وجه محمد السكتاوي المدير العام لمنظمة العفو الدولية – فرع المغرب، انتقادات شديدة للسلطات المغربية التي لا زالت ترفض الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما يعني حسب المتحدث، إمكانية عودة وارتكاب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مشيرا إلى المغرب وقع على النظام المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، ولكن عندما جئنا إلى الآلية الدولية رفض التوقيع، متسائلا من ماذا يخاف المغرب ولماذا لم يصادق؟

وتساءل السكتاوي الذي كان يتحدث مساء أمس السبت 10 يوليوز، في ندوة نظمتها منظمة العفو الدولية، تحت عنوان” ماذا بعد العدالة الانتقالية في المغرب”، على هامش الجمع العام لمجموعتها بطنجة، لماذا يرفض المغرب إلغاء عقوبة الإعدام ما دام أوقف التنفيذ؟ وإذا كان الأمر يتعلق بالإسلام فإن هناك دول إسلامية كثيرة ألغت عقوبة الإعدام كتركيا وكزاخستان، وجيبوتي، والسينغال، بالإضافة إلى كل الدول الإسلامية التي كانت منتمية للاتحاد السوفياتي.

ليخلص إلى أن السر، هي أن ننظر في لائحة تطبيق عقوبة الإعدام، لنجد أن كل الإعدامات التي حصلت في المغرب كانت إعدامات سياسية، مشيرا إلى أن الذين خارج السياسة معدودين على رؤوس الأصابع، بما في ذلك ثابت الذي كان ملفه سياسيا، بمعني يجب أن يبقى سيف الإعدام معلقا فوق الرؤوس.

أعطاب تجربة الإنصاف والمصالحة

قال المدير العام لمنظمة العفو الدولية – فرع المغرب، إن التجربة المغربية المتعلقة بالإنصاف والمصالحة تعاني من مجموعة من الأعطاب، منها التأخير في تنفيذ عدد من التوصيات، مضيفا أن من الأمور التي بقيت عالقة، عدم الكشف عن هوية مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سنوات الرصاص، ثم أيضا هناك قضية الإفلات من العقاب، معتبرا إياها من الضمانات الأساسية لعدم التكرار.

وأكد المتحدث، على أن التجربة المغربية ليست فقط لم تعرف الكشف عن هوية الجلادين، ولم تسائلهم، بل إن هؤلاء الجلادون لا زالوا في مواقع المسؤولية وهذا غير مفهوم، مبرزا أننا ممكن أن نفهم كل شيء منها “تجنبا للفتنة، وبلادنا فيها هشاشة سياسية والبلاد فتية في بناء الصرح الديمقراطي”، لكن أن يبقى الجلاد في المسؤولية هذا لا يمكن فهمه بالمطلق، وهناك من أجبر على الخروج من المسؤولية فقط عندما يتعلق الأمر بالوفاة.

عدم التكرار

على هذا المستوى، قال السكتاوي، إن المغرب في حاجة إلى وضع أسس قوية لعدم التكرار، ومنها إظهار الإرادة السياسية والشفافية في التعامل مع إرث سنوات الرصاص، داعيا إلى وضعه في متحف التاريخ إلى الأبد.

كما دعا السلطات الى تقديم كل يوم ما يثبت أنها تحترم حقوق الإنسان، وإلى إعطاء الأولوية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار مجتمع ديموقراطي يقوم على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.

وذكر السكتاوي، بالتقرير الذي سبق وأن أعدته منظمة العفو الدولية الذي جاء في حوالي 200 صفحة تحت عنوان “الوعد الضائع”، في إشارة إلى الوعد الذي جاءت به هيئة والإنصاف المصالحة، حيث أكد على أن المغرب كان بإمكانه الدخول إلى مرحلة جديدة لكنها الفرصة ضاعت حسب المتحدث.

الخوف من العودة إلى الماضي

قال المتدخل، إن الخوف من العودة إلى الماضي في المغرب لا زال قائما، في غياب استراتيجية وطنية لمكافحة الإفلات من العقاب، ولا زال عدم تجفيف منابع الانتهاكات الكامنة في الهشاشة الاجتماعية قائما، فضلا عن ازدياد خيبة أمل المواطنين في قدرة مؤسسات الدولة على التصدي لمظالم السكان الاجتماعية والاقتصادية.

وأشار السكتاوي، إلى أن هناك تحديا ت لا زالت مستمرة، منها البطالة والفقر والتهميش الاجتماعي، والفساد وانعدام المساءلة، وتدني المشاركة السياسية، كما أن هناك ضعفا في إدماج الشباب في تدبير الشأن العام وصنع القرار (المحاولات المتكررة للشباب للهجرة من البلاد بالرغم من المهالك التي تنطوي عليها )، وتزايد موجات الاحتجاج في السنوات الأخيرة في شتى أنحاء البلاد( أحداث حراك الريف وجرادة وغيرها..، مما أدى إلى الاضطرابات الاجتماعية (أحداث منطقة الريف وجرادة وغيرها).

بعض إنجازات تجربة الانصاف والمصالحة

ولم يفت السكتاوي الإشارة إلى أهم الإنجازات التي جاءت بها تجربة الإنصاف والمصالحة، منها مسألة جبر الضرر الفردي بشكل خاص، بمعنى أموال كثيرة منحت للضحايا، ومن الإنجازات أيضا أن التجربة أيدتها أعلى سلطة في البلاد المتمثلة في الملك، كما أن كثير من هذه التوصيات تم دسترتها في وثيقة سنة 2011.