تساءل المؤرخ والأكاديمي حسن أوريد، خلال توقيع كتابه الجديد “أفول الغرب” مساء الخميس 22 مارس الجاري، بمكتبة “الألفية الثالثة” بالرباط، :”هل يصح أن نتحدث اليوم عن أفول الغرب؟ ذلك أن عنوان كتابه الجديد مستفز قليلا، وأنه كان مترددا مع دار النشر في اختيار العنوان”.

وقال أوريد إن السؤال الذي اشتغل عليه في كتابه الصادر حديثا عن “المركز الثقافي العربي”، هو “هل نستطيع حاليا أن نتحدث عن أفول الغرب، قبل أن يجيب بـ”نعم”، مادام أن الكتاب الغربيين بادروا بأنفسهم للحديث عن أزمة الغرب وعن إرهاصات أفوله.

ومن أهم الكتب الذي صدرت في هذا الباب، بحسب أوريد، “قيام وأفول القوى العالمية” لبول كينيدي، الذي وظف فيه نظريات ابن خلدون، حيث اعتبر أنه على خلاف ما يعتقد فإن نهاية الحرب الباردة حملت في طياتها أزمة حقيقية داخل العالمى الغربي.

وأشار أوريد أن تواتر مثل هذه الكتابات من الغرب نفسه ومنها كتاب صدر حديثا للفيلسوف الفرنسي “دانييل روبر” عن “أفول الغرب” يؤكد وجود أزمة بنيوية داخل الغرب تحمل في طياتها هذا الأفول.

وأوضح الناطق الرسمي السابق باسم القصر الملكي بالمغرب، أنه “طرح على نفسه قبل تأليف هذا الكتاب سؤالا يتعلق حول هل يحق له ان يزج بنفسه في نقاش قضية أفول الغرب”، قبل أن يستطرد بالقول “نعم يحق لي ومصدر الشرعية في هذا هو أن الغرب يؤثر في العالم، وبحق أي كان حتى لو كان ينتمي للأطراف أن يفكر في أفول هذا الغرب”.

وأكد أوريد أن السؤال عن “أفول الغرب” مشروع لأنه لأول مرة منذ أربعة قرون ستتغير موازين القوى وستصبح قوى خارج الغرب، هي الصين التي أصبحت القوة الاقتصادية الأولى في العالم وستتحول أيضا إلى القوة الثقافية الأولى في العالم.

وشدد أوريد أن كتاب “أفول الغرب” ليس تحيينا لكتابه “مرآة الغرب المنكسرة” لأنه ينبش في معايير ومؤشرات عميقة لم تكون منذ سبع سنوات، ومنها مؤشر عودة روسيا بقوة على الساحة الدولية.

والمؤشر الثاني حسب أوريد هو تأجيج الصراع بين العالم الاسلامي والغرب خاصة مع موجات الإرهاب الموجودة حاليا، التي طفح معها سؤلا يدفعنا للبحث عن كيفية قراءة هذا الإرهاب هل هو عنف أم تعبير أن أزمة؟ لأن الإرهاب في أوربا هو مرآة كاشفة لأزمة الغرب.

والمؤشر الثالث، يضيف أوريد هو الأزمة المالية العالمية التي عانى الغرب منها في 2008 والتي كان لها تأثيرات سياسية واجتماعية واقتصادية خطيرة على العالم الغربي.

وتطرق في كتابه الجديد إل كيفية قراءة العلاقة بين العالم العربي والغرب، متسائلا عن ما يقع في العالم العربي؟، مشيرا في أنه بالرغم من وجود الكثير من القضايا في العالم العربي لم تحسم بعد ومن بينها، توزيع السلطة والعلاقة بين الحاكم والمحكوم، والعلاقة بين السياسي والديني، لكن في نفس الوقت لابد من عدم تجاهل العامل الخارجي عند دراسة ما يحصل في العالم العربي.

وأكد أوريد أن كثيرا من مشاكل العالم العربي توجد خارج العالم العربي، كما لا بد من عدم إغفال تأثيرات الاستعمار والتغييرات التي أجراها وفرضها على العالم العربي.

وأشار صاحب “الحديث والشجن” و”المورسكي” أن الصين والهند استفادتا من الغرب عن طريق تفيكيكه، وهذه النظرة التفكيكية غائبة عنا في العالم العربي، وما يعاب على مجتمعاتنا هو الاقتصار فقط على الانطباعات.

وأكد أوريد أن العالم العربي بحاجة إلى أشخاص وفئات تطرح الأسئلة لأن من يستحوذون على المشهد حاليا هم التكنوقراط الذين أزاحوا السياسيين والمثقفين عن المشهد.