وفي اليوم الثالث من الدورة الخامسة عشر للمهرجان الدولي للسينما بمراكش (الممتد من 4 الى 12 دجنبر 2015) ، عرض الفيلم المغربي :”المتمردة”  لمخرجة  جواد غالب ..وقعت السينما المغربية، حضورها في المسابقة الرسمية للدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش من خلال عرض فيلم “المتمردة” والذي الذي يتنافس على جوائز المهرجان ضمن قائمة من 15 فيلما، يستعرض الفيلم  الظروف المعيشية للمهاجرين (الاجور ـ الساعات الاضافية ـ السكن ـ الاستغلال و الابتزاز ) ، في احد المزارع البلجيكية ، حيث عولمة الاستغلال للعمال الزراعيين الموسميين ، كنموذج معياري لباقي العمال والمزارعين المتعددي الجنسيات ـ و الدي يترجم من خلاله المخرج ، فكرة اساسية تقوم على ان الرأسمالية لا يستثني الهويات ، حيث تعمل الباطرونا على التذرع بالأزمات الدورية للتنصل من التزاماتها الشغلية .

جواد غالب مخرج مغربي شاب ،تجرا على ان يلبس معطف الالتزام و الجدية و الموضوعية، بعيدا عن تسليع السينما، فقد سبق ان انتج فيلمه الاول قبل ” المتمردة ” ويعتزم اصدار فيلم اخر ،حول زوايا الارتباط الصوري بالدين من خلال القراءات السطحية للقران ،  استطاع في ظرف ساعة وربع ان يمرر العديد من الرسائل الواضحة 

والمركزة و الصوت  المتضمن للعديد من الرسائل من خلال تموجاته ، اضطرابه ، وهدوئه كما اثت البيضات برسائل اخرى مكملة ، فما  لم تقله الشخصيات قالته النقاشات المتضمنة في الاخباريات و السجالات الاعلامية ، حيث يتم تمرير الخطاب من خلال الأدن التي تتبع الازمات ، فمثلا لم يتم توظيف معطى التلفاز والنقاشات الحوارية اعتباطيا ..

تدور احداث الفيلم حول يقظة ليلي ” ليلى الى المتلقي ، مراعيا في رسالته السينمائية عنصر الوضوح في مخاطبة تعدد الفئات الاجتماعية و العمرية ، فالاستغلال لا يقصي احدا في المغرب (سواء ف مزارع  بيوكرى او مزارع ألميريا او في بلجيكا ..الخ) .

اعتمد المخرج تقنيات حركية  الصورة الخاطفة ” 

من الاحتجاج في الشارع المغربي الى امرأة ترفض بيع قوة عمل دون ضمان للكرامة و العدالة والاجتماعية  والحرية، لتستكشف في بواطنها صورة ليلى “الفبراريرية ” الرافضة لتنميط صورة العدالة

الشخصية التي بقدر ما تحمل هدوءا انثويا غامضا بقدر ما تتوهجها الكلمات المسكوت عنها في انتفاضات متكررة ، ومند بداية الفيلم لا يتوانى المخرج عن التذكير بسياقات الحدث ،حيث سيساهم   الحراك المغربي في تبلور الوعي النقدي لليلى ،ومن ثم بات وعيها الشقي كمهاجرة في الديار البلجيكية يطاردها ، ويرفض ان تصمت عن واقع الاستغلال او الامتثال  لتهديدات الباطرونا:” اما العمل او العودة الى بلدانكم حيث الفقر والبطالة .

ثم شخصية تستكمل ولادتها من جديد ، فمن الاحتجاج في الشارع المغربي الى امرأة ترفض بيع قوة عمل دون ضمان للكرامة و العدالة و الاجتماعية  و الحرية ، لتستكشف في بواطنها صورة ليلى ” الفبراريرية “الرافضة لتنميط صورة العدالة ، فالاستبداد لا يوجد فقط في البلدان التبعية بل في كل مكان فقط تتعدد مستويات المكتسبات التاريخية للشعوب ، ومن ثم تتحول الى طاقة  مؤهلة للتعبئة ، عبر ايقاظ الضمير الجمعي للعاملات ،  وفي ظل سيرورة البحث و الفعل الاجتماعي سيرافقه البحث عن الاخر كشريك ،تصطدم فيه بين خياري العاطفة وتنافيها مع حمولة القيم  ، ومن ثم يتحول الشريك ” الرجل ” من اداة في يد الباطرونا الى شريك في عملية الاحتجاج وانتصار للقيم و العاطفة الانسانية ،في ظل  ثقافاتنان مختلفتان تنتهيان بقصة حب ، اراد المخرج ان يجعل من نضال ليلى نضالا مزدوجا ، نضالا في حقها كامرأة في الوجود بكرامة ونضال الى جانب شريكها الرجل ضد استغلال الباطرونا .

لا يتوقف الفيلم عند حدود دلك ، بل يطرح اشكالات سوسيولوجية من قبل نمط التفكير المتولد عن الاقصاء و الجريمة التي ستدفع بالشريك “ثيبو” الى ان يكون عبدا في يد من انقده من السجن ” أندرو : الباطرونا ” وبتوالي السنين ستقنعه ليلى ان تلقي الخدمات الانسانية من احد لا يعين الاحسان الغير المرتبط بالمقابل ، انه نوع من الاستثمار الجديد في الموارد البشرية لتكون اداة طيعة في يد الرأسمالي او المالك .

ختاما ، يحن المتلقي المغربي و مواطني الضفتين الى هدا النوع من الابداع  الموضوعاتي ، الذي لا يسقط حمولته السياسية و الايديولوجية الفجة ،  بقدر ما تتحول عدسة السينمائي الى راصد لوقائع و احداث ، لان عملية الرصد و النقل عبر الصورة و اللغة و تموجات الصوت و الرمز احد مداخل الابداع .