” فلسفة الرفض” كتاب للفيلسوف الفرنسي  “غاستون باشلار”  (توفي سنة 1962)  يرى الكاتب ان فلسفة الرفض هي   الفلسفة الوحيدة القادرة على تحليل التركب الشديد للفكر العلمي الحديث .

مناسبة الحديث على هذه الفلسفة هو حملة المقاطعة التي يشهدها المغرب هذه الأيام لمنتوجات معينة، فالمقاطعة ببساطة هي ردة فعل طبيعية و رفض لواقع قائم يعتبره المقاطعون غير عادل، فهل الرفض/ المقاطعة اقتصادية كانت  أو سياسية أمر سلبي أو إيجابي ؟  

الرفض كمفهوم عام لا يقتصر في معناه على فعل الرفض، وإنما ينفتح على معاني أخرى تتصل بالإحساس العميق بالأزمة والسخط وانحدار القيم وتقاعس الرؤى والعدمية ومن ثم الغضب، والغضب بطبيعته يسبق الرفض، لأن الرفض هو عدم الموافقة على السائد. يذكرنا “باشلار” دائماً بأن فلسفة الرفض ليست مذهباً سلبياً من الوجهة النفسانية ، وإنها لا تؤدى في مواجهة الطبيعة إلى مذهب عدمي ، إنما تنطلق بخلاف ذلك في داخلنا وفى خارجنا ، من نشاط بناء ، فالتفكر الجيد بالواقع معناه الإفادة من شبهاته لتطوير الفكر وتحذيره.

يشير أحد الكتاب إلى أن فلسفة الرفض ارتبطت دائما بالقوة والثبات  والشرف والنبل والطهارة والنقاء والمعارضة وعدم التنازل والتفريط ، فهي مشبعة للغرائز النفسية والعاطفية  وقد لا تكون مريحة للعقل،  في حين أن فلسفة الموافقة مرتبطة بالمصلحة الآنية والمادية المرحلية الضاغطة  وفي كثير من الأحيان مريحة للعقل والمنطق والحكمة دون الارتياح العاطفي والمعنوي .

الأهم في حملة المقاطعة الحالية أنها تطرح أسئلة عميقة  على الجسم السياسي المغربي ، نحن أمام مواجهة مباشرة بين فئة من المواطنين الذين يمثلون ( فلسفة الرفض)  وشركات محددة لها حضور في الاقتصاد المغربي.

إن غياب أو تقاعس  الوسيط السياسي :  الحكومة والأحزاب و النقابات الممثلين ل ( فلسفة الموافقة)  في القيام بدورهم الطبيعي، من شأنه أن يفتح الباب لأشكال أخرى من الرفض لا نستطيع أن نخمن كيف يكون شكلها مستقبلا.