خلصت دراسة حول “عوامل اختيار المدارس الخاصة في المغرب”، استنادًا إلى بيانات مسح TIMSS 2019 التي أُجريت مع تلاميذ الصف الرابع، إلى أهمية العوامل العائلية في اختيار المدرسة الخاصة، مشيرة إلى أنه نظرًا لأن المدارس الخاصة تكاد تكون مدارس مدفوعة الرسوم بالكامل، فإنه من الطبيعي تمامًا أن تكون المدرسة الخاصة خارج متناول معظم الأسر المغربية.

الدراسة أنجزها عبد الصادق البوصايري (الباحث في سلك الدكتوراه في مختبر الاقتصادي التطبيقي في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط)، ولحسن أولحاج (الأستاذ الباحث في نفس الكلية)، وعثمان الدخيسي (الأستاذ الباحث في مختبر الاقتصاد وتسيير المنظمات، في كلية الاقتصاد والتسيير بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة)، ونشرت في المجلة الدولية للمحاسبة والتمويل والتدقيق وإدارة الأعمال والاقتصاد (IJAFAME).

ووقف الباحثون على أن المتغيرات الأكثر ارتباطًا باختيار المدرسة الخاصة هي: تعليم الأم، ومهنة الأب، مؤكدين على أن الأسر المغربية المتعلمة بشكل جيد تظهر تفضيلًا واضحًا للمدرسة الخاصة، وأن هذا التفضيل يمكن العثور عليه أيضًا بين الأسر التي تشارك بشكل كبير في تعليم أطفالها؛ ويتجلى ذلك من خلال مشاركتهم في أنشطة محو الأمية والحساب في المنزل.

واعتبر الباحثون أن هذا التفضيل لا يمكن أن يكون له سوى تفسير واحد هو أن الأسر المعنية ترى أن المدرسة الخاصة تقدم شروطًا أفضل لتعليم أطفالهم، مع الإشارة إلى أن اختيار المدرسة الخاصة ليس مسألة مقدرة مادية فقط، بل هو أيضًا نتيجة للبحث النشط من قبل بعض الأسر عن عرض تعليمي أفضل.

وعلاقة بتوقعات الأسر المغربية من المدرسة الخاصة، أشار الباحثون إلى غلبة المتغيرات التركيبية على المتغيرات المتعلقة بالموارد والعمليات المدرسية، وهو ما يعني أن الأسر المغربية التي تقرر تسجيل أبنائها في القطاع الخاص تفسر التكوين الاجتماعي للمدرسة على أنه مؤشر على جودة التعليم الذي من المرجح أن تقدمه.

وكشف الباحثون أنه في المدن الكبيرة، تم القيام بنوع من الفصل بين التلاميذ من الأسر المحرومة وأولئك الذين ينتمون إلى أسر ذات وضعية جيدة أو من الطبقة المتوسطة، ما يوحي إلى أن الأسر من الطبقة المتوسطة والعليا لديها تقدير سلبي للتنوع الاجتماعي في المدرسة.

وكشفت الدراسة أن المدارس الخاصة في المغرب ليست مجهزة بشكل أفضل من المدارس العامةK وعلاوة على ذلك، تشتغل العديد منها في مبانٍ لم يتم تصميمها في الأصل لأغراض التعليم (فيلات أو مباني سكنية).

واستنتج الباحثون أن المدارس الخاصة ليست مثالية فيما يتعلق بالانضباط؛ مبرزين أنها تظهر تسامحًا بالنسبة للمشاكل البسيطة دون أن تتخلى تمامًا عن السيطرة. بالإضافة إلى ذلك، وقفت الدراسة على أن التميز ليس مطلبًا للأسر المغربية التي تقرر إرسال أطفالها إلى المدارس الخاصة، إذ تهدف المدارس الخاصة إلى تحقيق النجاح المدرسي، لكنها لا تسعى إلى تحقيق مستوى عال من التميز الأكاديمي.

وأوصى الباحثون بضرورة تدخل حكومي مناسب، كحل لا بد منه لتفادي تفتيت النظام التعليمي عن طريق إفراغ المدرسة العمومية من أفضل تلاميذها، مبرزين أنه “حان الوقت لأن تتخذ الحكومة القرارات اللازمة لتعزيز التنوع الاجتماعي في القطاع الخاص وزيادة قدرة المدرسة العمومية على الاحتفاظ بأفضل التلاميذ”.