قام العاهل الإسباني الملك فليبي السادس اليوم الثلاثاء بحل البرلمان بغرفتيه ( مجلس النواب ومجلس الشيوخ ) والدعوة إلى إجراء انتخابات تشريعية جديدة يوم 10 نونبر المقبل، وسط خیبة أمل وغضب شعبیین إزاء عجز الزعماء السیاسیین عن فك حالة الانسداد السیاسي.

ویدخل القرار حیز التنفیذ لیبدأ معه الجدول الانتخابي الجدید الذي یمتد لمدة 47 یوما على ان تبدأ الحملات الانتخابیة في الأول من شھر نوفمبر المقبل وتستمر لمدة ثمانیة أیام قبل اجراء الانتخابات الثانیة في سبعة أشھر والرابعة في أربع سنوات في أمر غیر مسبوق في تاریخ إسبانیا الدیمقراطي.

وتصل إسبانیا إلى ھذا السیناریو بعد اعلان الملك الثلاثاء الماضي عدم وجود مرشح قادر على تشكیل حكومة إسبانیة جدیدة في ختام جولة مشاورات دامت یومین مع زعماء الأحزاب السیاسیة البرلمانیة ال15.

وتبددت بذلك كل الشكوك الواھیة أصلا حول حصول رئیس الوزراء المنتھیة ولایته الزعیم الاشتراكي على الدعم البرلماني الكافي لتنصیبه لولایة جدیدة بعدما فشل مرتین في الحصول على ثقة البرلمان في شھر یونیو الماضي.

واخفق الحزب الاشتراكي الذي فاز بالانتخابات العامة الاسبانیة في 28 أبریل الماضي (123 نائبا) في التوصل إلى اتفاقات مع الأحزاب السیاسیة الأخرى ولاسیما ائتلاف (بودیموس) الیساري الذي بدا مبدئیا الشریك المثالي للاشتراكیین والذي طالب الناخبون الاشتراكیون أنفسھم زعیمھم بالتوصل إلى اتفاق معھ عشیة الفوزبالانتخابات.

ووفق البرنامج الانتخابي الجدید فإنه من المتوقع ان یتم تشكیل المجلس التشریعي ال14 في الدیمقراطیة الاسبانیة في السادس من شھر دجنبر المقبل لكن تنصیب رئیس جدید للحكومة لن یتم قبل شھر ینایر من العام المقبل.

كما ان المصادقة على موازنة جدیدة لن یتم قبل شھر فبرایر المقبل لتواصل إسبانیا العمل بموجب موازنة الحكومة الیمینیة السابقة التي وضعت في 2018.

ومن المتوقع ان یكلف تنظیم الانتخابات الجدیدة 135 ملیون یورو یضاف إلیھا المعونات للحملات الانتخابیة.

وفي سیناریو مقعد بدأ الزعماء السیاسیون في تعبئة قواعدھم قبل اجراء الملك جولة المشاورات الأخیرة فألقى سانشیز باللوم على جمیع الأحزاب الأخرى وعلى رأسھا (بودیموس) فیما وجھت جمیع القوى السیاسیة أصابع الاتھام إلى سانشیز بصفته المتھم الرئیس في حالة الجمود السیاسي وذلك في محاولة لكسب السجال السیاسي واجتذاب الناخبین.

ویشیر استطلاع للرأي نشرته صحیفة (الباییس) واسعة الانتشار إلى ان 90 بالمئة من الشعب الاسباني یشعرون بالغضب والإحباط إزاء الشلل السیاسي وتكرار الانتخابات لافتا إلى ان ذلك الشعور یھیمن بنسبة أكبر على الناخبین الیساریین مقارنة بناخبي الأحزاب الیمینیة.

وتتوقع الاستطلاعات المختلفة بان یترجم ذلك الغضب إلى تراجع في نسبة الممتنعین عن التصویت ولاسیما بین صفوف الناخبین الیساریین متوقعة ان لا تزید نسبة المشاركة الانتخابیة عن 70 في المئة مقارنة ب 79ر75 في المئة في انتخابات أبریل الماضي.

وتظھر تلك الاستطلاعات إلى ان الحزب الاشتراكي سیفوز مجددا بالانتخابات العامة فیما سیعزز الحزب الیمیني الشعبي موقعه في المركز الثاني ویتراجع (سیوادانوس) الموالي إلى المركز الرابع لصالح (بودیموس) الذي قد یحتل المركز الثالث فیما سیتراجع كذلك دعم حزب (بوكس) الیمیني المتطرف لكنه سیحافظ على المركز الخامس لتعود إسبانیا إلى السیناریو نفسه الذي قادھا إلى ھذه
الأزمة.

ویشیر آخر استطلاع أجراه المعھد الوطني للبحوث الاجتماعیة إلى ان الاشتراكیین سیحققون 7ر27 في المئة مقارنة ب 7ر28 في المئة في أبریل الماضي فیما سیحقق الحزب الشعبي 21 في المئة (مقارنة ب7ر16 في المئة في أبریل) في الوقت الذي سیتراجع فیه (بودیموس) إلى 8ر13 في المئة (مقارنة ب3ر14( و(سیودادنوس) اللیبرالي إلى 13 في المئة (نزولا من 9ر15 في المئة) وكذلك (بوكس) الیمیني المتطرف من 3ر10 في المئة إلى 6ر9 في المئة.

لكن حزبا یساریا جدیدا یقوده السیاسي والبرلماني السابق وأحد مؤسسي (بودیموس) إنییغو إریخون قرر المشاركة في الانتخابات العامة لیبعثر من جدید الطاولة السیاسي.

وینافس إریخون الحزب الاشتراكي وائتلاف (أونیداس بودیموس) إذ انه زعیم یحظى بدعم جماھیري على الرغم رحیله المفاجئ عن (بودیموس) حدیثا بسبب خلافات مع زعیمه بابلو اغلیسیاس وعلیه فإنه سیسلب الطرفین عددا مھما من الناخبین بانتظار تحدید اسم الحزب وقوائمه والدوائر الانتخابیة التي سیختارھا.

وإن كان من الصعب للتو التكھن بنتائج الانتخابات المقبلة لأن السیناریو غیر مسبوق في تاریخ إسبانیا الدیمقراطي فإن دخول إریخون الساحة السیاسیة یزید من المھمة تعقیدا لكنه قد یشكل في الوقت نفسه حافزا جدیدا لدفع الناخبین الیساریین المترددین والغاضبین إلى التوجه إلى صنادیق الاقتراع في نوفمبر المقبل وتنشیط المشاركة الانتخابیة.

ویحتاج رابع أكبر اقتصاد في منطقة الأورو إلى حكومة مستقرة لمواجھة التحدیات المستقبلیة ومنھا الأزمة الكتالونیة مع اقتراب محاكمة الزعماء الانفصالیین في أكتوبر المقبل والمصادقة على موازنة جدیدة واتخاذ قرارات للتصدي للتباطؤ الاقتصادي في منطقة الأورو من جھة ومواجھة خروج بریطانیا المحتمل من الاتحاد الأوروبي وما لذلك من تداعیات على إسبانیا بشكل خاص من جھة أخرى.

یذكر ان إسبانیا ستطبق للمرة الأولى الإصلاح الذي أدخلته على قانون الانتخابات في 2016 لمواجھة خطر تكرار الانتخابات والذي ینص على تقلیص مدة الجدول الانتخابي من 54 یوما إلى 47 یوما (لذلك تنظم الانتخابات في 10 نوفمبر ولیس في 17 نوفمبر) وكذلك تقلیص مدة الحملات الانتخابیة من 15 یوما إلى ثمانیة أیام مع خفض المعونات للأحزاب السیاسیة فقط بھدف تسریع عملیة تشكیل حكومة جدیدة.