أنت مواطن مغربي، سمعت عن الجهوية الموسعة واللامركزية واللاتمركز، لكنك  وفي خضم رحلة بحثك المضنية عن وثيقة إدارية وجدت نفسك مضطرا للإنتقال الى مركز المملكة لقضاء حاجة من حوائج الدنيا. دخلت الى إدارة في الرباط وعندما إكتشفت أن الحصول على وثيقة تافهة أمر ليس بالبساطة التي تصورتها ووسط طابور الانتظار الذي لا ينتهي باغتك نداء الطبيعة  فتململت يمينا ويسارا ثم هرولت في دروب البناية لكنك لم تجد مكانا لقضاء حاجتك البيولوجية.

ها قد خرجت الى الشارع بحثا عن حل لمعضلة لا تقبل التأجيل وتذكرت أنك لم تحجز غرفة في فندق لكي تستعمل مرحاضه وأن ابن خالتك الذي يقطن العاصمة يسكن على بعد ساعة من مكان الأزمة كما أنك لست مستعدا لمقاومة نظرة الازدراء في عين نادل المقهى المجاور متى فكرت في استعمال مرحاض المقهى الذي يكون مقفلا بقفل صغير مفتاحه مخبأ بعناية في الدرج الأسفل مع الفواتير.

في الحقيقة لا يجب معاتبة صاحب المقهى ولكن وجب معاتبة الوطن الذي لا يمنح لأبنائه فضاء للراحة أمام حالات “التزيار” التي تتزايد يوما بعد يوم.

المرحاض العمومي حق من حقوق الإنسان ووجب أن يكون أبرز نقطة في دفتر تحملات رؤساء المكاتب الجماعية المسيرة للمدن لهذا خصصت الأمم المتحدة يوم 19 نونبر من كل سنة يوما عالميا للمرحاض. 

إياك أن تعتبر الحديث عن المرحاض مدعاة للسخرية فهو أمر بالغ الأهمية والحساسية ومدخل رئيس للمواطنة. 

لقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يحمل رقم 291/67 بشأن توفير فرص الوصول الى مرافق “الصرف الصحي للجميع” في يوليوز من سنة 2013 كما أن أمينها العام يقول في رسالته، شتاء السنة الماضية، أن واحدة من كل ثلاث نساء، في جميع أنحاء العالم، يفتقرن إلى سبل الوصول إلى دورات المياه كما يتعرّضن، من ثم، للإصابة بالأمراض والشعور بالعار واحتمال العنف عندما يبحثن عن مكان لقضاء الحاجة.

في العاصمة الفرنسية باريس، بما أن “ماما فرنسا” هي أجمل مثال للمقارنة عندنا، يوجد مئات المراحيض العمومية المهيئة بشكل أنيق جدا والمفتوحة أمام العموم مجانا من الساعة السادسة صباحا الى الواحدة ليلا وفي الأماكن الأكثر اكتظاظا فهي مفتوحة أناء الليل وأطراف النهار.

ضع حدا لـ”التزيار” وعد الى رئيس مجلس مدينتك وأخبره أن لا مشكلة لك في سيطرة العمال والولاة على قرار المجلس المنتخب كما أن “البولة” المكسورة أمام منزلك تستطيع الانتظار أمام إلحاح “البولة” الطبيعية وإن كان رئيسك من أصدقائنا المرابطين في حزب العدالة والتنمية فأغريه بإنشاء مراحيض عمومية يكتب على بابها دعاء دخول الكنيف: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.