كشفت وزارة الاقتصاد والمالية، من خلال التقرير الشهري لمديرية الخزينة، عن بلوغ الدين الداخلي للبلاد إلى 483 مليار درهم بارتفاع يقدر بـ 2.4 في المائة مقارنة مع شهر دجنبر الماضي.

ووصل عجز الميزانية العمومية وفق ذات التقرير،  في شهر شتنبر المنصرم إلى أزيد من 23 مليار درهم، عوض 29.4 مليار درهم مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.

عجز في النظام الضريبي

وقال الخبير الاقتصادي، نجيب أقصبي، إن سبب الأزمة المالية التي يعيشها المغرب، يعود إلى عجز الدولة عن ضمان مستوى المداخيل الضريبة، مضيفا أن المشكل العميق يتمثل في تغطية النظام الضريبي لنفقات الدولة بما لا يزيد على نسبة 60 في المائة، ليبقى ما مجموعه 40 في المائة كهوة وفراغ يصعب ملؤه.

وتابع أقصبي، في تصريح لـ”لكم”، رغم أن الدولة تبحث عن موارد غير ضريبية لسد ذلك الفراغ، كمداخيل المؤسسات العمومية، إلا أنها لا تتمكن من تغطية نفقاتها، مضيفا أنه “حتى وإن حاولت الرفع من الموارد العادية، فيمكن للدولة أن توصل النسبة إلى 67 في المائة، لتبقى نسبة العجز 33 في المائة”.

وزاد المحلل الاقتصادي،”في حالة كهاته، التي هي نتيجة سياسة خاطئة، ثلث نفقات ميزانية الدولة لا يمكن تغطيتها إلا بالمديونية، لأن النظام الضريبي ليست له المردودية الكاملة”.

النفقات جزء من العجز

وفي نفس السياق، أفاد أقصبي، أن المغرب يعيش وضعاً متأزماً يولّد العجز بصفة مستمرة، موضحاً، “في النفقات لدينا نفقات التسيير تدخل فيها أجور الموظفين، وهناك نفقات الاستثمار ثم نفقات خدمة الدين، نجد أن هذه الأجزاء التلاثة وهي نفقات الدولة تمويلها (مضمون) في حدود التلثين، كأبعد تقدير فيما يستلزم أن تضمن موارد الدولة من 85 في المائة إلى مافوق إذا أردنا تجنب فخ المديونية”.

إلى ذلك تابع أقصبي، “نجد أن الدولة في تدبيرها اليومي للمالية العمومية، في حيرة من أمرها، مثلا إذا وصلت لـ20 في الشهر ووجدت الخزينة ليس فيها ما يكفي من نفقات، فهي تضطر إلى الاقتراض لكي تؤدي للموظفين رواتبهم مما يجعل مسألة الديون مستمرة”.

وأوضح أقصبي، أن العجز يعود لتخلي الدولة عن عائداتها، حين تقديمها لإعفاءات ضريبية، وصلت قيمتها إلى 33 مليار درهم، مضيفا “هذا يعتبر خسارة بالنسبة للدولة، وهي عبارة عن هدايا ضريبية، تعفي منها أصحاب المصالح الكبرى”.

الحكومة الحالية عمقت مشكل المديونية

وكشف المحلل الاقتصادي، أن مشكل المديونية قائم منذ عشر سنوات، فرغم أن نسبة المديونة كانت في انحفاض إلى حدود سنة 2007، إلا أنها عادت لترتفع سنة 2008 مع حكومة عباس الفاسي، وتفاقمت مع حكومة عبد الإله بنكيران.

وتابع أقصبي، “في بداية ولاية هذه الحكومة كانت نسبة المديونية بين 50 و55 في المائة لكنها ارتفعت إلى 83 في المائة، ولهذا فالأرقام تتحدث هنا”، على حد تعبيره.

وقال ذات المتحدث، “لكي نكون منصفين، هذه الحكومة عمقت المديونية رغم أن المشكل بدأ مع حكومات سابقة”.

استثمارات بدون مردودية

ومن أجل إيجاد حل لهذه الأزمة، يقول أقصبي، إنه “يتوجّب إصلاح ضريبي حقيقي يمكن أن يغير هياكل النظام الضريبي، الذي بإمكانه أن يطابق الإنصاف مع المردودية”، مضيفا، “أن الطابع المنصف للنظام الضريبي هو الذي سيرفع من المردودية”.

وطالب ذات المتحدث، بضرورة إعادة النظر في ما أسماها “السياسة العمياء” للنظام الضريبي وبضرورة إصلاح نظام الضريبة على الدخل وعلى الشركات وعلى القيمة المضافة في اتجاه أكثر عدالة وإنصاف”.

وأشار أقصبي أن الإصلاح يجب أن يمس الموارد وكل من النفقات في جانيبيها التسييري والاستثماري ، مشددا على ضرورة ابتعاد الدولة على الاقتراض للقيام باستثمارات ضعيفة المردودية، مما يزيد من إثقال كاهلها بالديون”.

 وأنهى الخبير الاقتصادي حديثه، قائلا،” هذه الأزمة قد تراكمت على امتداد سنوات ولا يمكن حل “مأزق المديونية” بعصا سحرية”، ليضيف، “بل هي تتطلب إصلاحات جذرية بعيدة المدى”.