أوصت دراسة بعنوان “تأثير الحرب الروسية-الأوكرانية على حركة الشركات متعددة الجنسيات في المغرب: فرصة جديدة جيو-اقتصادية وجيوسياسية”، بضرورة متابعة تطور الوضع الجيوسياسي في شرق أوروبا وتأثيراته على شركات متعددة الجنسيات عن كثب.

واقترحت الدراسة التي أنجزها الباحث مصطفى الخنشوفي من مختبر أبحاث علوم تدبير المنظمات في المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير التابعة لجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، بتعاون مع أنوار عمي الأستاذ بذات المدرسة، وعمر أوحجو المحاضر بالمدرسة الوطنية العليا للمعلوميات وتحليل الأنظمة التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، أن تفكر السلطات المغربية في سياسات تحفيز لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، مع الحرص على الحفاظ على بيئة تجارية مستقرة وجاذبة.

واعتبر الباحثون أن الحرب الروسية الأوكرانية خلقت فرصًا وتحديات للشركات متعددة الجنسيات في المغرب، وهو ما يجعل النهج التوازني والاستباقي ضروريًا للحصول على أقصى استفادة ممكنة مع الحد الأدنى من المخاطر المحتملة في هذا السياق الجيواقتصادي المتغير.

واعتبرت الدراسة أن الأزمة الروسية الأوكرانية أدت إلى اضطراب في النظام الدولي، بشكل لم تعد معه الشركات متعددة الجنسيات مُعفيةً من تأثيراتها، الأمر الذي دفعها إلى تعديل استراتيجيات توسيعها مع مراعاة الجوانب الجيوسياسية والتغيرات التي شهدها العالم.

وأشارت الدراسة إلى أنه على إثر قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غزو أوكرانيا لأغراض جيوسياسية بهدف تأمين الموقع الاستراتيجي لدولته وحماية حدودها من تداخل مصالح منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) والولايات المتحدة، قامت الشركات المتعددة الجنسيات الكبيرة التي تعمل في مجالات الصناعة والمالية والطاقة بتعليق أنشطتها بشكل متزايد مع روسيا احتجاجًا على الغزو الأوكراني.

وذكرت الدراسة على سبيل المثال أن ثلاث من أكبر شركات الشحن في العالم، الإيطالية السويسرية لشركة الشحن البحري (MSC) والدنماركية مايرسك والفرنسية CMA CGM، أعلنت تعليق الطلبات الجديدة الصادرة والواردة إلى الموانئ الروسية. واتخذت Hapag-Lloyd الألمانية، التي تعتبر خامس أكبر شركة نقل بحري في العالم، نفس القرار.

وخلصت الدراسة إلى أن المغرب يجب أن يستغل هذه الفرصة ويستفيد من استقراره السياسي وموقعه الجغرافي من أجل زيادة جلب رؤوس الأموال الأجنبية إلى أراضيه، معتبرة أن ذلك عامل محوري في القوة الجيواقتصادية والجيوسياسية للدول في سياق النظام العالمي المعولم.

وحصرت الدراسة ثلاث نتائج اقتصادية رئيسية لهذه الأزمة على المغرب تتمثل في ارتفاع أسعار منتجات البترول، أزمة في مجال الغذاء تبدو في الأفق، ومخاطر تباطؤ النمو الاقتصادي في منطقة الاتحاد الأوروبي.

وأشارت الدراسة إلى أن هذه الأزمة دفعت السلطات المغربية إلى إطلاق بعض المساعدات، بما في ذلك دعم قطاع الزراعة وشركات النقل البري، كما قامت الحكومة بمضاعفة ميزانيتها لدعم غاز البوتان والدقيق والسكر إلى 32 مليار درهم مغربي، مضيفة أنه في الربع الثالث من عام 2022، واجهت حوالي (52٪) من شركات صناعة التصنيع صعوبات في تأمين المواد الخام.

واعتمدت الدراسة على منهجية من الأدب الجيوسياسي والاستراتيجي والاقتصادي، مقترنة بتحليل نقدي للاتجاهات المعاصرة، بهدف فهم كيف تؤثر هذه الأزمة على التطور الجيو-سياسي والجيواقتصاد للشركات متعددة الجنسيات.

واعتبرت الدراسة أن أولويات الدبلوماسية المغربية تتمثل في تعزيز الأداء وتعزيز موقف المملكة المغربية على الساحة الدولية، مشيرة أن هذه الأولويات تشمل التصدي لتدابير الخصوم للوحدة الوطنية والسيادة الترابية للمغرب؛ بهدف تحويل الأراضي الصحراوية المغربية إلى منصة جاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة.، وكذا إعطاء الأولوية لدبلوماسية اقتصادية جريئة، تكون قادرة على تعبئة الطاقات لتطوير الشراكات وجذب الاستثمارات.

وفي ذات السياق اوصت الدراسة بتقديم الدعم والتشجيع اللازمين للدبلوماسية الثقافية ونشر التراث الحضاري والثقافي المغربي. وكذا تأكيد المغرب التزامه ببناء الاتحاد المغاربي، معتبرة أن هذه العناصر تشكل إطار هذه الدبلوماسية المغربية الجديدة ومذهبًا لتعزيز تموضعها الجيواقتصادي.