لماذا يسخر الناس من وصلة إشهارية توهمنا بإحساس مريض بالراحة الفورية مباشرة بعد تناول دواء ما؟  الجواب هو أن الدواء، وبكل بساطة، لا يأتي بمفعوله بعد التناول مباشرة، وإنما بعد تفاعله داخل الجسم وقد يأخذ وقتا يتعدى شهورا أو حتى السنة، اللهم تلك الأورام المستعصية التي تستلزم الاستئصال أو دواء مدى الحياة.

أسوق مثل الوصلة الاشهارية لأنها تنطبق على مشهد التسيير في كل بلدان العالم، وخاصة تلك التي تفشى فيها الفساد السياسي الإداري وحتى الأخلاقي، كالمغرب مثلا. لن نغطي الشمس بالغربال ونستمر في إيهام الناس بأن كل شيء على ما يرام ولن نوهمهم أيضا بقول أن الأمور تزداد سوءا،  ولست متناقضة في ما أقول. في المغرب قطاعات بدأ أداءها يتحسن ولو بخجل ولكن التحسن موجود والى جانبها قطاعات أخرى يستحيي المرء من ذكر ترتيبها وسط دول العالم أو حتى دول إفريقيا كالتعليم والصحة والأمن. 

قد يكون أداء الأجهزة الأمنية جيدا في محاربة الإرهاب لكنه فاشل في محاربة الإرهابيين الصغار أولئك الذين يعترضون سبيل المواطنين في الأسواق والحافلات الأزقة والدروب وحتى داخل منازلهم. الصورة ليست سوداء تماما لأن مجهودا ينجز في علاقة الأجهزة بالجريمة الكبرى وليست بيضاء تماما لأن هناك تقصير في محاربة جريمة الأحياء.

 الأسئلة المطروحة اليوم والتي يستوجب منا جوابا جماعيا، بدل لعب دور الضحية والمسكنة وقصر اليد وقلة الحيلة، هو: إلى متى سنقبل بدور المفعول به بدل دور الفاعل؟ 

عودة الى الحديث عن مفعول الدواء المباشر والفوري، وعلاقته بالإصلاح، هذه الكلمة الكبيرة العميقة التي يتوقف عليها مصيري ومصيرك ومصير أمة بأكملها وكذلك مصير مصالح و منافع لوبيات بأكملها. يعلم الجميع أن لوبيات ترعرعت وكبرت وإنتفخ ريشها، بسبب غياب الإصلاح  والريع  و”السيبة” وغفلة المواطن، لن تسمح بالسعي وراء ذلك الإصلاح الذي سيوقف مشاريعها لكن مواجهة هذه اللوبيات واجبة من خلال دعم مسار الإصلاح أينما ظهر و تحفيز الساسة ذوي الأيادي النظيفة على تحويل النيات الى أفعال.

 دعمنا هو الكفيل بتوزيع حليب البقرة على جميع المغاربة أصحاب الحق، ومؤديي الضرائب والموظفين الذين يأتون على زهرة شبابهم بين المواصلات والمكاتب لخدمة بلدهم وتأدية لواجبهم. هؤلاء الشباب الذين لم  يجدوا إلا نكران الجميل وتجاهل لطلبات بسيطة متمثلة في سكن ومواصلات وتعليم وإستشفاء و خدمات عمومية يحترم إنسانيته.

لقد هيمنت اللوبيات على ما نرى ونقرأ من الصحف والأخبار وجل وسائل الإعلام، حتى تشغلنا أو تغلطنا وتكذب علينا كذبا صريحا وتفتعل  مشاكل بعيدة كل البعد عن أولوياتنا كحادثة المثلي الذي سقط  من حيت لا ندري بكل زينته وفستانه النسائي الأبيض وسط شارع عمومي فتبعته الأقلام والميكروفونات والكاميرات بدل أن تتبع مواضيع على درجة عالية من الأهمية تمس مصير كل فرد وبيت في هذا الوطن.

 الأسئلة المطروحة اليوم والتي يستوجب منا جوابا جماعيا، بدل لعب دور الضحية والمسكنة وقصر اليد وقلة الحيلة، هو: إلى متى سنقبل بدور المفعول به بدل دور الفاعل؟ إلى متى يأمرنا الآخر بمقاطعة الانتخابات ولعب دور المتفرج المستهلك الذي لا يناقش برنامجا ولا يطرح تصورا؟ خذ كل وقتك للتفكير أما أنا فجوابي جاهز واضح وبسيط: 

أنا مامقاطعاش ومامفاكاش ولصوتي مابايعاش.