يرى أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، أن المغرب تواجه تحديات هيكلية تستدعي إجراء إصلاحات جذرية بدلا من الحلول الطارئة. وبالرغم من القلق الحالي، يظل الحليمي متفائلا بالمستقبل، مشيرا إلى أن المغرب يتمتع بمزايا جيوسياسية واقتصادية تسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية.

في حوار مطول، اجراه معه نورالدين العفريت بموقع “ميديا 24”، قدم أحمد الحليمي تحليلا شاملا للوضع الاقتصادي والاجتماعي في المغرب، بدءا من الأزمات المتعددة التي واجهتها البلاد، مثل جائحة كوفيد-19 والصراع بين روسيا وأوكرانيا وزلزال الهاوز وفترة جفاف طويلة. وأشار إلى أن هذه الأزمات، جنبًا إلى جنب مع تراجع معدلات النمو الاقتصادي، ساهمت في زيادة معدلات البطالة بشكل كبير.

وبالفعل، أوضح الحليمي أن هناك علاقة وثيقة بين معدلات النمو الاقتصادي ومعدلات البطالة، حيث يزداد معدل البطالة عادةً مع انخفاض معدلات النمو، وهذا ما أظهرته دراسات البنك الدولي والأرقام التي نشرها المجلس الأعلى للتخطيط في المغرب. ومن ثم، أشار إلى أن التحديات الرئيسية في الوقت الحالي تتعلق بالتغيرات الهيكلية في الاقتصاد والمجتمع، والتي تتطلب إجراءات إصلاحية هيكلية للتغلب عليها.

وأشار الحليمي إلى أن المغرب يواجه تحديات كبيرة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، بما في ذلك زيادة معدلات البطالة، وتدهور الظروف المعيشية للعديد من الأسر، وزيادة التفاوت في الدخل والثروة بين الطبقات المختلفة من المجتمع.

وكشف التحديات الهيكلية في الاقتصاد المغربي، مثل تباين الثروة والتفاوت الاجتماعي، تسهم في استمرار مشكلة البطالة، ولذا يتعين التركيز على تحقيق التوازن والعدالة الاجتماعية كجزء من الحلول المستدامة.

للتوضيح يمكن أن يؤدي التفاوت في توزيع الثروة إلى تراكم الثروات في بعض المجتمعات بينما تظل فئات أخرى في حالة فقر، مما يؤثر على فرص العمل ويزيد من البطالة في هذه الفئات. بالإضافة إلى ذلك، التفاوت الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى عدم المساواة في الوصول إلى التعليم والتدريب والفرص الاقتصادية، مما يؤثر سلبًا على فرص العمل ويسهم في استمرار دائرة البطالة.

لذا، يشير الحليمي إلى ضرورة التركيز على تحقيق التوازن والعدالة الاجتماعية كجزء من الحلول المستدامة لمشكلة البطالة، من خلال تنفيذ سياسات اقتصادية واجتماعية تعزز الفرص للجميع وتقلل من التفاوت في الثروة والفرص.

وتحدث الحليمي عن تراجع النمو الاقتصادي وتدهور الظروف المعيشية وزيادة التفاوت في الدخل والثروة، وشدد على ضرورة تحقيق التوازن بين القطاعات الاقتصادية وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، مع التركيز على تعزيز القطاع الزراعي وتحسين كفاءته وتحديث البنية التحتية وتعزيز الاستثمارات في الابتكار والتكنولوجيا.

وأوضح الحليمي أن البطالة تتزايد بسبب التحولات الهيكلية في القطاع الزراعي، والتي تشمل تحول العمالة من الزراعة إلى الصناعة والخدمات، فضلا عن نقص الفرص في القطاع غير الزراعي، بالإضافة إلى الزيادة الكبيرة في عدد الشباب الذين يدخلون سوق العمل سنويا دون توفر فرص عمل كافية.

كما أكد على أهمية تحقيق التوازن في الاقتصاد المغربي، من خلال تعزيز القطاعات الاقتصادية المختلفة وتنويع مصادر الدخل، بحيث لا يكون الاقتصاد معتمدا بشكل كبير على قطاع واحد أو على القطاع غير المنتج للموارد الطبيعية.

وأشار إلى ضرورة تحسين بيئة الأعمال في المغرب من خلال تبسيط الإجراءات وتقليل البيروقراطية، وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، لجذب المزيد من الاستثمارات الخاصة وتعزيز الثقة في الاقتصاد.

ودعا المندوب السامي للتخطيط إلى تعزيز التعليم والتدريب المهني لزيادة مهارات العمالة وتأهيلها لسوق العمل، وذلك من خلال تطوير برامج تدريبية تناسب احتياجات سوق العمل وتعزز فرص العمل للشباب.