجى العودة قريبا..

السعودية تعتبر هذا النوع من التقارير تطاولا على شؤونها الداخلية وحقوقها السيدية وانتقاضا من الشريعة الاسلامية كما تفهمها ومساسا باستقلال قضائها، وفق ما جاء في مداخلة فيصل بن حسن الطراد في إجتماع الاثنين الماضي لمجلس حقوق الانسان.

الجديد في دورة المجلس الحالية هو خروقات خارجية تتهم بها السعودية حيث تسعى عشرات المنظمات اليمنية في هذا الاجتماع إلى إنتزاع قرار دولي من المجتمعين لإجراء تحقيق مستقل بشأن ما تعتبره  عدوانا سعوديا واستخدامها لأسلحة محرمة دوليا.

أنشأت المملكة العربية السعودية مؤسسة اصطلحت عليها “هيئة حقوق الإنسان” غير أن كل محاولة للتعرف على ماهية الهيئة وتقاريرها، عبر الدخول للنوافذ الموجودة بالموقع الالكتروني الرسمي، تجابهها العبارة التالية “تحت الانشاء، محتوى الصفحة غير جاهز يرجى العودة قريبا”.