تقارير

دراسة علمية ترصد احتياطيات الذهب والنحاس والزنك في قلب الأطلس الكبير الشرقي عبر الأقمار الصناعية

عبد الحكيم الرويضي

كشفت دراسة علمية حديثة، نُشرت في دورية التقارير العلمية التابعة لمجموعة “نيتشر”، عن وجود مؤشرات واعدة لتحولات حرارية مائية مرتبطة بتراكمات معدنية في “نواة موݣور” الواقعة في الأطلس الكبير الشرقي بالمغرب، وذلك بالاعتماد على تقنيات متقدمة في الاستشعار عن بعد.

وتُعد منطقة “موݣور”، شمال قرية ݣرامة باقليم ميدلت، جزءا من السلسلة الهرسينية وتتميز بتكويناتها الجيولوجية الغنية بالمعادن مثل الرصاص والزنك والنحاس والحديد. حيث استفاد الباحثون من صور الأقمار الصناعية”آستر” و”سنتينيل-2″ و”آلوس” لتحليل التركيب الجيولوجي للمنطقة وكشف التحولات المعدنية المرتبطة بالنشاط الحراري المائي، مثل وجود معادن الكاولينيت والإليت والكلوريت والهِماتيت.

 

ويتقدم فريق البحث عبد اللطيف عمراوي من جامعة القاضي عياض بمراكش، ومن نفس الجامعة، حسن إبوح ويوسف بامو، بالإضافة إلى خبير الاستشارات الجيولوجية عبد الواحد فرح، وعلي شبل من قسم المعادن والجيولوجيا بجامعة “ديبريسين” في المجر.

وتُبرز هذه الدراسة أهمية استخدام تقنيات الاستشعار عن بُعد في استكشاف المعادن، خاصة في المناطق ذات التضاريس الوعرة. كما توفر خارطة طريق للمستثمرين والجهات المعنية لتحديد مناطق جديدة واعدة للاستغلال المعدني، مما قد يسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية في المنطقة.

وأكد الفريق العلمي أنه تم تحديد مناطق التغير الهيدروحراري، التي تحتوي على معادن غنية بالحديد والكوارتز، بالقرب من مناطق الصدوع مثل “تيت ن’علي”، “تيجان”، “تالهاريت”، و”تاملهل”. حيث أظهرت التحليلات أن هذه المناطق تتوافق بشكل كبير مع الهياكل المعدنية المعروفة، مما يشير إلى أن التمعدن يتحكم فيه بشكل أساسي البنية التكتونية.

وتشير نتائج الدراسة إلى إمكانية وجود تراكمات معدنية ذات جدوى تجارية، خاصة أن البنيات الجيولوجية التي تم تحديدها، مثل الصدوع والكسور، تُعد عادة مسارات مفضلة لتراكم الخامات المعدنية، خصوصاً في البيئات المرتبطة بالنشاط الهيدروحراري.

وأكد الباحثون أن التحليل الطيفي متعدد المستشعرات مكّن من تمييز أنواع التحولات الحرارية المائية بدقة، حيث تم تحديد مناطق تحتوي على معادن الطين مثل الإليت والكاولينيت، إضافة إلى مناطق غنية بالمعادن المؤكسدة كالهماتيت والكوارتز، وهي مؤشرات تقليدية لوجود نظم حرارية مائية قد ترتبط بتراكمات معدنية ثمينة.

وتظهر مؤشرات الذهب مع معادن الطين (الإليت والكاولينيت) والمعادن المؤكسدة كالهماتيت والكوارتز ضمن الشبكات المشقوقة لصخور الكاربونات والسيدرايت والأنكريت. وبالتالي، فإن الذهب يُرجح وجوده في المناطق الهيدروحرارية المحيطة بهذه الصدوع، حيث وفرت شبكات الشقوق مسارات لاحتواء السوائل المعدنية الساخنة التي ترسبت منها بذرات الذهب مع معادن أخرى.

وقد تم استخدام مجموعة من تقنيات المعالجة الرقمية مثل تحليل مكونات الطيف المنفصل (SAM) وتحليل نسبة الطيف الموجه (BRR) والتصنيف غير المُراقب للصور، مما أتاح رسم خرائط جيولوجية دقيقة توضح أنماط التحول المعدني والهياكل التكتونية المرتبطة بها. ولفت الباحثون إلى أن النتائج تتقاطع مع المعطيات الجيولوجية السابقة للموقع، مما يعزز مصداقية وفعالية هذه الأدوات في الاستكشاف الجيولوجي.

  • المقال التالي

    الآن

    يُمكنكم تحميل تطبيقنا الرسمي

    الآن يُمكنكم تحميل تطبيق موقع "لكم" المزيد +