ينطلق الملتقى الدولي للفلاحة بمكناس هذه السنة على وقع قلة التساقطات المطرية، وما تحمله من مشاكل بالنسبة للفلاحين الصغار منهم عل وجه الخصوص، وعلى الاقتصاد الوطني بشكل عام الذي يرتبط بشكل عضوي بالأمطار، حيث يرتقب أن لا يتجاوز الانتاج الوطني من الحبوب 50 مليون قنطار، وفق توقعات بنك المغرب.

وإذا كان الملتقى الذي انطلق يوم أمس الثلاثاء ويستمر إلى غاية 21 من أبريل، يركز هذه السنة بشكل كبير على العالم القروي حيث حمل شعار ” الفلاحة كرافعة لخلق مناصب الشغل ومستقبل العالم القروي”، فإن العديد من الفلاحين الصغار يقرون بأنهم لم يحظوا بالدعم اللازم من “مخطط المغرب الأخضر” الذي أطلق سنة 2008 للنهوض بالقطاع الفلاحي، والذي يركز بشكل كبير على الفلاحة التصديرية مقابل إهمال الفلاحة المعيشية والفلاحين الصغار.

الفلاحون و”الكسابة”، المشاركون في المعرض، والذين استقى “لكم” آراء البعض منهم، أكدوا أنهم تركوا لوحدهم في مواجهة شح الأمطار خلال هذه السنة، إضافة إلى معانتهم مع مشكل غلاء الأسعار وضعف التسويق.

الدولة تخلت عن الفلاح الصغير

“الرافعي عيسى” مربي أبقار من منطقة “أولاد سعيد” بإقليم سطات أكد لـ”لكم” أن الدولة تتفرج على الفلاحين مربي الأبقار المنتجة للحليب، وتتركهم في مواجهة الشركات، وهذا ما ظهر بشكل واضح في حملة المقاطعة التي خاضها المغاربة السنة الماضية.

وأوضح “الكساب” الأربعيني العمر أن حملة المقاطعة أثرت عليه بشكل كبير وأنه لم يحصل على دعم الدولة الكافي من أجل مواجهة تحدياتها، بحيث لم يحصل على أي تعويض في تلك الفترة.

“الدولة مبعدة علينا” بهذه العبارة يلخص “عيسى” واقع مربي الأبقار، فهذا الفلاح الذي ترتفع حدة صوته، كلما تحدث عن شركات الحليب وجشعها، يؤكد أن الشركات تقتني مادة الحليب بثمن بخس من الفلاحين، وتعيد بيعه بالثمن الذي تحدده هي، وهنا يتساءل هذا الفلاح هنا عن دور الدولة التي من المفروض أن تشرف هي بنفسها على ضبط الأسعار وضمان الجودة حماية للفلاح الصغير وللمواطنين على حد السواء، لكنها في المقابل تحابي الشركات على حساب الفلاحين وهذا بحسبه ما أظهرته حملة المقاطعة بشكل جلي.

فالدولة يضيف” عيسى” كانت تتذرع طوال فترة المقاطعة بالفلاح الصغير وضرورة مراعاة ظروفه ومصلحته، لكن ما كان يهمها هو مصلحة الشركات، وإلا لماذا لم تقم بتعويض مربي الأبقار لحد الساعة؟.

مشكل الأعلاف

واقع مربي الأبقار ليس بأفضل حال من مربي الأغنام والماعز، فالفلاح “الرويسي عبد السلام” الذي يسير تعاونية للماعز والأغنام بإقليم “خريبكة” أكد ل “لكم” أنه لم يحصل لحد الساعة على أي دعم من الأعلاف.

وأضاف هذا الفلاح الذي يناديه الجميع بالشيخ “الرويسي” بجناح مربي الماشية بالمعرض الفلاحي، احتراما لعمره وتجربته في المجال، أنه يملك 1700 رأسا من الماعز والأغنام، تستهلك 11 قنطارا من العلف بشكل يومي، وكل هذا من ماله الخاص بعيدا عن أي دعم للدولة.

الدولة “ماعطاتنا والو”

“الدولة باقية نسيانا وماعطاتنا والو” هكذا يردد هذا الفلاح السبعيني الذي حمل المسؤولية لوزارة الفلاحة، لأنها بحسبه لا تطلع على حقيقة أوضاع الفلاحين في مختلف أقاليم المغرب.

“الشيخ الرويسي” الذي روى ل “لكم” تجربه عمله في قطاع الفلاحة بفرنسا، أكد أن الفلاح المغربي مظلوم مقارنة بنظيره الفرنسي، فلا يمكن مقارنة التسهيلات والإمكانيات التي تمنحها الدولة الفرنسية للفلاحين ومربي الماشية مقارنة بما يمنح لنظرائهم في المغرب.
شح الأمطار يفاقم المعاناة

وإن كان “الرويسي” يرأس تعاونية للماشية، فإن جاره ” مصطفى العصامي” الذي يعرض الماعز أيضا وينحدر من منطقة “أبي الجعد”، فضل عدم الانخراط في أي تعاونية وأن يكون سيد نفسه، رغم أن وزارة الفلاحة تشجع الفلاحين على التكثل في إطار تعاونيات.

“العصامي” الذي يملك 400 رأس من الأغنام، أبرزأنه لازال ينتظر الدعم من الوزارة خاصة على مستوى الأعلاف، التي ارتفعت أسعارها بسبب قلة الأمطار.

وأوضح “عبد السلام” أن مشكل الأعلاف يتفاقم مع اقتراب عيد الأضحى الذي تفصلنا عليه أشهر معدودة، فلذلك ليس من المستغرب بحسبه أن ترتفع أثمنة الأضاحي بشكل كبير هذه السنة.

أمام عن سر تفضيله عدم الانخراط في أي تعاونية لتربية الماشية فيجيب “العصامي” برد حاسم وسريع ” علاشغندخل ليهم ماكينة تا حاجة لا دعم لا والو “، فالدعم الذي تقدمه الدولة للتعاونيات بحسبه ضئيل ولا يرقى لتطلعات الفلاحين.

ورغم ان شهادات الفلاحين و”الكسابة” متشابهة، وتؤكد على الإهمال الذي يتعرض له الفلاح الصغير، فإن وزير الفلاحة عزيز أخنوش، قال في أول ندوة احتضنها المعرض” ان الدولة تدعم جميع الفلاحين بدون تمييز وعلى حد السواء”، لكن جولة بسيطة في رواق تربية المواشي بالمعرض تظهر أن ما يروج هو بعيد تماما عن أرض الواقع.