الأزمة الديبلوماسية الأخيرة بين المغرب و الأمين العام للأمم المتحدة “بان كيمون” أسفرت عن مجموع قراءات إختلفت حسب زوايا التحليل السياسي أو الوطني أو الشخصي .إلاأن أبرزها التحليل الموضوعي الصادر عن مختصين في القانون الدولي خاصة في صلاحيات الأمين العام والأمم المتحدة وهيئاتها في مثل هذه القضايا الدولية .

 إذا ربطت هذه القراءات بين أزمة المغرب وبان كيمون ، وإقتراب إصدار هذا الأخير لتقريره السنوي الإعتيادي ،تمديد صلاحيات المينورسو في المنطقة. وإعلان أن مسلسل التفاوض بين جبهة البوليساريو و المغرب قد باء بالفشل خاصة بعد تقويض المغرب لصلاحيات مبعوثه الخاص ” دنيس روس” وإعلان فقد الثقته فيه منذ 2012. وبذلك نقل القضية من صلاحيات قرار مجلس الأمن يناير كانون 2009 /القرار 1871 باقتراح المبعوث الأممي دنيس روس عقد مباحثات غير رسمية بين طرفيْ النزاع. والقرار رقم 1309 المؤسَّس على المبادرة الفرنسية الأميركية التي تقترح حلا سياسيا لمشكلة الصحراء، ودعوة جيمس بيكر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بنزاع الصحراء إلى حل تفاوضي بين الطرفين، مما يعني تخلي الأمم المتحدة عن خطة الاستفتاء.  إلى قرار مجلس الأمن رقم 1495 الصادر بتاريخ 30 يوليو/ تموز 2003 أو مخطط “جيمس بيكر” حكم ذاتي متبوع بإستفتاء، كحل سياسي ينهي الصراع المحتدم والمهدد لأمن وسلم منطقة شمال إفريقيا و جنوب القارة الأوروبية ،أوالعودة الى الفقرة السادسة من ميثاق الأمم المتحدة 1514 .

المغرب يعلم جيدا أنه منذ تقرير الأمين العام الحالي لعام 2011 ،بعد الثورات العربية حين ربط نزاع الصحراء بالثورات العربية وما لها من تأثير على المنطقة بعد عام من ثورة مخيم “أكديم إزيك” ،وبالتالي الإسراع بإيجاد حل سياسي يضمن إستقرار المنطقة وأنهاء الصراع .

 يعلم أن السيد بان كيمون أعلن من نفسه و بموضوعية الأمم المتحدة عدم إلتزام الحياد الديبلوماسي خاصة أنه توج ذلك بعد خمس سنوات بوصف الصراع ،ب إحتلال ولو أن هذا طبعا هو مدخل الخلاف بين المغرب و اسبانيا التي تقول أنها تركت في الصحراء شعبا صحراويا ليس تابعا للعرش العلوي ،من جهة ،والجزائر التي تحمل على أرضها مخيما كاملا من اللاجئين في إنتظار تطبيق بند تصفية الإستعمار الأممي (المادة السادسة 1514) من جهة أخرى .

 رغم أن التقرير السابق الذكر كان قد حمل إشارات جد إيجابية و لأول مرة في صالح المغرب ، أبرزها ،إشراك جميع الصحراويين خاصة الذين لهم إمتداد شعبي كبير ، كعلامة إستفهام حول تمثيلية قيادة البوليساريو لكل الصحراويين .

و دعوة الجزائر السماح للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بإجراء تعداد لسكان مخيمات تندوف ،ثم تفعيل حل الحكم الذاتي كمدخل و أرضية مناسبة و جدية لبناء التفاوض مع جبهة البوليساريو التي كسبت بدورها من نفس التقرير قبول المغرب بكفالة الهيئات الحقوقية لزيارة الأقاليم الصحراوية ،دون أن تضاف صلاحية مراقبة حقوق الإنسان لبعثة المينورسو .

 مع إقتراب صدور التقرير الجديد للأمين العام ، حاول المغرب كسر مثل تلك الترقبات والجمود الذي لن يخدم قضيته بإرجاع الصحراء ، حين أطلق مسيرة شعبية شبه مليونية و طرد موظفي الامم المتحدة واغلق مقرها بمدينة الداخلة للتنسيق العسكري.

 بسبب زلة أو تعمد بان كيمون في وصف قضية الصحراء باحتلال مغربي، الذي وظفه توظيفا هز و”فعفع بلفظ وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار” ،ليس فقط الأمين العام بل والامم المتحدة التي حاول الناطق الرسمي باسم الامين العام تقديم إعتذار ملتبسا ،بأن المنظمة تلزم الحياد الكامل و أن الخطأ كان شخصيا غير متعمد .

 فهل كل غبار هذه الأزمة فقط من أجل حرف الأمين العام عن تقرير سيئ ضد المغرب خاصة بعد الزيارتين الملكيتين المتقطعتين لأقاليم الصحراء ؟ أم في الأمر إستغلال من طرف المغرب للوضع الدولي السائد في كل المنطقة العربية ،وبالتالي أخذها للضوء الأخضر من السعودية بسبب دعم المغرب المطلق لها في حربها على اليمن و التدخل البري المفترض في سوريا. ومن طرف  فرنسا كما تتهمها جبهة البوليساريو ؟ ولماذا هدد المغرب بالخروج على الشرعية الدولية خاصة في حال صدور قرار مجلس الأمن جديدا أو قديم : _تقرير المصير _الاستفتاء _الحكم الذاتي_التقسيم ؟ ثم أخيرا لماذ هدأت الأزمة بين الدولة وهيأة الأمم المتحدة عقب احداث بلجيكا ؟؟