خبير تربوي ينبه لاختلالات في مذكرة أمزازي للمراقبة المستمرة ويدعو لتعديلها

كشف الخبير التربوي محمد سالم بايشى، عددا من الأعطاب والاختلالات التي شابت مذكرة وزارية أتارت الجدل أصدرتها وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، في شأن تأطير إجراء المراقبة المستمرة للموسم الدراسي 2021-2022، تحت رقم 080X21 بتاريخ 15/09/2021.
ونشرت المذكرة في اليوم نفسه بموقع الوزارة ، مما فجر جدلا حول وضع الدخول المدرسي الذي لم تكتمل بعد إجراءاته على صفيح ساخن، وكاد يعيد المجتمع إلى تنازعات هو في غنى عنها. بعدما شاع خبر حذف مادة التربية الإسلامية والاجتماعيات من الاختبارات الإشهادية للسنتين النهائيتين من التعليم الابتدائي والإعدادي .
نفي الوزارة
ونفت الوزارة في اليوم الموالي 16 شتنبر الجاري، وفق بلاغ إخباري لها، “أي حذف أو تغيير، رغم أن المذكرة لا تحتمل أي قراءة أخرى، لكنها اضطرت في نهاية اليوم نفسه إلى إصدار مذكرة ملحقة تحت رقم 081X21 ، تعيد الأمور إلى نصابها وتحاول باقتضاب ووضوح تدارك ما يمكن تداركه في سابقة تصلح لدراسة حالات التسرع في التشريع وآثارها من زوايا قانونية وسوسيولوجية”.
ويرى الخبير في الشأن التربوي والتعليمي بالمغرب محمد سالم بايشى أن “مناقشة الموضوع أكبر من مجرد مذكرة تنظيمية تأتي في الأيام الأخيرة للزمن الحكومي، فسنكتفي ببعض الملاحظات السريعة، علما بأن إصلاح النظام التقويمي في المغرب مشروع يحتاج إلى نقاش ودراسات مقارنة حتى نستفيد مما وصل إليه التقويم عالميا ، ونستطيع بالتالي بناء منظومتنا التقويمية الخاصة متجاوزين الإخفاقات التي عكستها الوثائق المرجعية كالميثاق الوطني (2000) والرؤية الاستراتيجية (2015) وتقارير المجلس الأعلى منذ صيغته الأولى، ناهيكم عن الفرق الشاسع الذي يلحظه كل متتبع ولا تنكره الوزارة بين أنماط تقويمنا وأدواته، وأنماط التقويم في الكثير من البلدان وكذا في التقويمات الدولية (بيرلز- تيمس- بيزا على سبيل المثال)، وذلك أحد الأسباب المنهجية التي تعطينا نتائج تتعارض مع نتائج التقويمات الدولية ، لأننا بشكل بسيط نقيس بميزانين مختلفين. وأحيانا حين نريد أن نلحق بهؤلاء نسرع الخطى ونغير في الشكل لا في الجوهر الذي يحتاج بناؤه إلى نار هادئة وجهد متواصل لا إلى تدبيج مذكرات وتقارير”.
نمط دائم غير متجدد
ولتقريب غير المختصين أكثر من هذا الموضوع، يرى الخبير التربوي محمد سالم بايشى أن “الشكل الذي كانت تصحح وتقوم به إنجازاته وامتحاناته – وهو تلميذ في المدارس- منذ الحماية إلى يومنا هذا، يكاد يكون هو نفسه، فلا تزال تجد في دفتر ابنك أو حفيدك نقطا على عشرة في الابتدائي وعشرين في الثانوي وتقديرات توارثناها كناقص ومتوسط ولابأس به وحسن وأحيانا لا يعتبر”.
وأكد بايشى أنه “ما نزال نجمع نقط المواد ونقسمها على بعضها لنحصل على قرار للانتقال من مستوى لآخر، وهو اختيار جد متجاوز. فهل يعقل أن نبقى جامدين إلى هذا الحد؟”
ونبه الخبير التربوي إلى أنه من “باب الانصاف أن مبادرة مهمة بدأت مع السنوات الأولى لتطبيق الميثاق تكمن في الاستفادة من الخبرة الكندية على وجه الخصوص بمحاولة اعتماد المقاربة الأداتية في التقويم، وقد تبنى المركز الوطني للامتحانات هاته المقاربة، لكنها بقيت متذبذبة بين تكوينات متقطعة تتوقف مع نهاية كل مشروع (البرنامج الاستعجالي مثلا). وأهم ما أفرزته لا يتجاوز إصدار المذكرات الخاصة بالأطر المرجعية للامتحانات الإشهادية في نهاية الأسلاك دون بقية المستويات الدراسية”.
سياق وتساؤلات
ويرى بايشى أنه “في أدبيات الإدارة وقتُ إصدار مذكرة معينة وسياقها محددان أساسيان، فهل الامتحانات والمراقبة المستمرة أولوية قبل تثبيت الدخول المدرسي وضمان استمراريته؟ واعتبارا لكون التقويم مكونا أساسيا يحتاج فعلا إلى مراجعة متأنية، فهل ظروف الجائحة وعدم استقرار الدراسة تسمح بإرساء مشروع كهذا؟. وبالنظر لكون المذكرة موضوع النقاش تجعل أول مراجعها القانون الإطار 51.17 وتحصر سبب نزولها في تفعيل مقتضياته المتعلقة “بتحسين وتطوير نظام التقويم والدعم المدرسي والامتحانات” ( الفقرة الأولى من المذكرة)، فهل بهاته الطريقة وبخمس صفحات وجدولين نُصلح نظام التقويم، ونعمل على تنزيل الرؤية الاستراتيجية والقانون الإطار؟ أم أننا نعيد تجارب الإصلاحات الشكلية التي لازمت المحطات السابقة ونظن أننا نحسن صنعا؟
اعتلال قانوني وتشريعي
ونبه الخبير التربوي إلى أن “أول ما اطلعت على المذكرة لحظة تداولها استغربت استنادها إلى قرارات وزارية ومناقضتها لهاته القرارات، وهو ما يفقدها الحجية القانونية ابتداء. ذلك أن الامتحانات الإشهادية تنظمها قرارات وزارية منشورة في الجريدة الرسمية، وتأتي المذكرات لتنزيل القرارات لا لتغييرها”.
وبسط لذلك مثال من قبيل أن امتحان السنة السادسة من التعليم الابتدائي ينظمه القرار رقم 2383.06 الصادر بتاريخ 23 رمضان 1427 موافق 16 أكتوبر 2006 (انظر الجريدة الرسمية عدد 5486 ص 4144 بتاريخ28 دجنبر2006)، وقد غُير وتُمم هذا القرار بالقرار رقم 3908.12 بتاريخ 23 نونبر 2012( انظر الجريدة الرسمية عدد 6130 بتاريخ28 فبراير2013). وتم هذا التغيير بشكل أساسي لإدراج اللغة الأمازيغية (أدرجت اختياريا في انتظار تعميم تدريسها).
غير أن المذكرة المذكورة، وفق توضيحات الخبير التربوي، “تخالف القرار المذكور في المقتضيات المتعلقة بطبيعة الامتحانات، حيث ينص القرار على ” تنظيم امتحانات نيل شهادة الدروس الابتدائية بالنسبة للمترشحين الرسميين بامتحان كتابي موحد على الصعيد الإقليمي ينظم في ختام السنة الدراسية من التعليم الابتدائي؛ وامتحان كتابي موحد على صعيد المدرسة الابتدائية ينظم في ختام النصف الأول من السنة السادسة من التعليم الابتدائي؛ إضافة إلى مراقبة مستمرة لمواد السنة السادسة من التعليم الابتدائي”.
وأشار إلى أن “المذكرة اقتصرت بالنسبة للأسدس الأول على المراقبة المستمرة الصفية والموحدة، فتكون بذلك قد ألغت الامتحان الموحد المحلي، وهو ما نصت عليه بشكل صريح حيث ورد فيها: ” يحل فرض المراقبة المستمرة الموحد على صعيد المؤسسة للأسدس الأول من السنة الختامية لكل من السلك الابتدائي والسلك الثانوي الإعدادي محل الامتحان الموحد المحلي).(ص7/2 من المذكرة).
أما بخصوص المواد المقررة في الامتحان المحلي:، بحسب بايشى، فينص الجدول رقم 1 الملحق بالقرار الوزاري على مواد الامتحان الموحد المحلي التالية: اللغة العربية – اللغة الفرنسية- الرياضيات- التربية الإسلامية – الاجتماعيات – النشاط العلمي ) (انظر الجدول في القرار الوزاري السابق الذكر). في حين أغفلت المذكرة عند تحديدها لمواد الفرض الموحد مادتين هما: التربية الإسلامية والاجتماعيات، غير أن المواد المقررة في الامتحان الموحد الإقليمي، وفق ما ينص عليه الجدول رقم1 الملحق بالقرار الوزاري على ثلاث مواد في الامتحان الإقليمي للسنة السادسة ابتدائي تتعلق بالمادة الأولى :اللغة العربية والتربية الإسلامية ؛ والمادة الثانية: اللغة الفرنسية؛ والمادة الثالثة: الرياضيات.
ويرى الخبير التربوي أن ما “تنص المذكرة المثيرة للجدل أيضا على ثلاث مواد، لكن مع تغيير يصعب تبريره بالخطأ المطبعي ، ذلك أنها حذفت من المادة الأولى مكون التربية الإسلامية ، وأضافت للرياضيات مكون النشاط العلمي الذي لم يكن مدرجا في الامتحان. وهذا في المنطق الداخلي للمذكرة يتماشى مع ما قررته بخصوص الفرض الموحد المحلي، لكنه من الناحية القانونية تناقض صارخ مع قرار منشور بالجريدة الرسمية لا يتيح لمن صاغ المذكرة لا زيادة أو نقصانا . ونموذج السنة السادسة يسحب على امتحان السنة الثالثة من الثانوي الإعدادي المنظم بقرار وزاري كذلك، تجنبا للإطالة والتكرار”.
وفي الجانب الفني، وصف الخبير التربوي محمد سالم باشى ما حصل بأنه “السرعة تقتل، وصف لا يقف عند قانون السير، بل يتعداه للكثير من الأمور، وعلى رأسها صياغة نصوص التشريع ، فإذا أُعِدت النصوص على عجل، ونشرت بلا تأن، خلفت من الآثار ما يصعب تصحيحه. والإعداد المهني يُقَلب النص من مختلف الوجوه، منها القانوني والفني واللغوي والتخصصي (البيداغوجي في حالتنا). وتلك مهمة المستشارين والخبراء إن وُجدوا”.
وفي حالة مذكرة المراقبة المستمرة كأن شيئا من ذلك لم يقع، فكأننا أمام مشروع مذكرة في طور التسويد والدراسة، لم تنضج بعد ولم تنظر إلى المآلات ولم تَعُد لمرجعيات التأسيس قبل أن توضع على مكتب الوزير، وفق تعبير محمد سالم بايشى.
ترسانة مراجع دون الاستناد إليها
ونقل الخبير التربوي أن المذكرة في مراجعها أوردت 14 مرجعا ، ويتساءل الدارس ما علاقة هاته النصوص بالمذكرة ، وفيم تستند إليها؟
وأكد الخبير التربوي أنه “إذا سلمنا بالمرجع الأول القانون الإطار 51.17، الذي انطلقت منه في فقرتها الأولى كما تنطلق منه مختلف مذكرات الوزارة منذ صدوره بمناسبة وبغير مناسبة، فالقرارات الوزارية الواردة في المراجع تمت مخالفتها كما أشرنا إليه سابقا، والمذكرات المنظمة للمراقبة كان بالإمكان الاكتفاء بالتذكير بالساري منها في صلب المتن، والإشارة إلى الملغى منها عند الاقتضاء، فذلك ما يفيد الممارس، لا التمترس وراء هاته الترسانة وإعطاء الانطباع بالحجية القانونية والاستمرارية التشريعية. وللمرء أن يتساءل مثلا عن علاقة المذكرتين الأخيرتين الواردتين في المراجع مع صلب ما طرحت المذكرة، إذ هما متعلقتان بتكييف المراقبة المستمرة لفائدة التلاميذ في وضعية إعاقة، وهو ما لم تشر إليه المذكرة من قريب أو بعيد”.
ونبه إلى أن “الإشارة الوحيدة المتعلقة بالتكييف الواردة في المذكرة هي التي تتعلق بالقوة القاهرة التي تستدعي من المؤسسة تقديم طلب لتكييف الفرض الموحد بنقص الدروس موضوع التقويم. وهذا يهم الجميع ولا علاقة له بمذكرة التكييف بسبب الإعاقة “.
ويرى الخبير التربوي أنه “خلافا للمذكرات التي تأتي برؤية جديدة، وتحين النصوص السابقة أو تلغيها، لا نجد في المذكرة الجديدة أي إشارة تتعلق بالتعامل مع المقتضيات المخالفة، وسيجد الممارسون أنفسهم أمام نصوص تتعارض فيما بينها، وآنذاك نحتاج إلى مذكرات تفسيرية كنا في غنى عنها “.
ووصف صياغة المذكرة بأنها “متسرعة، تخرج من يحلل المذكرة بانطباع خلاصته أنها أعدت على عجل، فبقيت بها هفوات كثيرة “.
ومن بين هفواتها التي عددها الخبير التربوي، ” إقصاء هيئة لها دور مهم في التقويم والتوجيه الذي ترومه المذكرة، وهي هيئة التوجيه (مفتشين ومستشارين)، حيث لم ترد ضمن الفاعلين الموجهة إليهم، فهل معنى ذلك أنهم غير معنيين بها؟. كما أن صياغتها غير دقيقة بما فيه الكفاية، ففي الفقرة الأولى مثلا نجد الإحالة على القانون الإطار تعميما دون الإشارة للمواد التي تم الاستناد إليها، بل الاكتفاء بالإحالة على البرنامج رقم 12 الذي أعدته الوزارة، فالمرجع إذن هو برنامج الوزارة الذي انطلق بالمناسبة قبل القانون الإطار، وليست مواد هذا القانون. جاء في تقديم المذكرة: ” وبعد، فتفعيلا لمقتضيات القانون الإطار، خصوصا منه ما ورد في البرنامج رقم 12 المتعلق بتحسين وتطوير نظام التقويم والدعم المدرسي والامتحانات ” (الفقرة 1 من المذكرة).
وبحسب الخبير التربوي، -فإن من مؤشرات “غموض الصياغة كذلك صعوبة فهم المذكرة من القراءة الواحدة . ومن العيوب الدالة على العجلة، تسرب أخطاء لغوية لا تقبل في مذكرة وزارية، وهي أخطاء لا نُرجعها بالضرورة للصائغ، بقدر ما ترجع لسوء أو انعدام المراجعة اللغوية”.
أعطاب بيداغوجية وتطبيقية
وبسط الخبير التربوي أن “من مشاكلنا في وزارة التربية الوطنية مشكل المفاهيم والمصطلحات، وقد اشتغلت على هذا الموضوع مع زميل في بحث تخرج منتصف التسعينات، وكانت الاستنتاجات أننا لا نملك خطابا رسميا موحدا أو مؤسسيا منسجما، الأمر الذي ينشأ عنه اختلاف الفهم وسوء التطبيق. ومذكرة المراقبة المستمرة بدورها لا تخرج عن هذا الاستنتاج بوعي وقصد أو بدونهما”.
ويرى بايشى أنه “في تصنيف المراقبة المستمرة تستعمل المذكرة مصطلح “مراقبة مستمرة صفية ” في مقابل “مراقبة مستمرة موحدة”، والمعروف أن مصطلح الصفي يقابل اللاصفي الذي له مفرداته ومحدداته، فهل هذا الوصف مناسب؟ أم أنه يزيد من فوضى الاصطلاح؟”.
وفي تصنيف المواد والتعلمات، وفق توضحيات بايشى، ” تم استعمال “التعلمات الأساسية”، والقارئ يستنتج أنها المواد الأساسية، وهو منطق تجاوزته فيما نعلم أدبيات الوزارة ، إذ يصعب التسليم بوجود مواد أساسية وأخرى غير أساسية عندما نتكلم عن مواد إجبارية غير اختيارية ولا تكميلية، بخلاف ما عليه الأمر في أنظمة تربوية أخرى تدرج بعض المواد الاختيارية وتجعلها ميزة إضافية، قد تجعل المتعلم يحصل على معدل يفوق النقطة الكاملة أحيانا. لكن في التعلمات داخل المادة الواحدة قد نتفق على” تعلمات أساسية ” تشكل جوهر المادة وتصاغ في الإطار المرجعي للتعلم والتقويم، وتكون موضوعا للمراقبة المستمرة والامتحانات، ويصطلح عليها في المقاربة الأداتية بالأهداف التقويمية أوالنهائية ( ينظر مثلا كتاب المقاربة الأداتية للتقويم التكويني الذي طبع بتعاون بين الوزارة ومنظمة اليونسيف ). وبناء عليه فلا مجال للتراجع عن بعض المواد تحت ذريعة التعلمات الأساسية “.
أما بخصوص تحديد المواد المستهدفة بالمراقبة المستمرة الموحدة، فيؤكد الخبير التربوي بايشى أنه “تم الاكتفاء بالمواد اللغوية والرياضيات والعلوم في السلكين الابتدائي والثانوي الإعدادي، وبالمواد المميزة للشعبة والمسلك التي يشملها الامتحان الوطني للباكالوريا، مع إضافة اللغة الفرنسية والانجليزية، فما المنطق الذي يحكم هاته الاختيارات؟ “.
ويتجه الخبير التربوي إلى أنه إذا “رجعنا للتعليم الابتدائي فمستجدات المنهاج الدراسي الصادرة في يوليوز 2021، تنظم المواد في ثلاث مجموعات/ أقطاب، هي اللغات والعلوم ومواد التنشئة الاجتماعية التي جُمعت فيها بقية المواد ومنها التربية الإسلامية والاجتماعيات، وبغض النظر عن مقتضيات القرار الوزاري الذي أشرنا إليه سابقا، وبغض النظر كذلك عن اتفاقنا أو اختلافنا مع هذا التصنيف، فالمنطق البيداغوجي الصرف يقتضي أن يتم تمثيل كل مجموعة/قطب في المراقبة المستمرة الموحدة، لكن الغريب أن جميع اللغات المقررة ممثلة ونفس الأمر بالنسبة للرياضيات والعلوم، في حين تم تغييب مواد التنشئة كليا وعلى رأسها التربية الإسلامية والاجتماعيات”.
وتساءل في هذا الاتجاه: أوَ لم يكن منطقيا على الأقل تمثيل هذا القطب؟ وإذا سايرنا منطق المذكرة في التعلمات/المواد الأساسية بالنسبة للباكالوريا، فما مبرر فرض اللغتين الأجنبيتين في الشعب التي لا تتضمن هاتين اللغتين في الامتحان الوطني؟ ( ينظر جدول ص 7/2 من المذكرة). لا ننتظر إجابات بقدر ما نستغرب ضعف المنطق البيداغوجي وغياب مقاربة منسجمة العناصر.
من الناحية التطبيقية، يشرح بايشى، تبدو المذكرة في “بعض جوانبها غير مكتملة الأدوات ، فهي تحيل على مذكرات قادمة تحدد “مفردات البرنامج” التي تستهدفها كل مراقبة ، و”تحصر مجال تغطية كل فرض”. كما أن عمليات استثمار نتائج المراقبة الموحدة وإعداد تقارير وعرضها على المجالس وربط كل ذلك بإشراف وتتبع المفتشين المختصين من مرحلة إعداد المواضيع إلى التنظيم واستثمار النتائج، كل ذلك لا يراعي واقع وإكراهات الموارد البشرية التي تتوفر عليها الوزارة ، فالمفتشون قلة غير كافية لتغطية هذه المطالب فوق مهامها المتشعبة، وفي غياب وسائل العمل الكافية التي تعكسها بيانات وتصريحات هاته الفئة في كل مناسبة . والأساتذة بحاجة إلى تكوين وتأهيل حتى يستطيعوا التمكن من آليات التقويم واستثمار نتائجه. وذلك هو المشروع الذي ينبغي أن ينطلق قبل أي مذكرة تعكر الأجواء أكثر مما تفيد الممارسة، وإلا فستزهد مؤسساتنا في التعلم والأنشطة الصفية واللاصفية، وتنشغل بالمراقبة الصفية والموحدة والاختبارات، وتتحول إلى مراكز دعم ومراجعة تعد لهاته المحطات المتتالية بدل وظيفتها الأساسية .
الحاجة لتعديل المذكرة
ودعا الخبير التربوي الوزير إلى “تعديل المذكرة رفعا لكل لبس، ونفيا للتعارض مع القرارات المنشورة لوزارتكم في الجريدة الرسمية، أو على الأقل احترموا المساطر القانونية وغيروا ما شئتم وتحملوا المسؤولية بكامل الوضوح دون لبس كذلك، ولا تدعوا حجة قانونية للمنتقدين.”.
وخاطبه بالقول: لقد اُستغفلتم بحسن نية ، أو أخطأتم بقصد مرتين: مرة بتوقيعكم العريض على مذكرة غامضة تنافي قرارات الوزارة التي أنتم على رأسها، ومرة بموافقتكم على بلاغ توضيحي يعلم من وضعه قبل غيره أنه مناف للحقيقة، مجانب للصواب.
وخلص الخبير التربوي مخاطبا الوزير بأن “مذكرتكم في تعارض مع القانون بإلغائها الامتحان الموحد المحلي وتغييره بالفرض الموحد على صعيد المؤسسة، بغض النظر عن مواد الفرض، وأنتم تعلمون أن الشكل في القانون قد يحكم الجوهر. وعلى كل حال، فالرجوع لشيء من الحق أفضل من التمادي في الباطل”.