سجلت الهيئة الحقوقية لجماعة العدل والإحسان استمرار انتهاك الحقوق والحريات بسبب المقاربة الأمنية التي اعتمدتها الدولة في تدبير الأزمة الناجمة عن الجائحة، رغم تنبيهات المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وتحذيرات العديد من الهيئات الوطنية والمنظمات الحقوقية والمؤسسات الدولية بضرورة وقف نزيف انتهاك الحقوق والحريات في ظل حالة الطوارئ الصحية.

وأشارت الهيئة الحقوقية في بلاغ لها بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان إلى أن الدولة اتجهت منذ بدء الطوارئ الصحية نحو إرساء مجموعة من القوانين والتشريعات كرست مزيدا من التضييق على الحقوق والحريات، وتم توسيع صلاحيات العمال والولاة.

وانتقد حقوقيو الجماعة عددا من القرارات التي سنت بسبب الطوارئ الصحية، من قبيل تعليق العمل بالمحاكم والاقتطاع من أجور الموظفين للمساهمة في صندوق كورونا في ظل أوضاع اجتماعية صعبة، وتأجيل صرف الترقيات والتعويضات بذريعة تدبير أزمة الجائحة.

كما أن الحكومة يضيف البلاغ، استغلت حالة الطوارئ لمحاولة تمرير مشروع قانون 22.20 المتعلق باستعمال منصات التواصل الاجتماعي، بهدف الضبط وتضييق الخناق على حرية الرأي والتعبير في مخالفة صريحة لروح المادة 25 من الدستور التي تنص على أن “حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها”.

ولفتت الجماعة إلى توثيق العديد من التدخلات غير القانونية لرجال السلطة أثناء تنفيذ إجراءات وتدابير مواجهة الجائحة، واستهداف الإعلاميين والحقوقيين والسياسيين، بمحاكمات سياسية واعتقالات تعسفية، وحملات التشهير، مع استمرار الإعفاء التعسفي من المهام الإدارية، وعدم إنصاف الأطر المعفيين لأسباب سياسية، وكذا الأساتذة المرسبين، وأصحاب البيوت المشمعة بدون سند قانوني، والجمعيات الممنوعة من حقها في التنظيم بسبب الانتماء السياسي لأعضائها.

وأكد حقوقيو الجماعة استعمال العنف المفرط لمواجهة الحركات الاحتجاجية السلمية التي ازدادت حدتها ورقعتها بسبب تداعيات وباء كورونا وآثارها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، واستمرار اعتقال نشطاء الحراك، فضلا عن أن السجون المغربية عرفت اكتظاظا كبيرا وظروفا صعبة، زادتها الجائحة تأزما، مما يستدعي الاستجابة لمطالب المنظمات والشخصيات الحقوقية بالإفراج عن المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي بالسجون المغربية، واتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من الاكتظاظ.

وأضاف البلاغ أن توزيع الدعم المادي على الأسر الفقيرة أثناء الجائحة خطوة إيجابية، لكن شابتها اختلالات عدم التعميم، واستثناء فئات عريضة مستحقة، مسجلا تسريح أزيد من 625 ألف عامل، ومطالبة نحو 5،5 مليون عائلة بالدعم المادي في ظل الأسعار المرتفعة وازدياد البطالة، وتقليص التوظيف، ما يجعل الوضع الاجتماعي مقلقا للغاية، لكن قانون المالية لا يمضي في اتجاه معالجته.

وأشار حقوقيو الجماعة إلى أن الجائحة أبانت عن أهمية قطاع التعليم، مما يستوجب تحسين الظروف المادية للعاملين في هذا القطاع، كما كشفت عن هشاشة المؤسسات الصحية، وصعوبة الولوج إليها، ونقص الخدمات، وعجز القطاع عن استقبال المصابين بالمرض، بسبب الخصاص المهول في الأطر الصحية، والتجهيزات، بفعل التقليص المطرد لميزانية القطاع، واستنزاف الموارد البشرية لصالح القطاع الخاص.

ودعت الجماعة في ذات البلاغ إلى فتح باقي المساجد ضمانا للأمن الروحي، وتفاديا للاكتظاظ خارج المساجد، خاصة إبان صلاة الجمعة، فقد عبر المصلون في المساجد عن درجات عالية من الانضباط واحترام التدابير الاحترازية للحد من انتشار الوباء