استجابة لواجب النصرة ولنداء الإنسانية الذي تبثه في كل لحظة صرخات الشعب الفلسطيني المكلوم خلال انتفاضته الثالثة المباركة، انتظمت صباح اليوم 25أكتوبر بمدينة البيضاء عدة حساسيات سياسية ودعوية في مسيرة مليونية حاشدة حج لها المتظاهرون من كل ربوع الوطن الحبيب،أمواج بشرية متراصة الصفوف موحدة الشعارات في شكل يعبر عن رقي جماهير الشعب المغربي في نضالاتها وولائها التام للقضية الفلسطنية. 

وكان ولا بد بعد هكذا إنجاز نضالي تاريخي أن نستبط الدروس ونقرء الرسائل التي بعثتها شوراع البيضاء للداخل والخارج .والتي كان أبرزها على المستوى الخارجي، أن القضية الفلسطينية تشكل إجماعا وطنيا وأن الخلافات السياسية والأيديولجية واختلاف المواقع داخل رقعت المشهد السياسي المغربي، تتلاشى إذا كان الأمر يتعلق بفلسطين،هذا الإجماع الذي افتقدناه للأسف في قضيتي مصر وسوريا لحسابات سياسية وأيدولوجية ضيقة لأطراف لم تراعي حق الإنسانية بمقابل ولائها التاريخي لأنظمة تقاسمها نفس الشعارات ونفس الخطاب الأيديولوجي  .

أما على المستوى الداخلي، فقد أرسلت جماهير البيضاء اليوم رسالة واضحة غير مشفرة  إلى المؤسسات الرسمية تتنكر من خلالها لسياسة اللامبلاة التي تنهجها اتجاه أولى القبيلتين وثاني الحرمين.كما عبرت على أن الموقف الحقيقي الذي ينبغي أن تتبناه المؤسسات الدبلوماسية والخارجية المغربية وكذا الإعلام الرسمي هو موقف الشعب المغربي المساند للمقاومة والرافض لأي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني أو مع الأنظمة الانقلابية القائمة على مصالحه .

النجاح النضالي حقيقةلا يتأتى فقط بالكم العددي بل بتنوع المكونات السياسية والحقوقية والنقابية المساهمة 

ومن الدروس بل من أهم الدروس التي تلقتها اليوم المكونات السياسية والإطارات الداعمة لقضايا الشعوب أن مبدأي التشاركية والانفتاح على الآخر هما سبيلا النجاح الفعلي والحقيقي لكل أشكالنا النضالية، وبالتالي هو أقوى نصرة نقدمها للقضية، إذ أن النجاح النضالي حقيقةلا يتأتى فقط بالكم العددي بل بتنوع المكونات السياسية والحقوقية والنقابية المساهمة فيه، وهذا ما يعبر فعلا عن إجماع وطني اتجاه القضية الفلسطينية ،أما منطق إلغاء الآخر و تجاوزه أومحاولة احتوائه باسم الإطار الوحيد والشرعية النضالية التاريخية، فلا يعدو إلا أن يكون صبيانية تكرس منطق التشرذم وتفسح المجال للاستبدادخادم الصهيونية أن يدخل على الخط، ويؤثر سلبا على فعلنا النضالي وبالتالي يصير المخزن هو الحاسم في مسألة التنسيقات الوطنية، يأذن بها تارة ويمنعها أخرى ويحدد لها الصيغ والأشكال التي من خلالها يصفي حساباته مع المغضوب عليهم، ويواصل حصارهم التضييق عليهم، وهنا تصير الإطارات الإقصائية باسم الشرعية التاريخية خادمة للاستبداد الإبن الغير الشرعي للامبريالية العالمية  .

ومن أبلغ الدروس التي لاحت اليوم خفاقة فوق مليونية البيضاء أن القواعد الحزبية ومعها عموم الشعب المغربي ليست في حاجة الى استنفار من القيادات واللجان المركزية حتى تهب لنصرة الأقصى الشريف، بل يكفي أن تتحمل المكونات السياسية بفرع ما مسؤوليتها ونتنظم في تنسيقية سمتها الانفتاح والتشاركية حتى تجد عموم الجماهير المغربية تهب من مختلف المدن لتنخرط معها في شكلها  النضالي،وهذا مافعلته اليوم المكونات السياسية بفرع البيضاء التي استطاعت ان تنتزع بحق قرار التنسيق الوطني من المركز لصالح الفرع في خطوة يصلح أن نسميها لا مركزية القرار النضالي  ،وفي هذا دعوة لكل الفروع أن تذيب جليد الفرقة في ما بين مكوناتها وتبادر إلى تشكيل تنسيقيات بروح ميثاقية تفتح أبوابها لكل أبناء هذا الشعب ولكل مكوناته السياسية بعيدا عن تحكم المخزن وتجاوزا لكل خطوطه الحمراء الفاصلة بين مكونات هذا الوطن الحبيب دفعا له عن سبيل الحرية والانعتاق .