طالبت عريضة دولية لـ”دمقرطة الشركات وعدم سلعنة العمل، لأن ذلك سيسمح لنا بمجابهة تلوث الكوكب، وأن 73٪ من استهلاك الطاقة العالمي يمكن توفيره عن طريق تغييرات قابلة للتحقيق في العمليات الإنتاجية”

ودعت العريضة الالكترونية التي نشرت على “فرامافورمس بوان أورك” لأن “لا نخدع بعد الآن، إذا تُركنا لتقرير المسار بأنفسنا، لأن معظم مزودي رأس المال لن يحرصوا لا على كرامة المستثمرين في عملهم ولا على مجابهة الإنهيار المناخي”.

ماذا تُعلمنا هذه الأزمة؟

أقرت العريضة بأنه “لا يمكن اختزال البشر في مكان العمل إلى “موارد”، فالأطباء والممرضون والصيادلة، وعمال التوصيل، وعاملو صندوق الدفع وجميع أولئك الذين يسمحون لنا بمواصلة العيش في هذه الفترة من الحجر دليل حيّ على ذلك.

ويوضح الوباء أيضًا أنه “لا يمكن اختزال العمل في حد ذاته إلى “سلعة”. فالرعاية الصحية والعناية الاجتماعية ومرافقة أكثر الفئات هشاً هي أنشطة يجب حمايتها من الخضوع لقوانين السوق وحده، وإلا فإننا نخاطر بزيادة مطردة لعدم المساواة، لدرجة التضحية بالأضعف والأكثر فقراً.

ما يجب فعله؟

دعت العريضة “السماح للموظفين بالمشاركة في القرارات، أي دمقرطة الشركة. كما يجب عدم سلعنة العمل، أي أن يضمن المجتمع عمل مجدي للجميع. في الوقت الذي نواجهُ بأنٍ واحد، خطرَ الوباءِ وخطر انهيار مناخي، فإن هذين التغييرين الاستراتيجيين سيسمحان لنا، ليس فقط بضمان كرامة كل فرد، ولكن أيضًا بالعمل بشكل جماعي لإزالة التلوث الذي أصاب الكوكب وإنقاذه.”.

ففي الدمقرطة، تؤكد الوثيقة على أن “العاملين والعاملات الأساسيون يبرهنون على كرامة عملهم وغياب أي تفاهة عن وظيفتهم. وهم يظهرون الحقيقة الأساسية التي سعت الرأسمالية دائمًا إلى جعلها غير مرئية، ساعية بذلك إلى تحويل البشر إلى “موارد”، ولا يوجد إنتاج أو خدمة بدون مستثمرين في عملهم”.

من جانبهم، فإن المحجورين، وخاصة المحجورات، يحشدون كل ما في وسعهم لضمان استمرار مهام شركاتهم من بيوتهم. يثبتون أن أولئك الذين يفترضون أن التحدي الكبير أمام صاحب العمل هو إبقاء العامل الغير جدير بالثقة أمام عينيه، للسيطرة عليه بشكل أفضل، مخطئين تماماً.

ويثبت العمال كل يوم أنهم ليسوا مجرد “طرف” في الشركة من بين عدة أطراف، بل إنهم الجزء التأسيسي، ولكنهم دائمًا مستبعدون من حق المشاركة في حوكمة الشركة، المحتكرة من قبل أصحاب رأس المال.

وسيكون من الضروري تسوية منحنى الأجور والبدء من نقطة انطلاق أعلى، لكن هذه التغييرات وحدها لن تكون كافية. كما كان الحال بعد الحرب العالمية الثانية (أو الأولى في حالة الولايات المتحدة)، حيث مُنحت المرأة حق التصويت اعترافًا بمساهمتها الأساسية، أصبح من غير المبرر الآن عدم إعتاق المستثمرين في عملهم من خلال دمقرطة الشركة. وهذا التغيير ضروري.

عدم السلعنة وإتاحة فرصة عمل

وتكشف العريضة أن هذه الأزمة توضح أنه “لا يجب اعتبار العمل سلعة، حيث تبرهن أن آلية السوق لا يمكن أن تترك وحدها مسؤولة عن الخيارات الجماعية الأساسية، وأن خلق الوظائف في مجال الرعاية الصحية وتوفير المعدات اللازمة لإنقاذ حياة الأشخاص المحتاجين هي أمور وضعت منذ سنوات تحت منطق الربحية”

وتكشف الأزمة عن “عمى هذا المنطق، فهناك احتياجات جماعية استراتيجية يجب أن تكون في مأمن من التسليع. ولعل جلّ ما يذكرنا بشكل مؤلم بهذا المبدأ هو أعداد عشرات الآلاف من الضحايا. أولئك الذين لا يزالون يجادلون عكس ذلك هم أيديولوجيون يضعوننا جميعاً في خطر”.

وتقترح العريضة “ضمان عمل للجميع، وإتاحة الفرصة لكل مواطن للحصول على عمل. حيث أن ضمان العمل، الذي هو حق منصوص عليه في المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبمضاعفة قوانا الجماعية من أجل تلبية الاحتياجات الاجتماعية والبيئية العديدة التي نواجهها”.

محاربة التلوث

نبهت العريضة إلى عدم تكرار ما أسمته “الخيار الساذج لعام 2008، حيث كانت الأزمة فرصة لإنقاذ البنوك من خلال تعميق الدين العام، دون فرض أي شرط على عمليات الإنقاذ”.

وترى العريضة أنه “إذا كانت دولنا ستتدخل لإنقاذ الشركات التجارية اليوم، فمن المهم جعل هذه الشركات متوافقة مع الإطار العام للديمقراطية. يجب على الدولة، باسم المجتمع الديمقراطي الذي تخدمه ويشكلها، وكذلك باسم مسؤوليتها عن ضمان بقائنا البيئي، أن تحدد تدخلها بتغييرات في نهج الخط الاستراتيجي للمؤسسات المدعومة”.

كما يجب أن تفرض، بالإضافة إلى الامتثال للمعايير البيئية الصارمة ، “شروطًا لدمقرطة الحوكمة الداخلية للشركات، لأن الشركات المحكومة ديمقراطيا هي التي ستكون مستعدة لقيادة التحول البيئي، حيث يمكن لمقدمي رأس المال والمستثمرين في عملهم أن يجعلوا أصواتهم مسموعة ويقررون معاً الاستراتيجيات التي سيتم تنفيذها”.

واستدلت الوثيقة بدراسة لمهندسين من جامعة كامبريدج، كولين وألوود وبورجستين، تؤكد أن “73٪ من استهلاك الطاقة العالمي يمكن توفيره عن طريق تغييرات قابلة للتحقيق في العمليات الإنتاجية. وهذه التغييرات تتطلب كثافة عمالية أكبر، وخيارات غالباً ما تكون أكثر تكلفة على المدى القصير. طالما أن الشركات تدار فقط لصالح مزودي رأس المال”.