أنت جميل ظريف، ديموقراطي منفتح ما دمت معي وتمشي على سِكتي وعلى منهجي. أنت سخيف إرهابي لا يُعتد بك ولا صوت لديك ما دمت تسير على خلاف ما نؤمن به. هذه زُبدة ما يبُثه الإعلام العربي خاصة والدولي بشكل عام وقد ينطبق على الأفراد والجماعات والدول. هكذا الإنسان العربي ينتقل من هنا إلى هنا داخل هذا التراشق وتبادل التهم لتحقيق صراع لا هدف من ورائه سوى التبخيس والتنقيص والتشهير والتحقير، جاء نتيجة التشرذم والتمزق وعنتريات الحكام وغفلة العوام.

إنها لطامة كبرى لم يُكتب لها أن تنتهي ولا أن تهتدي. أصبح الإنسان العربي، الذي هو موضوعنا في هذا المقام، في محطّ اتهام وموضع  الصّدام بين طرفين، واحد قوي يتغذى ممن يملك اكبر قدر من مقومات القوة وآخر ضعيف يفتقد لهذه المقومات ويضيع الإنسان، ويٌقتل الإنسان، ويُسجن الإنسان، ويُيتّم الإنسان ويطول الصراع الفارغ من المحتوى بين هاذين الطرفين. لا عقل ولا رحمة ولا شفقة ولا بواعث أخلاقية التي من شأنها قد تؤدي إلى نوع من التنازل أو التسوية من أجل هذا الإنسان المُعذب في أرض الله.

فمن أجل حفنة من المال أو سلطة محدودة الزمان فوق كرسي خشبي تهون قيمة الإنسان ويصبح دمه وعرضه وشرفه تدوسها الاقدام وتُنصبُ لها الألغام. لا عِرض ولا شرف للإنسان العربي حتى وإن كان بعيدا عن اي صراع وما حالة الجالية العربية في دول اوروبا وامريكا عنا بعيد. إن مات لا منمجيب وإن ظُلم لا من نقيب وإن نجح لا من مشجع قريب.

لم يعد ذلك السياسي العربي يجري ويناضل من اجل اهداف واقعية، خلف التنمية والتحرر وحقوق الإنسان والديمقراطية والحضارة وكسب التكنولوجيا والسيطرة على الطبيعة والقوة والإكتفاء الغذائي، بل اصبح ديدنه هو تخوين الآخر ونصب الفخاخ للآخر.

يستطيع هذا السياسي الأجوف أخلاقيا الغافل المتغافل أن يتحالف مع الشيطان ضد خصمه الإنسان ولا يتمنى أقل من الموت خسارة وجهنم مصيرا وما يجري في مصر خير شاهد. 

  لا يمكن لاحد ان يتنبأ ما تؤول إليه الأوضاع في ظل هذا الصراع الذي طال عمره وكَثُر شرّهُ. صراع داخلي بين الإنسان العربي واخيه العربي، وبين الإنسان العربي ونظيره في الإنسانية. لا يعرف أحد ان يسير هذا الإنسان المُعذب الذي طالما حَلُم بموطن يحميه من الظلم والجور والقتل. من المسؤول عن هذا الاسى والعذاب الذي لزم الإنسان الفلسطيني والإنسان العراقي والإنسان المصري وهلم جرا…هل هو مشكل حكام أو مشكل محكومين؟ ام انه مشكل تسبب فيه طرف خارجي أراد من الإنسان العربي أن يكون دونيا وخلف أسوار الحضارة وروح الإنسانية؟