نشرت سلسلة “يقال إن” الذي يعدها ويقدمها الباحث المغربي بالمركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا محمد نبيل مُلين، يوم أمس الثلاثاء 27 فبراير 2020، شريط فيديو جديد على قناتها في موقع “يوتوب” تناول قصة اعتماد العلم المغربي الرسمي.

وأورد الشريط الجديد في مستهله، أن العلم المغربي الأحمر الذي تتوسطه النجمة الخضراء يظل لغزا محيرا بالنسبة لأغلب المواطنات والمواطنين، بالرغم من أنه يعتبر أشهر رمز سياسي مغربي معاصر.

وأردف محمد نبيل ملين في نفس الشريط، أن غموض قصة وتاريخ اعتماد العلم المغربي الحالي لدى شرائح واسعة يجعله في أحايين كثيرة محط تساؤلات متضاربة وهو ما يقتضي الغوص في أعماق تاريخ المملكة بوصفه السبيل الوحيد لمعرفة قصته ودلالاته والتغيرات التي طرأت عليه عبر العصور.

وأضاف معد ومقدم الشريط الذي وصل إلى الحلقة الثامنة أن تجاوز هذه التضاربات والتساؤلات في قصة وتاريخ العلم المغربي وذلك عبر إنشاء الفيديو الجديد يمكن أن يسمح بتجاوز الإشاعات والأحكام المسبقة التي تحيط بالعلم المغربي الأحمر ذي النجمة الخماسية الخضراء.

وعاد نبيل ملين في شريطه الى تاريخ أعلام مختلف بيوت الحكم التي تعاقبت على فرض سلطتها بالمغرب منذ القرن 11 الميلادي، منطلقا من العلم الأسود الذي اعتمده يوسف بن تاشفين، مرورا إلى علم الموحدين الذي حافظ على نفس اللون، وصولا إلى العلم الأبيض الذي اتخذه الزايدنيون إبان فترة حكمهم، وانتهاء بالعلم الأخضر الخاص بالعلويين.

وتابع الشريط أن العلم الأخضر الذي اتخذه العلويون يدل في العرف الصوفي على الانتماء إلى آل البيت، موردا بأنهم لم يفلحوا في احتكاره وتحويله إلى شارة يختص بها البيت الحاكم وحده إذ استمرت في اعتماده الطرق وبعض القبائل والكثير من المتمردين الأمر الذي اضطر السلاطين إلى اعتماد العلم الأحمر تدريجيا.

وعن الفترة التي عنونها منتج الشريط بتحدي الحداثة وذلك إثر هزيمة معركة إيسلي بتاريخ 1844، أوضح الشريط أنها فتحت الباب للمزيد من حملات التغلغل الأوروبي بالمغرب، ما دفع المخزن إلى محاولة إيقاف الزحف الأوروبي ولو باحتشام من خلال تبني واقتباس مجموعة من الأدوات التقنية والفكرية والمؤسساتية والسياسية.

وتابع أن العلم الأحمر العلوي على سبيل المثال، بعد بداية تبني المفاهيم السياسية الحديثة في قاموس السياسي المغربي خصوصا ما يرتبط بالدولة القومية، تحول من شارة سلطانية تعبر عن قوة ومركزية الحاكم ليصبح رمزا وطنيا يعكس سيادة الشعب.

وبعد توقيع معاهدة الحماية سنة 1912 التي فرضت تحديث جهاز المخزن بما في ذلك العلم فإن المقيم العام ليوطي كان من بين انشغالاته اختيار علم جديد للمغرب باعتبار أنه كان يرفض العلم الأحمر الذي يذكر باستقلال المغرب وعلم اليسار إلى أن اهتدى الفرنسيون إلى إضافة نجمة خماسية خضراء إلى العلم الأحمر إذ اعتُمد رسميا يوم 14 نونبر 1915.

على أن السلطان يوسف بن الحسن، يضيف الشريط، أعرض عن اعتماد هذا العلم باعتبار أنه يعبر عن تعالي ومركزية الدولة الوطنية، مفضلا بدلا عنه علما آخر أخضر اللون تتوسطه نجمة ذهبية خماسية لازالت الملكية المغربية تعتمده كراية خاصة بالبيت العلوي يحييه الملوك في جميع المحافل الرسمية إلى يومنا هذا.

وبذلك، يؤكد الشريط ذاته، أصبح المغرب يتوفر على علمين الأول يدل على الدولة الوطنية وهو العلم الأحمر الذي تتوسطه النجمة الخضراء، فيما الثاني يشير إلى الأسرة الحاكمة وهو العلم الأخضر.

وفيما يخص الأعلام الأخرى الخاصة بالمقاومة المسلحة المغربية على غرار أعلام محمد بن عبد الكريم الخطابي وأحمد الريسوني وأحمد الهيبة وموحا أوحمو، اعتبر ملين أنها تعكس طموح هؤلاء الجماعات، على حد تعبيره، إلى تأسيس كيانات سياسية جديدة على خلفية تحرير البلاد.

ويؤكد الشريط أن السلطان محمد الخامس، سنة 1947، تبنى العلم المغربي الحالي رسميا بعدما تشبتت به مختلف تشكيلات الحركة الوطنية رغبة منها في توحيد الصف في مواجهة الاحتلال الأجنبي بالرغم من المشاكل، وذلك بالرغم مما يعرفها مسلسل بناء الدولة الحديثة بالمغرب منذ ذلك الحين لاسيما في المجال الهوياتي وفق الشريط.

يذكر أن مشروع “يقال إن” يسعى إلى تقديم مختلف جوانب تاريخ المغرب وذلك بطريقة علمية وسلسة، فهو يجمع بين الرسوم والوثائق والسرد ولائحة من المصادر والمراجع “من أجل تفكيك أمثل وفهم أشمل للأحداث والمؤسسات والرموز التي شكلت تاريخ البلاد وما زالت تُؤثر على حاضرها”.