أشار التقرير السنوي للمركز المغربي لحقوق الإنسان حول الوضعية الحقوقية بالمغرب سنة 2017، أن واقع المرأة المغربية لا زال يراوح مكانه، حيث يتسم بالهشاشة والحيف البنيوي بشكل كبير، سواء تعلق الأمر بمشاركتها السياسية، أو الحق في الشغل أو الصحة، أو على وجه العموم، حقها في فرص العيش الكريم.

وأضاف التقرير أن المرأة القروية أكثر عرضة لانتهاك حقوقها الاجتماعية والاقتصادية، في ظل تفشي الأمية وتصاعد وثيرة الاعتداء بشكل مريع، في ظل ضعف الرادع الزجري، حيث ارتفعت حالات الوفيات من أجل رغيف خبز، أو بسبب الاغتصاب والاعتداء الجنسي، وزنا المحارم، كما يتعرضن للموت بسبب ضعف الرعاية الصحية أثناء الولادة.

وأكد التقرير أن سنة 2017  عرفت حوادث مأساوية، ذهبت ضحيتها نساء، خاصة من الطبقات الهشة، وخاصة الحادث المأساوي، الذي توفيت خلاله 15 امرأة، فيما أصيبت خمس وفقدت أربعين امرأة وعيها جراء الازدحام، خلال توزيع مساعدات غذائية بإحدى القرى المغربية، تسمى “سيدي بولعلام” بإقليم الصويرة، إلا أن التحقيقات القضائية والإدارية لم تسفر إلا عن متابعات خفيفة وبتهم بسيطة، لم ترقى إلى هول الفاجعة والمصاب الجلل.

حقوق الطفل

وأوضح تقرير المركز المغربي لحقوق الإنسان أن نسبة الهدر المدرسي بالمغرب، التي وصلت سنة 2017 إلى مغادرة ما يقارب 280 ألف تلميذ حجرات المدارس دون استكمال الدروس، هي أعلى نسبة في العالم العربي، مسجلا في الوقت نفسه تنامي حالات الاعتداء على الأطفال بشتى أنواعه الذي قد يصل إلى حد القتل، كما وقع للطفلة خديجة بمدينة صفرو في يوليو 2017، وتعريضهم لآفات الإدمان على المخدرات، وتزايد أطفال الشوارع.

وأبرز التقرير أن 100 طفل يولدون بدون هوية الأب في المغرب كل يوم، فضلا عن تشغيل الأطفال، خاصة خادمات البيوت، اللواتي بلغن حسب بعض الإحصائيات أكثر من 30000 خادمة بيوت من الأطفال.

كما سجل بأن نسبة وفيات الأطفال حديثي الولادة لا زالت مرتفعة، خاصة في صفوف الفئات الفقيرة، حيث يبلغ حسب التقديرات المتواترة قرابة 40 طفلا في كل 100 من الأطفال أقل من 5 سنوات، ولعل أطفال المناطق النائية، البعيدة عن الرعاية الصحية أكثر عرضة للوفيات في هذه السن المبكرة.

كما تطرق التقرير إلى ظاهرة زواج القاصرات، خاصة في المناطق النائية المهمشة، الشيء يعرض الفتيات إلى سوء المعاملة وانتهاك حقوقهن في النمو والتطور الطبيعي، إلى ذلك تضاف أزمة الطفولة، في ظل غياب تشريع ديمقراطي يهتم بحقوق الطفل بصفة حصرية.

حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة 

وبحسب نفس التقرير، شهدت سنة 2017 احتجاجات عارمة للمواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة، نظرا للوضعية الهشة التي تعيشها هذه الفئة، وعدم تمكنها من المساعدة الحيوية، التي من المفترض أن تمنح لها، بغية ضمان فرص العيش الكريم، وتحقيق ذاتها وطموحاتها المساهمة الفعالة في المجتمع، بدل أن تبقى عالة على نفسها وعلى المجتمع.

وأشار التقرير أن نسبة المواطنين ذوي الاحتياجات الخاصة تصل إلى %6,8 من مجموع السكان في المغرب، إلا أن نسبة البطالة في صفوف هذه الفئة تتجاوز %60، مما يدل على حجم المعاناة والتهميش الذي تتعرض له هذه الفئة.

الحق في التعليم 

وتطرق التقرير إلى الأزمة البنيوية التي يعيشها التعليم بالمغرب، والتي تنعكس سلبا على قدرات المغرب الاقتصادية وكذا مشاريعه التنموية، حيث كان ترتيب المغرب ضمن تقرير حول ”جودة التعليم” لعام ، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، في الرتبة 101 من بين 137 دولة، بدرجة إجمالية متوسطة بلغت 3,6 نقطة، حيث يواجه قطاع التعليم ببلادنا وبشكل مسترسل وتصاعدي اختلالات بنيوية.

ودعا المركز إلى ضرورة إعادة النظر في هيمنة اللغة الفرنسية على مناهج التعليم ببلادنا، حيث بات لزاما على المغرب تدارك الـتأخر الحاصل، ومواكبة الركب العالمي، من خلال اعتماد اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية أساسية، مع تعميم وتأهيل التعليم باللغة العربية، وتوفير فرص التعليم بالوسائل الحديثة.

وكا سجل المركز تناميا خطيرا لمظاهر العنف داخل الثانويات والجامعات، بين التلاميذ والطلبة أنفسهم، وبين التلاميذ وأساتذتهم، وقد كانت حالات عديدة موضوع شرائط مرئية وصور على مواقع الأنترنت، مما يدفع إلى دق ناقوس الخطر، إزاء فقدان الانضباط وقيم الاحترام داخل المدرسة المغربية، وتمييع رسالة التدريس، فضلا عن تنامي مظاهر الإدمان والتحرش الجنسي في حق الفتيات، سواء من قبل زملاء لهم في الصف، أو من قبل بعض الأطر التربوية.

الحق في الصحة 

وأشار تقرير المركز المغربي لحقوق الإنسان، إلى أن المغرب لم يعد يتوفر على منظومة صحية حقيقية، قياسا مع حجم المتطلبات، حيث أصبحت كل المستشفيات المغربية تقريبا عنوانا للفوضى والتسيب، وحاضنة حقيقية للابتزاز والرشوة، ولمافيا القطاع الصحي الخاص، كما أن أقسام المستعجلات لا تتوفر على المعايير المهنية الكفيلة بهذا التوصيف، حيث أن العديد من الحالات المستعجلة تتعرض إلى الإهمال حتى الموت أو إلى عناية شكلية، تكاد لا تسمن ولا تغني من جوع.

كما سجل التقرير ما وصفه بالواقع المزري لمعظم المؤسسات الاستشفائية المغربية، حيث تفتقد غالبيتها إلى المقومات اللوجستية والبشري الضرورية، قياسا مع حجب طلب المواطنين، حيث لا يتوفر المغرب إلا على معدل 46 طبيب لكل 100 ألف نسمة، في مقابل 300 طبيب في دول أوربا، كما لا يتوفر إلا على معدل سرير واحد لكل 1000 نسمة، في مقابل 7 أسرة لكل 1000 نسمة بأوروبا.

واعتبر التقرير أن مشروع “راميد” لم يحقق أهدافه، في ظل تدخل العديد من الأطراف وغياب الشفافية والرقابة على الملف برمته، بحيث أصبحت البطاقة من نصيب أشخاص لا يستحقونها بقوة القانون، فيما يحرم منها المعوزون الحقيقيون، فضلا عن الأخطاء الإدارية التي واكبت عملية تبطيق المواطنين من ذوي الحاجة.

القدرة الشرائية وحقوق المستهلك

واعتبر التقرير أن سنة 2017 لم تشهد تغييرا حقيقيا مقارنة مع السنة الفارطة، حيث أن سياسة الحكومة المغربية في تحرير المواد الأساسية من الدعم تدريجيا، جعلت المواطنين عرضة للهيب الأسعار، وزادت حدة المعاناة التي يكابدها المواطنون بتوالي الزيادات غير المبررة، في المحروقات، التي تعتبر مصدر غلاء كل الأسعار،   في ظل انكماش اقتصادي، وهو ما يرخي بضلاله السلبية على القدرة الشرائية المواطنين، مما يدفع آلاف المواطنين إلى الاحتجاج.

وأشار التقرير إلى أنه عدم تفعيل قانون رقم 08-31، المتعلق بوجوب اتخاذ تدابير لحماية حقوق المستهلك، حيث إن سماسرة ووسطاء المضاربة ولوبيات احتكار تجارة المواد الاستهلاكية وكذا القطاعات الاستهلاكية عاثوا في الأسواق فسادا، وتسببت أنشطتهم في انتشار مظاهر الغش والاحتيال والزيادات غير القانونية في الأسعار، وبالخصوص في أسواق الخضر والفواكه والأسماك، وقطاع الاتصال والعقار والبنوك والتأمين، حيث شهدت هذه الأنشطة توسعا غير مسبوق خلال سنة 2015، في ظل القرارات الفجائية التي اتخذتها الحكومة المغربية، وفي ظل غياب آليات مراقبة فعالة في هذا الشأن.

حق الإضراب

واعتبر التقرير أن مشروع القانون عدد 15ـ97، المنظم للحق في الإضراب، والذي مررته الحكومة المغربية إلى البرلمان من أجل المصادقة عليه في شتنبر 2016،  يتضمن قيودا كثيرة على الحق في الإضراب، مثل الدعوة إلى الإضراب قبل 15 يوما من موعده، وإخطار رب العمل أسبوعا على الأقل من يوم الإضراب، واشتراط %75 من العمال لإتمام الإضراب، وتخاذ قرار الإضراب عن طريق الاقتراع السري.

إضافة إلى حرمان الأجير من أجرته خلال أيام الإضراب، وفرض مدة سنة من تاريخ الإضراب قبل الدعوة إلى إضراب آخر لنفس المطالب، فيما يحق لرب العمل المطالبة بالتعويض في حالة خرق قانون الإضراب، مما يستعصي معه ممارسة الحق في الإضراب بصفة نهائية.

الحق في الشغل 

وأكد التقرير أن سوق التشغيل ببلادنا ووفق المعطيات الرسمية عرف خلال سنة 2017 انتكاسة جديدة، حيث بلغت نسبة العطالة في صفوف الشباب إلى حددود 24 سنة حوالي %26,5، فيما بلغت نسبة العطالة في صفوف حاملي الشوهد نحو %17,9.

كما اتسمت سنة 2017 باستمرار موجة إغلاق المقاولات أبوابها، حيث كشفت دراسة ميدانية بأن ما يفوق 8000 مقاولة أغلقت أبوابها خلال سنة 2017، لتسجل بذلك رقما قياسيا، مقارنة بالسنوات الفارطة، فيما تم تسريح آلاف العمال والعاملات، ولا زالت قضايا حقوق ومستحقات العمال تجوب ردهات المحاكم.

واعتبر التقرير أن مدونة الشغل ، لا زالت تتسم بسلبيات عديدة، منها غياب صلاحيات قوية لمفتش الشغل كإمكانية الزجر والعقوبة المؤثرة، وكذا وجود إجراءات مسطرية معقدة لاسترجاع الأجير لمستحقاته، فضلا عن التأويلات المتناقضة التي تعتري العديد من بنودها، كما أن أرضية القانون لا تتماشى مع الهيكلة الحالية للمقاولات.