بالتزامن مع انعقاد المجلس الإداري الأول للمركز الثقافي “أحمد بوكماخ”، أكبر مركب ثقافي شمال البلاد، يترأسه عمدة طنجة، عاد الجدل من جديد بشأن هذه المعلمة الثقافية الكبيرة المتواجدة بطنجة، ليس بسبب ما أثير عند تدشينه في أكتوبر 2016.

الانتقادات التي وجهها جمعويون، تهم الآلية المناسبة لتسيره، والتي حسمت بتأسيس جمعية عهد إليها عملية التدبير، وهو ما جر على العمدة مرة أخرى وابل من الانتقادات، خاصة وان المركز أضحى ذو خلفية تجاربة محضة، لا ثقافية كما يعهد له، يقول جمعويون. 

ففي الوقت الذي اعتبرت فيه تصريحات متفرقة لفعاليات ثقافية بالمدينة لموقع “لكم”، أن المركز أصبح فضاء “للبهرجة”، وأنه أصبح “تجاريا بامتياز”، دليلهم في ذلك ثمن الاستفادة من قاعة المركز والذي وصل إلى 3000 درهم. وهي تسعيرة اعتبروها خيالية لجمعيات العمل فيها تطوعي. 

وتقول الجمعية المسيرة للمركز في تصريح لموقع “لكم”، أنها استلمت الآن رسميا التسيير، وأن المركز منذ افتتاحه كان يستقبل أنشطة ليست من تنظيمه، والبرنامج الثقافي للسنة الجارية قد تمت مناقشته في اللقاء الأول للمجلس الإداري، وستشرف على تنفيذه الجمعية المسيرة، مؤكدة أنها لن تقصر في دعم واحتضان النشاط الثقافي لأبناء المدينة ومثقفيها. 

وتعليقا على الجدل، قال المترجم والأديب عثمان بنشقرون، فإنه “لا صوت يعلو داخل المركز على صوت الدربوكة (البهرجة)”، وهي تجسد في اعتقاده “صورة مختصرة ومكثفة للمشهد”.

وأضاف في حديث مع موقع “لكم”، “أنا شخصيا لم تطأ قدمي هذه المعلمة إلى حد الآن.. لأني بكل بساطة لم أتلق دعوة من شخص أو من هيئة للحضور في نشاط ما، ثانيا وحسب ما أصادفه من إعلانات للأنشطة التي تقام هناك، غالبا ما تكون على شكل سهرات للغناء أو لعرض الأزياء وهذا لا يدخل ضمن اهتماماتي”.

ومن جانب آخر، أفاد الشاعر مصطفى المسعودي، وهو فاعل ثقافي وجمعوي  بمدينة طنجة، إنه مازل “ينظر بالكثير من الغموض والريبة نحو هذا المركز”. 

وأضاف في تصريح لموقع “لكم” أنه شخصيا “خيب آماله في أن يقوم بدور ثقافي حقيقي”، مشيرا إلى أن “طنجة الإنسان التي مع الأسف تتبدد ملامحها الأسطورية في حمأة الإسمنت الزاحف”.

 وزاد الشاعر “مازلت أذكر منذ سنوات كيف كان المكان الذي  بني فيه مركز أحمد بوكماخ، سوقا للبيع بالجملة، وكيف رُوج يومها أنه سيضم صرحا ثقافيا، مقترحا للالتفاف حول جريمة تهديم معلمة المعهد الموسيقي بطنجة، التي صارت أثرا بعد عين، وكان الوعد الكاذب قُدِّم إثْر احتجاج على فعل الهدم والتفويت”.

واستدرك قائلا : “الذي حدث هو أننا وجدنا أنفسنا أمام “مركز تجاري” بتسعيرة خيالية لجمعيات لا تستفيد من درهم واحد كدعم خاصة جمعيات الشباب، فلكي تستفيد من قاعة المركز أنت مطالب بأداء ثمن 3000 درهما لنشاط واحد وهذا يحيلنا لمأساة غياب قاعات العرض الثقافي بطنجة ..”. 

هذه الملاحظات والانشغالات نقلها موقع “لكم” للباحث محمد جبرون، كاتب عام الجمعية المكلفة بتدبير المركز الثقافي “أحمد بوكماخ”، الذي قدم توضيحات قال فيها ان “للقاء الأول لمجلسه الإداري كان فرصة للاطلاع على حصيلة المركز الثقافي خلال سنة من العمل، وأيضا الاطلاع على البرنامج الثقافي للسنة الجارية الذي ستشرف على تنفيذه الجمعية المسيرة للمركز”. 

وأشار إلى أن “اللقاء كان فرصة تواصلية مهمة بين مكتب الجمعية وعمدة المدينة وبعض أعضاء المجلس الجماعي، وباقي أعضاء المجلس الإداري”.

وأفاد أن “الجمعية بعد حصولها على الوصل القانوني وبعد تسلمها منحة المجلس الجماعي بدأت في مباشرة عملها، وذلك بالاعتكاف على صياغة برنامج ثقافي في مستوى تطلعات الجماعة والمدينة. 

 وعن انشغالات المهتمين الذين يعتبرون أنهم لم يجدوا حتى الآن “رغبة صادقة للنهوض بالفعل الثقافي داخل المركز”، نبه جبرون  “في هذا السياق إلى أن المركز منذ افتتاحه كان يستقبل أنشطة ليست من تنظيمه، وربما كانت في أغلبها موسيقية”.

وقال :”على أية حال هذا واقع لا يسأل عنه المركز، فهو من هذه الناحية قاعة عمومية تستقبل أنشطة فاعلين..، لكن بالرغم من هذا الواقع بدلت السيدة المديرة جهودا محترمة لإضفاء نوع من التوازن على عمل المركز واستقطاب أنشطة من نوع مختلف”.

  أما فيما يتعلق بالتواصل مع مثقفي المدينة، قال جبرون :”أعتقد أننا كجمعية بدأنا عملنا منذ ثلاثة أشهر وهي قصيرة، وإن شاء الله أبواب المركز مفتوحة أمام الجميع، وسنحاول في القادم من الأيام إنتاج برامج من شأنها دعم الدينامية الثقافية للمدينة..”.

وأكد كاتب عام الجمعية على “أننا لن نقصر في دعم واحتضان النشاط الثقافي لأبناء المدينة ومثقفيها”، وطلب في ذات التصريح “من جميع الغيورين في الثقافة والإعلام بطنجة التعاون معنا لإنجاح عمل هذا المركز الذي هو في النهاية نجاح لطنجة”.