سجل المجلس الأعلى للحسابات وجود جملة من الاختلالات التي تعتري برنامج “التربية الدامجة” الهادف إلى إدماج الأطفال في وضعية إعاقة بالمدارس، وهو ما حال دون تحقيق المأمول منه.

وأشار المجلس في تقرير له إلى أن الإحصائيات تبين أن فئة عريضة من الأطفال المعنيين لا يلجون للمدارس أصلا، فالمؤسسات التعليمية تستقبل أقل من 53 ألف طفل من بين 150 ألفا يوجدون في وضعية إعاقة، وتتراوح أعمارهم ما بين 6 و17 سنة.

وأرجع التقرير عدم ولوج غالبية الأطفال في وضعية إعاقة للمدارس إلى عدة عوامل، أبرزها النقص في توفير خدمات الدعم الاجتماعية كالنقل المدرسي الملائم لهذه الشريحة، والولوجيات، والخدمات الطبية وشبه الطبية، والمرافقات، والدعم المادي، وهو الوضع الذي يزداد تعقيدا بالنسبة للشريحة التي لها إعاقة عميقة والتي تتطلب مراكز متخصصة.

ورصد التقرير أن المشروع تعتريه اختلالات منذ بدايته، إذ لم يتم وضع وثيقة رسمية تحدد الإطار المرجعي للبرنامج، تبين الأهداف والكلفة التقديرية والجهات المتدخلة، ومسؤولية كل طرف، وكذا آليات التتبع والقيادة والتقييم بناء على مؤشرات واضحة ودقيقة.

كما أن البرنامج وُضع دون التوفر على معطيات مضبوطة ودقيقة عن عدد الأطفال في وضعية إعاقة وعن نوعية هذه الإعاقة، وهكذا استهدف فقط حالات الإعاقات الخفيفة والمتوسطة، مما استعصى معه تحديد الأهداف الكمية والنوعية للبرنامج.

ومن الجانب التمويلي للبرنامج، رصد التقرير عدم تحديد توقعات مالية مفصلة له، تمكن من تنزيل مضامينه ومن تحقيق الأهداف المتعلقة به، كما أن الاعتمادات المخصصة له على مستوى الأكاديميات، تتم دون استشارة المسؤولين عن البرنامج لتحديد الحاجيات الدقيقة.

وعلى الرغم من كون تنزيل هذا البرنامج مرتبط بشكل كبير بالانخراط الفعلي والمباشر للفاعلين الجهويين والإقليميين، فإن قطاع التربية الوطنية لم يقم بوضع إطار تعاقدي مع الأكاديميات يسمح بإعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتقدير مستويات الفعالية والنجاعة على المستويين الجهوي والإقليمي، ناهيك عن ضعف إشراك الأطراف ذات العلاقة.

ومن جهة أخرى، كشف مجلس الحسابات عن ضعف التكوين الأساسي والمستمر للموارد البشرية في مجال التربية الدامجة، حيث لم يتجاوز عدد الأساتذة المستفيدين من التكوين المستمر في هذا المجال والمكلفين بأقسام التربية الدامجة 11 في المئة.

كما توقف التقرير على جملة من النقائص الأخرى، من قبيل عدم توفير العدد الكافي من قاعات الموارد للتأهيل والدعم، والضعف في تجهيز المؤسسات بالولوجيات المعمارية، والنقص في تجهيز الأقسام وتأهيلها بالوسائل والمعدات الديداكتيكية.

وأوصى المجلس بتجاوز كل ما يحول دون تحقيق البرنامج لأهدافه، من خلال العمل على إشراك مختلف الفاعلين، وتعبئة الموارد الكافية، وتأهيل القاعات وتجهيز المؤسسات بالولوجيات، والعمل على توفير شروط انتقال التلاميذ بين الأسلاك، والمواكبة الطبية، وغيرها من الشروط الضرورية.