بوادرُ أزمةٍ دبلوماسيةٍ جديدةٍ تلوحُ في الأفق بين مصر والمغرب، بعدما استقبلت القاهرة بحرَ هذا الأسبوع، وفدًا من ”البوليساريو” للمشاركة في المؤتمر البرلماني العربي الإفريقي، وهي خطوة اعتبرها بعض المحللين بأنها تأتي في ظل التقارب ”الكبير” الذي ميز علاقات الرباط وعدد من دولِ الشرق الأوسط، إلى جانب العودة القوية للساحة الإفريقية، بحيث بات ”النظام” المصري يلعب على ورقة ”افتعال الأزمات” لإرسال رسالة إلى الخليج والمغرب، مفادها أن مصر لن تقبل بقيادة جديدة لإفريقيا، وترفض أي ”توافق” استراتيجي يهدد مصالحها في المنطقة.

 جفاء دبلوماسي وترحيب ”حذر”

خيوط كثيرة تشابكت في العلاقات المصرية المغربية وغيوم كثيفة غطت سماء هذه العلاقات، خصوصا في ظل ”الجفاء” الدبلوماسي الذي بات يطبع علاقات الرباط والقاهرة خلال السنوات الأخيرة، الذي سبقته مؤشرات ”سياسية”  كانت تظهر بأن التقارب بين البلدين ممكن، وأن الأزمات السابقة ليست إلا ”تكتيكٌ” لخلق التوازن المطلوب، خصوصا بعد قرار عودة المغرب إلى الحاضنة الإفريقية، وهو القرار الذي رحبت به ”القاهرة” ودعت إلى تثمينه والدفع إلى تنزيله، حدث هذا، في ظل التقارب ”غير المسبوق” بين النظامين الجزائري والمصري، الذي قرأ فيه المغرب تحالفًا خطيرًا عليه، وقد تمَّ الوصول إلى قمة الأزمة عند بداية سنة 2015، التي ظهر فيها الإعلام الرسمي المغربي بخروجه غير المعهود وغير مسبوق بهجوم إعلامي على النظام في مصر، ووصف ما حدث بالانقلاب، وأن عبد الفتاح السيسي قائد انقلابي.

مزاج الخارجية المصرية ”متقلب”

استقبال القاهرة لوفد من ”البوليساريو” للمشاركة في أشغال البرلمان العربي الإفريقي، يأتي، بحسب خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، في سياق ”مخالف” لمسار العلاقات المغربية المصرية، التي عرفت قمة ”حميميتها” في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، موضحا أن ”الدبلوماسية المصرية كانت دائما تظل بمنأى عن التجاذبات المغربية الجزائرية”.

وكشف الشيات، في تصريح لموقع “لكم”، عن أن ”النظام المصري لا يملك رؤية إستراتيجية ولا قراءة عقلانية واضحة للواقع الدولي والمحيط الإقليمي، وهو نوع من الهروب إلى الأمام، ونهج سياسية غير محسوبة، لمعاقبة المغرب على مساره الديمقراطي”، قبل أن يؤكد: ” المسار الديمقراطي في المغرب أصبح يزعج المصريين، فسياق انتخابات 7 أكتوبر، التي فاز فيها حزب ”العدالة والتنمية” ذي التوجه الإسلامي، لم يرق الإعلام المصري الرسمي، الذي يدعي أن هناك جناحا تابعا للإخوان المسلمين في المغرب لا يزال مستمرا في السلطة”.

مصر هي الخاسرة

وأشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن ”المغرب لن يخسر شيئا، الخاسر في هذه المعادلة الدولية هي مصر، التي ستفقد الكثير في عدائها للمغرب بشكل عام، وعلى الإسلاميين بالخصوص، قبل أن يشير إلى أن ”زيارة الملك محمد السادس لعدد من دول الخليج ، التي عبرت في مؤتمراتها عن دعمها لأطروحة الرباط في المحافل الدولية، والعودة السياسية القوية للمغرب إلى ”الحاضنة” الافريقية، كلها عوامل ساهمت في تشكل مزاج السياسة الخارجية المصرية”.

”المصريين اتجهوا نحو التحالف مع الدب الروسي في عدد من قضايا الشرق الأوسط وهمشوا عددا من الأطراف المهمة في المنطقة التي كانت تمثل بالنسبة للقاهرة حليفا استراتيجيا ”فوق العادة”، وهي نفس الأطراف اتجهت إلى دعم الرباط والتشبث بأطروحته، يقول الشيات، قبل أن يؤكد أن ”الذي يمس الوحدة الترابية يضع أصبعه في ”خلية نحل”، فالمغرب يمكنه أن يتجاوز عددا من القضايا الإستراتيجية ما عدا قضية الصحراء.