إن التفكير والتأمل في ظروف نشأة مدينة بوجدور،والبحث في أغوار دهاليزها المظلمة التي يصطدم بها عن غير قصد الراغب في خير هذه البلاد المنسجم مع مصالح العباد يستدعي الترو أكثر، والحيطة من الكاذبين ومعرفة السبيل إلى تجاوز أرشيف البعض وإعتماد التاريخ الصحيح لأخذ العبرة منه وترك ما لا نفع فيه والعمل بما يفيد درءًا لإضاعة الوقت ومرور فرص التحسن هباءًا.

فما جال في مخيلة أحد رجال السلطة وعبر عنه ،بأن هناك مجاميع بشرية لها عقلية إنتهازية تضيع من مكاسب المدينة المغتصبة، والمهمشة الكثير،  وقلة هم من على إطلاع  أو مدركون لذلك، ومع ذلك تتحمل السلطة المحلية المسؤولية تجاه ذلك لعدم تحليها بالشجاعة وتورطها من بعيد أو قريب مع المعيقين لبروز تمثيليات قوية وواعية على عدة مستويات،وإساءة الظن بها إن هي حاولت الظهور،بقدرتها على الرفع من وتيرة التنمية بالمساهمة في تدبير الشأن المحلي تجاوزا  لعراقيل التوظيف والإدماج السليم إلى جانب مشاكل عديدة.في جهة لها من الإمكانيات ماهو معلوم لدى الجميع.

ولو رغب الساعي لطمس تلك الحقيقة أن يضعف من مضامين الملف المطلبي للمعطلين بمسوغات لاتتماشى مع واقع الحال داخل مدينة تتوقف فيها الدورة الإقتصادية حتى شعار أخر. فهو إذن من العابثين وعليه فتح المجال إضطرارًا لأحد المحرومين من حقهم في الشغل نظرًا لرغبة الجادة في العمل رغم الصعاب التي قد تُّدعى أو تبتدع. والبوح بكون المحاور المدرجة كمطالب أساسية هي صادرة عن مركزيات أو جهات غير معلومة،إنما ينم ذلك عن نية في التضليل والدليل هو أنه في حال إرتبطت المسألة بجهة ما نافذة، لتم تسخير البلطجية والعدة والعتاد، لإرباك المشهد وتهديد الإستقرار والترويج لبعبع الفتنة والقبلية المقيتة وهو ما اعتدنا تزامنا معه رؤية السلطة كمتفرج ودون ردة فعل أما في خضم هذا الحراك المتألق فتكاد لاترى أيا من ممثلي مسرحية الإنتخابات وإذا تصادفوا مع الفعل النضالي وجدتهم من الفارين بلا رجعة غاضين الطرف ويوهمون أنفسهم كأن شيء لم يكن بالله عليكم أفلا تخجلون.

إلا أن شريحة المعطلين التي آبانت على مقدرتها في الإبداع والتحدي بتفاني وإخلاص منوعة أشكال نضالها جاعلة منها فسحات للترويح عن آلام الساكنة ،ولو بشموع الأمل ذلك الأمل الذي لولاه لضاق العيش.تنادي بأصواتها المبحوحة من منطلق المعرفة والإلمام بتفاصيل وظروف هذه المدينة المحولة على مقاس البعض إلى مرتع خصب لمن أراد أن يعيث في الأرض فسادًا دون حسيب ولا رقيب ومن ثم الضحك على الذقون. فلله ذرك وذر أبيك وجدك وأسلافك المنعمين يا من عينت مسؤولا ولم يعمل بتوجيهاتك أن لايبرح حتى يحاسب ويعاقب أقبل التقاعد أم بعده لأنه لا مسؤولية للمواطنين إلا في حالة الرضى والسكوت عن واقع لا يطاق ضاقت فيه الساكنة ذرعًا من الركود والقنوط.

لتتيه المعاني ، وتتغير في سياق لم نعهده  فصار السكان مساجين ، والمدينة سجنا مع حظر المسير لتعبير عن الشجون وبعث رسالة السلام والسلمية للعالمين، فكان الحصار المعين على الحظر الأعنف من الضرب بالهراوة ، والتقييد عن الحركة صار ديدن العاجزين أمام العطاء والإبداع الذي يبديه المعطلون والمعطلات بشجاعة، وإصرار على المضي قدما نحو نيل المكتسبات وتحقيق المطالب طال الزمن أم قصر. فالإنسان منذ الصغرمجبول على المطالبة بحقه، والتعبير عن حاجاته ومتطلباته فالرضيع إن لم يبكي متى ترضعه أمه؟  وهذه الأرض الغالية هي الأم والمعطلون أبناؤها والحقوق فيها تنتزع ولاتعطى، فليأخذ كل ذي حق حقه، ولا يخاف في الله لومة لائم، وإنما اللوم على من يضيع الحقوق ولم يفرق بين أهلها والناهب الخيرات،الذي إستكبر في الأرض وطغى ظنا منه أنه لاناهي ولامنتهي في أرض النخوة والطيبين والطيبات الرافعين للواء “ماضاع حق ورائه مطالب”.فمن أراد أن يجانب الصواب فليداوي المعطلين بالوظيفة والحلول المعقولة ومن إبتعد عن ذلك إستنفذ الوقت في لوم المطففين بعدما ذاقو الحلاوة وتغنوا بشعار “انا ومن بعدي الطوفان”ووقع في المنزلقات ويجعل من قطع الفتات الذي لم يكن ليشبع أو يسمن من جوع ردًا قاسيا. فمتى كانت تنفع القساوة في ظل القناعة الراسخة بالحقوق والمطالب المشروعة؟                          لكن هوذا حال المسؤولين والمطففين والغاظين الطرف عن معانات الساكنة والمدينة يتبادلون اللوم، يمارسون نفس الأسلوب،يضيعون المكتسبات،يسلبون ويقسون.