بعد شراء مساحة إشهارية، داخل عدد اليوم الثاني من شهر أكتوبر الجاري، من جريدة “الول ستريت جورنال” وقع السيد مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، رسالة يقول كاتبها إن المنظمة الدولية لحقوق الإنسان “هيومن رايتس ووتش”  أساءت “إلى سياسة المغرب المنفتحة وكرم ضيافته المشهود له بها، من أجل هدف آخر يكمن في تشويه صورة مؤسساته وإنجازاته الديمقراطية، عبر اللجوء إلى أحكام مسبقة”.

الوزير، وفي الرسالة التي تحمل توقيعه، رسم صورة عامة لدولة مغربية ملامحها “الانفتاح الذي لا رجعة فيه” و”العلاقات البناءة مع المنظمات الحقوقية” و”حسن النية” و”الإصلاحات الهامة التي حظيت باعتراف وإشادة الآخرين”.

ظاهريا يستشف من الرسالة أننا أمام وزير أحس بالضيم من عمل عدائي وغير موضوعي تمارسه منظمة تحت غطاء حقوق الإنسان ضد دولة مافتئت تراكم المنجزات وتقطع بشكل نهائي مع كل التجاوزات مع تطبيق تام وصارم للقانون على الجميع ومن أجل الجميع بما يحقق الحرية والعدل والرفاه للشعب المغربي التواق للديمقراطية، ومن هذا المنطلق فإن المداد الذي كتبت به الرسالة هو مداد أحمر مصدره القلب وقرطاس الوطن، لكن الصورة للأسف مختلفة.

ظاهريا فإن المداد الذي كتبت به الرسالة هو مداد أحمر مصدره القلب وقرطاس الوطن، لكن الصورة للأسف مختلفة

الرسالة، في واقع الأمر، هي دفاع مباشر عن حالة الجمود المؤسسي الذي يعرفه المغرب ومحاولة فاشلة لتغطية التراجع الحقوقي الكبير الذي يعرفه البلد من خلال اتهام الآخر بالتآمر على صورة الوطن والإساءة له عبر تقارير مليئة بالأحكام المسبقة، أنجزت بطلب من جهة تناصب العداء لـ”بلد الاستثناء”.

الرسالة هي تحول عن الرسالة المعلنة من طرف حزب “العدالة والتنمية”، إبان حملته في الانتخابات التشريعية، والتي قال فيها “صوتك فرصتك لإسقاط الفساد والاستبداد” قبل أن يتحول الحزب، ومن خلال هذا النوع من الكتابات المدفوعة الأجر، الى مساند للتراجعات بل والى مصنع  تلفيف يدخل الداء من باب ويخرجه في علبة دواء من الباب الآخر.

لسوء حظ الخلفي أن أركان دولته التي رسمها في رسالة الصحيفة الأمريكية تهاوت أياما بعد ذلك أمام عدد من الحالات التي تُظهر أننا نزلنا الى قاع حقوقي سحيق وأن قرار هذا القاع يزداد ظلمة أمام الصمت والتطبيع مع التجاوزات والمس الخطير بحريات الأفراد وسلامتهم الجسدية وهنا أكتفي بحالات ثلاث، أنتظر من السيد مصطفى الخلفي إعطاء جواب شاف عنها، وهي كالتالي:

– منع المؤرخ المعطي منجب من مغادرة مطار سلا لحضور ندوة علمية في النرويج صباح الأربعاء 7 أكتوبر بعدما صرحت وزارة الداخلية بأن الرجل ليس محل منع من السفر.

–  وصف المواطنة أمينة التراس بالعاهرة والاعتداء عليها جسديا، رفقة عدد من المتظاهرين، من طرف ضباط شرطة في الشارع العام أمام عدسات الكاميرات التي وثقت هذا الخرق السافر بالصوت والصورة عشية الثلاثاء 6 أكتوبر أمام بناية البرلمان المغربي.

– استقدام مواطنين فقراء من مناطق نائية بإستعمال أدوات السلطة من أجل تنظيم احتجاج أمام مقر سفارة دولة أجنبية وتقديم الاحتجاج من طرف الإعلام “العمومي” على أنه خطوة مدنية، شعبية وعفوية للتنديد بقرار غير موجود أصلا عشية يوم الأحد 4 أكتوبر.

هو نفس الأسبوع إذن، الذي بكت فيه الدولة بِمُقَلِ مصطفى الخلفي على جدار “الول ستريت جورنال”، يحمل لنا أحداثا مؤلمة تظهر أن أوراق الصحيفة الأمريكية ُبلِلًت بدموع التماسيح التي حدثنا عنها يوما السيد عبد الاله بنكيران قبل أن يتحول الرجل الى متحدث بإسم نفس التماسيح عبر وزارة شاب تحول الى ناطق رسمي باسم حكومة الظل والتضليل.