حقيقة الانتخابات في الصحراء المغربية
حملتني الأقدار يوم سادس غشت 2015 إلى مدينة الداخلة، رغم أني وصلتها في ساعة متأخرة من الليل فقد وجدتها تعج بحركة غير عادية ، عندما استفسرت عن سرها أخبرني أخي عبداللطيف الحافظي بأن غدا الجمعة هو يوم التصويت بالنسبة لانتخابات الغرف المهنية بكل أشكالها وأصنافها، وسكان الداخلة ورثوا عن الاستعمار الإسباني السهر طوال الليل والنوم إلى ساعة متأخرة من النهار، لا حديث لساكنة الداخلة طيلة تلك الليلة إلا على دائرة الموت التي يتبارى فيها الملياردير الصحراوي حسن الدرهم ، ورجل الأعمال الموريتاتي الأصل الصحراوي الجنسية سيد محمد خطور، الجميع عاب على ولد سي حماد الدرهم اختياره بالضبط لهذه الدائرة ، لأن صاحبها خطور يترشح فيها مند العملية الذكية للمغرب بدخول الداخلة بعد هروب الموريتاتيين منها بتاريخ 14 غشت 1978 …. خطور هو الذي سجل جل الفلاحين والكسابة في دائرة الموت وارتباطه ارتباطا وثيقا بكل الدوائر الفلاحية في عمالة الداخلة وأوسرد ارتباطا عضويا ونفعيا ، فكل أعضاء الدوائر الفلاحية في جهة وادي الذهب أغراضهم مقضية عند خطور الذي لا يعطي إلا بقدرما يأخد فهو ميكيفيلي التفكير والممارسة ، الجميع يجزم أن خطور حفظ الغرفة الفلاحية لجهة وادي الذهب الكويرة سابقا جهة الداخلة واد الذهب حاليا لأن المشرع رجع إلى الصواب عندما حذف الكويرة من الخريطة المغربية لأنها أرض موريتاتية مائة في المائة لأنه لا منفذ لها إلا عن طريق نواديبو..
آراء أخرى
تربع خطور على عرش غرفة الفلاحة لجهة الداخلة وادي الذهب لازيد من عقدين من الزمان بالتمام والكمال، خدم نفسه ونمى قطيعه وارضى حاشيته، مؤهلاته الثقافية لم تسمح له بالاستفاذة من الحوافز التي منحتها الدولة للفلاحة والفلاحين كالحزام الأخضر وما يمنحه من تسهيلات للفلاحين حيث أنه يمول أزيد من ثمانين في المائة عن كل مشروع فلاحي، ساهم خطور إلى جانب الكسابة الكبار كأهل الجماني ، أهل الدرهم و أهل دبدا في إيقاف استيراد الإبل من موريتاتيا الشقيقة لأن استيرادها سيؤثر على ثمن قطيعهم فالناقة يمكن استيرادها من موريتنايا بحوالي مائة وعشرين ألف أوقية أي ما يناهز ثلاثة آلاف درهم ليتم بيعها في المغرب بأضعافها خمس مرات ، لأنهم لو سمحوا باستيراد الإبل والمعز من موريتانيا لاشترى الفقير المغربي الكيلو من لحم الإبل بحوالي أربعين درهما ، لكن جشاعة خطور ومن يدور في فلكه جعلت الضعاف في المغرب يشترون الكيلو من لحم الإبل بحوالي ثمانين درهما ، ومنهم من يتحايل على الجمارك اليوم ويدخل آلاف رؤوس الإبل عن طريق الحزام الأمني بتواطؤ مع بعض من لا يستطيع أي أحد الإشارة إليهم بأصبع اليد …
في الصحراء اليوم من يملك عشرات الآلاف من رؤوس الإبل ، ثروة هائلة لا يستفيد منها الضعيف حيث أن الزايلة الواحدة لا يمكن شراؤها بأقل من عشرًين ألف درهم ، تصوروا من يملك عشرة آلاف ناقة أو جمل كم تقدرون ثروته وهي ثروة أغلبهم لا يزكيها زكاة حقيقية … أما الضرائب فلا أحد يكتوي بنارها في الصحراء في كل المجالات، حتى ضريبة النظافة لا يؤديها أي ساكن أو مالك في الصحراء، وكيف نريد من مواطن لا يؤدي حتى ضريبة نظافة بيته أن يكون مواطنا صالحا لنفسه ولوطنه …
جل أهل الداخلة متعاطفين مع خطور يلومون حسن الدرهم لأنه جاء لمنافسته والتضييق عليه في عقر داره وفي قلعته المحصنة مند عقود، الكل يقول إن حسن الدرهم وقع في فخ من نصحه بالترشح في دائرة الموت، وكأنهم يريدون الانتقام منه أو التشفي فيه، خاصة أن الانتخابات المهنية ليست هي الانتخابات البرلمانية، واذا فاز حسن الدرهم بمقعد برلماني الداخلة فقد يرسب في الانتخابات المهنية وخاصة الغرفة الفلاحية، وقد يرجع له أولاد أدليم الصاع صاعين لأنه حرم أحد أبنائهم من مقعد برلماني لأن الداخلة حسب اعتقاد البعض دليمية مائة في المائة ولا يحق لأي أجنبي منافسة هذه القبيلة العتيدة في معقلها التاريخي الأصيل، كان على حسن الدرهم إذا كان لابد أن يترشح في الفلاحة في إقليم وادي الذهب أن يختار دائرة من الدوائر الثلاثة الأخرى يغدق ماله على المترشح في الدائرة يشتري صمته ويفوز بأصواته وعلى الدنيا العفاء، وكل دوائر جهة الداخلة وبلدياتها وقراها لا توجد إلا على الأوراق لأن كل السكان المحسوبين على البلديات والجهات يسكنون مدينة الداخلة ويحصلون على أوراقهم من مدينة الداخلة ويصوتون في صناديق بمدينة الداخلة فبلدية الكويرة لا وجود لها إلا في مخيلة المسولين الذين ابتدعوها ظلما وعدوانا ، ونفس الشييء يقال عن عمالة أوسرد التي حولوها مؤخرا إلى مركز أمهريز رغم أن كل أشاغلها الادارية تنجز في ملحقتها بقلب مدينة الداخلة ، ومن يريد التوسع في هذا الموضوع يرجع إلى مقالي المطول حول الجماعات المحلية الوهمية في الصحراء المنشور في كتابي : الصحراء المغربية بين المطرقة والسندان مطبعة أكدل سنة 2004 .
هذا حديث الليل ليلة الانتخابات في حاضرة الداخلة التي لا تنام وكما يقول المثل فإن كلام الليل يمحوه النهار، وعندما استيقضت شهرزاد الداخلة سكتت عن الكلام المباح ، فقد استيقضت متأخرة وجل المصوتين غلبهم النوم وغلبتهم الاتصالات والمكالمات الهاتفية والأحاديث الجانبية ، فجل المصوتين باستثناء المحسوبين على حزب العدالة والتمنية عرضوا نفوسهم في سوق النخاسة ، وكل واحد يسعى إلى بيع صوته بأي ثمن فلا يهمه من سينجح خطور أو الدرهم المهم أن يأخد شيئا من المال ويقضي الله أمرا كان مقضيا، في وسط النهار كان سماسرة الدرهم يعدون بإعطاء سبعة آلاف درهم لكل مصوت لصالح الحمامة، أما خطور صاحب الحصان فهو مستعد للزيادة عن سومة حسن الدهم في كل الاحوال ، الدوائر الأخرى سواء في الداخلة أو أوسرد أمهريز لم يهتم بها أي أحد وكانت فرصة سانحة لكي يضعها الميزان في جعبته باسثناء دائرة بوبكر المتخالفة مع الدرهم وإن كان الاتفاق وقع من مرشحها على أن يتولى رئاسة الغرفة ليساعد حسن الدرهم للفوز بمقعد في الغرفة الثانية لكن ما كلما يشتهيه المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن وخاصة رياح الانتخابات المتقلبة تقلب رياح الصحراء…
صلينا الجمعة بمسجد سي حماد الدرهم الذي بناه حسن من مال شركة أطلس للمحروقات ، تمنى الجميع لحسن الدرهم النجاح فقد كان لسان الجميع يهتف هل من الصواب أن يصوت الناخبون لباني المساجد أم لبائع الخمور، إلا أن سوق الانتخابات سوق نخاسة لا يفرق بين الحلال والحرام ولا بين الربا والربح الحلال، طيلة مساء الجمعة فإن الجميع يوصل للمصوتين إلى مكتب التصويت مؤدين ثمن الصوت مسبقا، كان البعض يظن أن البعض سيستفيد من الطرفين ويصوت للدرهم ، إلا أن خطور كان متحكما في ناخبيه أطعهم وسقاهم وكانوا أوفياء له أكثر ممن صلى مع حسن الدرهم صلاة جمعة الزرك على حد قول اهل المنطقة..
وعلى الساعة الثامنة إلا ربعا جاء الخبر اليقين.. زف أصحاب مكاتب التصويت النتيجة حتى قبل وصولها إلى الولاية أو الداخلية ، خرج أصحاب خطور ومناصريه يجوبون شوارع المدينة بسياراتهم الفارهة مالئين الأجواء بزغاريدهم ومسمعات الصوت… لقد نجح خطور و انهزم حسن الدرهم، مقر سكنى خطور ونواحي فندق دومس لم تعد تجد موطيء قدم من المهنئين بسياراتهم ورقصاتهم واهازيجهم وزغاريدهم، أما إقامة الدرهم فلا تجد أمامها ولو سيارة واحدة، أصحاب الدرهم اختفوا وكّأن على رؤوسهم الطير..
بالنسبة للانتخابات المهنية في الصحراء فقد أظهرت مؤشرات قد توثر على سير الانتخابات البلدية والجهوية على جهة الصحراء التي تهمنا كأبناء بررة لهذه المنطقة، إذا لم يكن هناك من سيقول لنا مستقبلا أننا من أولاد جرار أو آيت الرخاء..
يوم السبت صباحا سافر الدرهم منكسر الخاطر على متن سيارته في جنح الظلام إلى العيون، أما سيدي محمد خطور فقد استقيض على الخبر اليقين ستة من أعضاء الغرفة لم يعد يعرف أين هم ، وفي أية بقعة من الأرض هم فيها ، وكل هواتفهم مغلقة…. إنها ضربة معلم من ضربات ولد الرشيد التي تبين للجميع أنه رجل شجاع مقدام لا يشق له غبار…
خسر الدرهم العضوية وخسر خطور رئاسة الغرفة وتلك الضربة القاضية.. خسرا أموالهما ولو كانت أموالهما من مصدر حلال لما وزعاها في غير مرضاة الله… من لم تأكل امواه الابرار طوعا اكلتها الفجار قهرا …
حس الدرهم هذا الرجل الطيب الذي ولد وفي فمه ملعقة من ذهب ، هو ابن سي حماد الدرهم السباعي الأصل البعمراني القبيلة الصحراوي المنشأ، ورث الثروة والمجد عن والده وبعد وفات والده تعاطفت معه الدولة المغربية ومنحته انتربول الوقود لمنطقة الصحراء برمتها ، فكل النيرات في الصحراء لا يوقدها إلا الدرهم من وقود السيارات إلى الغاز المنزلي إلى الأراضي الفلاحية الخصبة، فكل شيء تحصد أرباحه شركة الدرهم أطلس صحراء التي لا تؤدي لا ضرائب ولا زكاة ولا خمس الركاز..
حسن الدرهم إما عبيط أو ساذج في السياسة فهو إنسان طيب القلب له أخلاق عالية وفقه الله لتسخير جزء من ثروة أبيه لخدمة الفقراء ومساعدتهم طبيا واجتماعيا ، باسم مؤسسة سي حماد الدرهم.. بنى المساجد في كل ربوع الصحراء وخصص سيارة لنقل المرضى وقام بتمويل عمليات جراحية لكل أبناء الصحراء بدون لون قبلي ولا سياسي … خصص ما كان سيؤديه في الضرائب للدولة لفعل الخير وهذا عمل اختص به حسن الدرهم من بين إخوانه الأحد عشر وكأنه هو يوسفهم … أما في السياسة فقد تخبط خبط عشواء ، ترشح أول مرة سنة 1992 في دائرة آيت بعمران الاخصاص آيت الرخاء مجاط بإقليم تيزنيت ، ضيع الملايين وضيع نفسه وضيعني معه لنهدي الفوز للمرحوم أبكا البعمراني الاشتراكي على طبق من دهب..
رجع من آيت بعمران عقر داره ومكان مجد آبائه بخفي حنين ،،، ليترشح في الفترة الثانية في دائرة العيون ليفوز بمقعد عن جدارة واستحقاق بعد ان وزع المال الكثير وهو مال لم يشق من اجل جمعه ليكون توزيعه على كل من هب ودب ، عملية سهلة ليس الهدف منها كم أنفق بل الهدف كل الهدف هو النتيجة، وإلى جانب المقعد البرلماني منحت له بلدية المرسى بدون كلل فهو صديق كل المسؤولين والسخي معهم بالمال والهدايا والعطايا.. فهدايا حسن الدرهم لكافة المسؤولين سواء في ولاية العيون أو الداخلة أو الإدارة المركزية لا تعد ولا تحصى، وحسن الدرهم محبوب لدى كافة المسؤولين لأنه يعطي بدون من ولا سلوى فكلأغراضه مقضيية والجميع يفكر في الغرض الذي سيقضيه لحسن الدرهم لأنه سيجني من ورائها الخير والبركة.. منحت له الأراضي الشاسعة في كل أنحاء الصحراء و في نواحي الداخلة ىمنطقة تغسريت بارض ابناء ابي السباع بنواحي مراكش كلها ضيعات يجني من ورائها في الفلاحة ملايين الدراهم سواء مع التازي سابقا أم الفرنسي لاحقا أو شركته لوحده التي من الممكن أن تفشل ويفل نجمها مستقبلا لأن حسن الدرهم لا يحسن التسيير ولا يعرف من أين تؤكل الكتف..
حسن الدرهم عبيط ساذج في السياسة، فهو لا يعرف الحزب الذي سيترشح باسمه إلا آخر ساعة، وأنا أجزم قاطعا أنه لم يقرأ ولو مرة واحدة القانون الأساسي للحزب الذي ترشح باسمه، كان في الاتحاد الدستوري أيام المعطي بوعبيد ، وفي الأحرار أيام عصمان، ليلتحق بالاتخاد الاشتراكي أيام اليوسفي و ولعلو وزيرا للمالية ، فهو لا تهمه الأحزاب بقدر ما تهمه من يسقضي أغراضه في الحكومة فحزب حسن الدرهم هو حزب وزير المالية كيفما كان لونه أو اتجاهه السياسي، إنها الأنانية في أبهى صورها..
تصرفات حسن الدرهم سياسيا غير مفهومة، يقوم بعمليات انتحارية لا معنى لها ولا طعم وغير مدروسة العواقب، فمثلا استقالته من رئاسة بلدية المرسى أمر عبيط وساذج وغير مفهوم ، حارب عليها وخسر المال والجاه من اجل الظفر بها لكي يسلمها لاعداء الامس ابن الطيب الموساوي الحليف الدائم لأهل الرشيد، بعد ذلك أقدم على خطوة غير مدروسة ولا مفهومة هو استقالته قبل الأوان من عضوية البرلمان والاستقالة من الاتحاد الاشتراكي من أجل الترشح لعضوية الفلاحة في الداخلة باسم الأحرار وكأنه يريد إرضاء وزير المالية السابق ووزير الخارجية الحالي مزوار وكاتبة الدولة ابنة عمه – حسب قوله – الوزيرة الناجحة المحبوبة من طرف كل المغاربة مباركة بعيدة..
وها هو حسن الدرهم يخسر كل شيء في ساعة واحدة، خسر بلدية المرسى وعضوية البرلمان ومكانته في الاتحاد الاشتراكي ومركزه المتذبذب حاليا في حزب الأحرار الذي لا يمكن له أن يثق في إنسان فشل في الحصول على عضوية في دائرة فلاحية لا يتجاوز عدد المصوتين فيها خمس مائة مصوت..
حسن الدرهم رغم فشله سيبقى ذلك الشخص المحبوب لدى كافة الصحراويين والمغاربة لأنه متواضع سخي الكف، إذا فشل سياسيا في الفلاحة فإن أمامه الاستحقاقات الأخرى التي قد ينتفظ إذا وصل أجلها كطائر الفينق ، أمامه الآن الانتخابات بلدية الداخلة جهة الداخلة التي قي يضمن بها تزكية الحزب كوكيل الائحة لكي يضمن نجاحه لأن خروجه من الداخلة بدون عضوية قد تندر بقرب نهايته أو موته سياسيا وذلك ما لا نرجوه له لإنه يستحق كل خير…
انتخابات جهة الداخلة قد تشهد مفاجآت كبيرة وإذا كانت جهة غلميم حسمت لصالح الوزيرة مباركة بوعيدة إذا رغبت في ذلك، وجهة العيون لصالح بيد الله إذا استطاعت أصوات السمارة وطرفاية وبوجدور أن تهزم أصوات الحاج حمدي، أما جهة الداخلة فهناك من يقول إن منى بنت الباشا شكاف زوجة المندوب السامي للسجون قد تدخل المعترك باسم حزب الأصالة والمعاصرة ، وإن بنت المرحومة زهرة شكاف قد تدخل ثانية في لائحة الحركة مع صلوح الجماني، هي أقوال تحتمل الصدق والكذب والله أعلم ماذا سيقع غدا في الداخلة لأن دهاء محمد لمين حرمة الله كما غيرت نتيجة. الغرفة الفلاحية. قد يغير نتيجة الجهة فكل من تحالف مع الحاج حمدي ولد الرشيد يجب أن يوضع له ألف حساب..
حسن الدرهم نصبته أجهزة الدولة لمنافسة أهل الرشيد وللحد من سطوتهم..إلا أن شجاعة وهمة الحاج حمدي ولد الرشيد وقفت في وجه الجميع فلا أحد من الفرقاء استطاع أن يهزم الحاج حمدي في العيون التي تربع على عرش بلديتها وجهتها وغرفها لمدة عقد من الزمان وقد يزيد عقودا أخرى إذا أطال الله عمره ،ومكانة الحاج حمدي جعلت حسن الدرهم يرضى من الغنيمة بالإياب ويهرب إلى الداخلة ليمنح للحاج حمدي فرصة انجاح الثاني في لائحته من قبيلة أزركيين،
لا زلت أتذكر والذكرى تنفع المؤمنين زيارة الملك الحسن الثاني للعيون سنة 1985 وقد كان لي الشرف بالمساهمة في تنظيمها ونلت وساما ملكيا بسببها، ففي اليوم الذي اجتمع فيه أعيان الصحراء بمنزل العامل للتفاهم على الهدية التي سيقدمها أهل الصحراء لجلالة الملك الحسن الثاني بمناسبة زيارته الميمونة لإقليم العيون، شب خصام بدون سابق إنذار بين السيد خليهن بوصفه رئيسا للمجلس البلدي للعيون وحسن الدرهم بوصفه رئيسا لبلدية المرسى وكلاهما نائيين برلمانيين إذا لم تخن الذاكرة، لم يتفاهما على من سيقدم الهدية لجلالة الملك، خليهن يريد أن يقدمها أحد الرقيبات ولا أحد غير الرقيبات مما دفع بالدرهم للانتفاضة في وجهه وينعته بأنه من تريكة فرانكو، ليقول له خليهن ارجع إلى ايت بعنران بسيدي إفني فأنت لا يحق لك أن تتكلم في أرضنا وأرض أجدادنا، في خيمة إقامة خليهن بالعيون حاول الشيخ لرباس القيام بصلح بين خليهن وحسن الدرهم، ولا زلت أذكر ومن الصعب أن ينسى الإنسان المواقف الحرجة إن الشيخ لارباس – سامحه الله – طالب بإخراجنا أنا وبعض الإخوة من الخيمة قبل أن يبدأ الصلح وكأن الشيخ لارباس لا يعرف أن الأسرار لا وجود لها في عزف الصحراء ولو أراد الشيخ لارباس أن أمده بتسجيل كامل لحإاولة صلحه لمددته بها حتى يعرف أن الرجال في أغمادها وأتمنى أن لا اضطر في المستقبل إلى وضع تلك التسجيلات على اليوتوب ليستمع اليها القاصي والداني، إلا أن أخلاقي وتربيتي تمنعني من الإساءة إلى أي كان لأن روح الانتقام لا تكون إلا عند الفاشل…
بالنسبة للانتخابات المهنية في الصحراء فقد أظهرت مؤشرات قد توثر على سير الانتخابات البلدية والجهوية على جهة الصحراء التي تهمنا كأبناء بررة لهذه المنطقة، إذا لم يكن هناك من سيقول لنا مستقبلا أننا من أولاد جرار أو آيت الرخاء..
المال والأمية هي من تسيطر على الفاعلين السياسيين في منطقة الصحراء برمتها… فعندما تدخل من باب الصحراء كلميم يستقبلك رجل الأعمال المتألق والشاب الوسيم المعتز بنفسه الواثق من إرادته عبد الوهاب بلفقيه الذي رزقه الله وهو خير الرازقين المال والجاه فأصبح بقدرة قادر من أغنى سكان وادنون ومن المتحكمين في دواليبه الاقصادية والسياسة سواء في ولاية كلميم أو عمالة سيدي إفني،فآل بلفقيه هم الآمرون الناهون في ولاية كلميم زادهم الله عزا وشرفا ومهابة وإجلالا… مستشار في الغرفة الثانية ، رئيس بلدية كلميم والرئيس الفعلي للجهة لأن نائبه كهو كما يقول المثل … شقيقه برلماني ورئيس المجلس الإقليمي … حصل على نتائج جد مشرفة في الانتخابات المهنية ليوم الجمعة سابع غشت وهو سيضمن لا محالة رئاسة البلدية لنفسه في استحقاقات رابع شتنبر المقبل ، أما جهة وادنون فرغم خطته الجهنمية إذا تحققت بترشيح أمين عام الحزب كوكيل لائحة بولاية كلميم ليترشح هو وكيلا للائحة بعمالة سيدي إفني ليجمعهم مكتب الجهة رئيسا ونوابا ومستشارين، إلا أن كل حسابات بلفقيه قد تضرب في الصفر أو أخماسا في أسداس، كما يقال إذا أقدمت الوزيرة مباركة بوعيدة بالترشح كوكيلة للائحة الحمامة في ولاية كلميم فهذه الوزيرة المحترمة وابنة العائلة العريقة في الحسب والنسب ابنة المقاوم الكبير والوطني الغيور سيد أقرانه وفريد عصره الحاج علي بوعيدة صاحب شركة الكباتية وهمزة وصل بين المغرب والصحراء وموريتانيا،أول عامل في طرفاية وأول قنصل عام للمغرب في نواديبو، زعيم قبايل تكنة، ابنته مباركة المثقفة تقافة عالية وخريجة جامعة بريطانيا البرلمانية المتألقة التي برزت مواهبها في لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان ، نالت رضى الجميع بما فيهم بيد الله محمد الشيخ الذي كان لا يسافر لأية مهمة خارج الوطن إلا واصطحب معه مباركة بوعيدة لإتقانها للغة الإنجليزية والفرنسية ونجاحها في إقناع الآخرين وخاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية،اكتسبت مباركة بوعيدة شهرة وطنية في المغرب وأصبحت معروفة على الصعيدين الوطني والعالمي كوزيرة ناجحة متواضعة … وإذا قررت السيدة مباركة بوعيدة الترشح كوكيلة لائحة الحمامة لجهة كلميم فإن الجميع سيصوت عليها بدون تردد لمكانة أسرتها وثقافتها ورزانتها ووزنها الاجتماعي والجميع مجمع على أن ترشح مباركة بوعيدة في جهة كلميم أن نجاحها مضمون وأن من ينافسها ظالم لنفسه لأن وجود المرأة المناسبة في البرلمان في المكان المناسب وخاصة المرأة التي يشجعها ملكنا الهمام لاحتلال أرقى المكانات فأهل وادنون لا يمكن بحال من الأحوال أن لا يصوتوا إلا للوزيرة مباركة بوعيدة لمكانتها الأسرية والثقافية والسياسية والاجتماعية ، ومباركة بوعيدة رئيسة جهة كلميم سيزيد من مكانتها بين الجهات الإثنى عشر في المغرب، وإذا كنا نتمنى أن تترشح السيدة بوعيدة لجهة كلميم لمكانتها فإن البعض يحاول بكل الأحوال أبعادها لأن ترشحها يضمن نجاحها وسيعطي تألقا للجهة برمتها،مع انني شخصيا استبعد ترشيحها رئاسة جهة كلميم لان هذه المهمة ستحرمها من وضيفة وزيرة او سفيرة في المستقبل طبقا للقانون الجاري به العمل ….
أما إقليم طانطان فأهل بولون يسيطرون على السياسة فيه ماديا ومعنويا سواء في البرلمان أو البلدية وتحالفه مع الحاج حمدي ولد الرشيد زاد من مكانة هذه الاسرة ، منافسهم الوحيد هو آل شرف الدين من حزب التقدم والاشتراكية ، ولهذا يقال إن بولون خطط للبلدية والجهة إلا أن الحاج حمدي قلب عليه ألأوراق عندما وجد لوائح البلدية والجهة كلها لوائح أسرية فيها زوجة بولون وإخوانه وأخواته وأخواله وأعمامه فطلب منه الحاج حمدي أن يراعي في إعداد اللوائح مراعيا التوازن القبلي في المنطقة كما يفعل الحاج حمدي في منطقة العيون، فهل سيراجع بولون لوائحه الانتخابات البلدية والجهوية بإقليم طانطان ؟
أما ولاية العيون بلديتها وجهتها ومجالسها المنتخبة فهي في اغلبها محفظة حاليا في اسم الحاج حمدي ولد الرشسد ، حفظها في اسمه واسم عرشه وقبيلته وأصدقائه الموالين له من مختلف القبائل الصحراوية بما في ذلك الشلوحة على حد قول أهل الصحراء للوافدين على المنطقة بعد المسيرة الخضراء المظفرة …
الحاج حمدي الذي قدم استقالته كرجل سلطة بإقليم العيون لتفرغ للسياسة بعد أن أحس أن نجم أخيه خليهن أخد في الأفول بعد سوء تفاهمه مع الوزير المخلوع إدريس البصري … وقد نجح الحاج حمدي فعلا في المحافظة على مكانة أسرته في الصحراء على الخصوص والمغرب على العموم، ورث عن أخيه مقعده في البرلمان وورث عنه رئاسة البلدية ، ونجح الحاج حمدي في جمع حوله أعيان الصحراء ليس في العيون فحسب بل من باب الصحراء كلميم إلى تخوم إقليم أوسرد على مشارف الشقيقة موريتانيا، وهو الوحيد الآمر الناهي في حزب الاستقلال بالنسبة لكل الأقاليم الصحراوية، ونجاحه ظهر في كل الأقاليم سواء في البلديات أو البرلمان حيث استطاع أن يحصد أكبر عدد من النواب لحزب الاستقلال، الحاج حمدي يصوت الناس له كشخص الحاج حمدي ولا يهمهم في شيء الحزب الذي ينتمي إليه ولو ترشح بأي حزب لنجح ونجح معه أتباعه، إنه شخصية بارزة بناها على علاقاته الإنسانية وسخائه وعمله الدؤوب ونيته الصادقة وقلبه الذي يتسع لكل شيء حتى لأعدائه وحساده، لولا الحاج حمدي لما بقي ذكر لأهل الرشيد لأن الأوضاع السياسية والأسرية للسيد خليهن لا تسمح له بالاحتكاك بالناس لأنه خلق للزعامة ولا شيء غير الزعامة لاعجابه بنفسه وانانيته وعدم اعترافه بوجود اي احد في المغرب باستثناء عاهل البلاد جلالة الملك محمد السادس نصره الله ، من قال أن السيد خليهن سيقبل برئاسة مجلس استشاري منتهي الصلاحية ؟؟؟
دع المكارم لا ترحل لبغيتها وأقعد فانك أنت الطاعم الكاسي
لقد نجح الحاج حمدي في اخضاع كل اقاليم الصحراء لرادته باسم حزب الاستقلال وكل المؤشرات تظهر انه كان وسيبقى سيد الصحراء بلا منازع ، فلا الوافد الجديد الأصالة والمعاصرة وكل الأحزاب الأخرى إذا اجتمعت تستطيع كسر شوكة الحاج حمدي لأنه خدم ويخدم المنطقة بكل صدق وأمانة ، إن ينصركم الله فلا غالب لكم … يقال ان الشيخ بيد الله سيترشح لرئاسة جهة العيون الساقية الحمراء ، وهذه العملية ما هي الا مجازفة من طرف بيد الله لان الجهة محسومة مسبقا لصالح الحاج حمدي ومن يريد غير ذلك فانه يحلم في واضحة النهار …
بالنسبة لإقليم التحدي بوجدور فإنه ملك مشاع بين قبيلة أولاد تيدرارين والعروسيين ومن يدور في فلكهما، مع إن الميزان يميل لقبيلة أولاد تيدرارين لبروز أحد أبنائها المثقفين ثقافة عالية كمهندس الأشغال العمومية مارس مهامه داخل وخارج أقاليم الصحراء مما بوءه مكانة بين أهله وعشيرته حيث استطاع تنحية شخص جتم على المقعد البرلماني في المنطقة لمدة ثلاثة عقود بالتمام والكمال ـ وكل الآمال معقودة على إزاحته من رئاسة البلدية التي لازال صاحبنا يعض عليها بالنواجد، لقد حان الوقت أن تحذو كل القبائل حذو قبيلة أولاد تيدرارين فتصوت لصالح أبنائها المثقفين ثقافة عصرية عالية ، فالانتخابات في الصحراء لا يمكن أن نقول أنها انتخابات نزيهة إلا إذا أفرزت لنا طبقة مثقفة من أبناء الصحراء المثقفين الواعين ، فقد حان الوقت أن يسلم الآباء المشعل للأبناء ، فبعد أربعين سنة من استرجاع الصحراء إذا لم ينجح المغرب في إبراز نخبة جديدة من الشباب المثقف فلا أمل يرجى في المستقبل …
إن الانتخابات في الصحراء المغربية مر من ثلاث مراحل هي التعيين ، ثم تزوير الانتخابات ، وأخير ترك الأمور تسير في تسيب ينطبق عليه قول الشاعر العربي الأصيل:
إن الدراهم في المواطن كلها .. تكسي الرجال مهابة ووقارا
هي اللسان لمن أراد فصاحة .. وهي السلاح لمن أراد قتالا