قدمت القناة الأولى المغربية، خلال الاسبوع الأول من رمضان فيلم “التقشيرة”، حيث تلعب فيه دور البطولة دنيا بوطازوت رفقة ربيع القاضي ونجاة خير الله وزهور السليماني… ومن اخراج عبدالرحيم مجد وهو فيلم يتحدث عن الغيرة المبالغ فيها.

تدور أحداث الفيلم التلفزي حول شخصية دنيا بوطازوت تقع في خلاف مع زوجها، وتغادر على إثره المنزل، وعندما تعود تجد جوربا نسائيا تحت السرير، فتبدأ عندها رحلة الشك في زوجها، معتقدة أنه يخونها مع امرأة أخرى في ظل غيابها، لتخلص بطلة الفيلم في النهاية أن زوجها وضع الجورب النسوي عن قصد تحت السرير من أجل تنبيهها على أن غيرتها مبالغ فيها وغير طبيعية وفعل ذلك قصد اثارة انتباهها لا غير. يتميز الفيلم بعدة أحداث تختلط فيها الجوانب الدرامية بالكوميدية والمواقف الهزلية المبالغ فيها.

تبدو قصة الفيلم بسيطة ومستهلكة وغير قابلة للتصديق في البداية.. فكرة تعزز سينما استهلاكية وتجارية بالبحث عن المواضيع تنقضي بعد عرضها دون التعمق فيها وفي معالجتها وهي أفلام تلفزية باتت لها شركات انتاج مختصة ودواليب وقواعد اخراجية ومواصفات انتاجية في المغرب يتهافت عليها المنتجون والمخرجون والسماسرة والقنوات التلفزية. سينما لا تخرج عن المشاحنات العاطفية والقهقهة والزعيق والتنابز.. والشخصيات الغريبة غير المنسجمة وتركيبة من المواد التي تزخر بها في مقابل الدعم المادي المتحصل عليه من جيوب المواطنين المغاربة الذين ينتظرون إنتاجات درامية تعالج مشاكلهم اليومية من فقر وبطالة وتدهور للأوضاع الصحية والمعيشية المتردية.

قصة الفيلم تداوالية بسيناريو بسيط دون عقدة وفي توالي للأحداث حيث تنقلب الشخصية الرئيسية من البطلة دنيا بوطازوت الكائن الحي إلى ” التقشيرة ” كجماد و كبطلة للأحداث دون قوالب فنية إبداعية ودون افق للانتظار ودونما الغوص في بناء الشخصيات وتركيباتها النفسية المعقدة.. سوى حمل الجورب والسعي به هنا وهناك ..قصة مفرغة من أي محتوى إبداعي يطرح تساؤلات عميقة حول وضع ما أو مضمون يعبر عن رسالة ما.. في حين تتنوع مشاهد الفيلم بين الشقة و العمارة.. الشارع و عند البائع… لا جديد سوى ملئ مزيد من الفراغات كما في الأفلام الاستهلاكية من هذا القبيل.

على منوال الاسماء التي اعتدنا على سماعها بالدارجة المغربية مثل فيلم “الفروج “، “لحنش ” ، “التقشيرة”… يتبدى للمشاهد عن طبيعة ونوعية هذه الأفلام الاستهلاكية التي توجه إلى فئات عريضة من المجتمع المغربي دون تعقيدات تذكر ويسهل التنبؤ بنهاية الفيلم لأنه يدور في ذات الحلقة… أضحت أفلام نمطية قابلة للاستهلاك تنتشر بعد ذلك في موقع اليوتوب متاحة للجميع.

في هذا الفيلم تغدو الشخصية الرئيسية هي الجورب المبحوث عنه وعن صاحبته الغائبة.. بين الجارة وبين ماركة الجورب ونوعيته وبين سلسلة لا متناهية من المخرجات المركبة من أين مر الجورب ومن وضعه حتى وصل تحت السرير في غرفة النوم.. لا نكتشف أي شيء جديد.. وليست هناك مفاجأة تحملها القصة.. فقط مزيدا من هدر زمن المشاهد ومن ضياع الكتابة الدرامية في أفكار بسيطة و متاهات مكررة تعيد نفسها تحت تسميات مختلفة بعيدة كل البعد عن طرح القضايا الاجتماعية بعمق.

فيلم “التقشيرة ” فيلم ينضاف إلى طابور الأفلام المسماة عنوة كوميدية والمفتقدة لخصائص ومميزات الفيلم الكوميدي والمفتقدة إلى الحس الإبداعي وإلى الكتابة الدرامية المفكر فيها بعناية لها أبعاد وخلفيات ومرجعيات. يسرح الفيلم في متاهات الافكار البسيطة والنمطية التي تكرر نفسها في هذه العينة من الافلام ات الطابع الاستهلاكي والتي تنتهي بعرضها.

لغة الفيلم.. لغة غير موحية..مباشرة.. غير منتفاة بدقة في ألفاظها تنهل من ركام اليومي والشارع ومن الأمثلة المتداولة لهذه النوعية من الافلام.

يظل المتخيل الإبداعي عند ” مخرج ” التقشيرة حبيس هذا النوع من الكوميديا الاستهلاكية ذات الطابع الموسمي والموجهة الى جمهور بسيط بعيدا عن التطرق للمواضيع الجادة التي تزخر بها الساحة الوطنية.

شخصيات الفيلم لا تحركها أي دوافع ولا أي هم وليست لها منطلقات ولا مرجعيات ثقافية أو فكرية أو رهان سياسي ..شخصيات تائهة لا يحركها أي أفق همها المضي قدما في حوارات مليئة بالسذاجة وبالحشو المتعمد والانغماس الكلي في الالفاظ السوقية والارتهان إلى الضحك المفتعل.

مخرج الفيلم عبدالرحيم مجد منغمس وآت من السيول الجارفة للكاميرا الخفية. يجعل من الفيلم شبيها له بمزيد من التوابل الكوميدية التي سرعان ما تنقشع لتمنحنا فيلما لا يرتكز عن أي بعد درامي أو فكري ولا يستطيع التخلص من تبعات اليومي ورهاناته.