(لقطة بائسة)

لا حب في زمن الخيانة …

لم يحب “الثوريين” يوماً، و لم يصدق كلامهم الدافئ و الملغوم حول التغيير…
كانت عيونهم فاضحة، فارغة، بلهاء، كممثلٍ صدَّق نفسه فكذبه الآخرون!
أين هم اليوم؟
“الأوفياء” انتهزوا أول فرصةٍ منحها لهم الوطن، تثميناً لحبهم له.
حين غذت البقية مجرد بيادقَ على الفيسبوك ما زالوا يدعون فكراً حداثياً، جار عليه الزمن، في تعنتٍ واضحٍ ونية في“القصاص” من ثورةٍ لم يعد لها مكان ...  هي فقط “جيمات” يداولونها بينهم!

في الوقت الذي انسحب فيه شرفاء هذا الوطن من المشهد، واختفوا عن الأنظار!

(لقطة حلال)

خلفنا عالم خالٍ من الألوان، فيلم طويل بالأبيض و الأسود،
قصة ” حلال” حيث الكل يرمي عنه ثوب العهر ليصبِح أطهر من الملائكة المنزَّلة من السَّماء.
نفاقٌ اجتماعي خفِي و معلن في نفس الوقت. رقابة ، حساب، و عيونٌ شرسة في انتظار أيّ حركةٍ ” كاشفة للعورة“!
الكلُّ صالح ، الكل يُصلح … و إبليس ينهزم في نشر الخطيئة!
فلاش باك: فقط بعيداً هناك … كانت عيونهم تُراقب الرَّب!

(لقطة ضبابية)

لا يزعجها الرجال الرجعيين، لا تخافهم، لا تلومهم…  بل تكاد تحترمهم و أكثر!
هم يعبرون فقط عن ما يجول في خيالهم المريض، يعلنوه جهراً و يؤكدونه … بكل صدق.
يحاربون بشرف و بوجهٍ مكشوف … لا خوف منهم و لا هم يحزَنون.
ما يرهبها فعلاً هم مدَّعِي الحداثة، أصحاب الانتماء الليبرالي المقدس، حين يهمسون جِزافاً بما تخفي قلوبهم، حين يسقط القناع عنهم، لتجد نفسك أمام شيخ القبيلة.
يجددون أحكامهم، يبيعون فتاويهِم البائِسة … يعاقبونك على ذنوبهم، لينشدوا حريةً جوفاءَ اغتالوها بالوهم!

(لقطة زائفة)

كان يعرف كمية نفاقه الأبدي، يوزّع عليهن عباراتِ الغزل و الجمل الرنَّانة، في محاولةٍ يائسة لتجميل ما بقيَ من شظايا روح سكنها الفجور…
توضأ بماءٍ آسن، تمتم بعباراتٍ صوفية…  ظن أن الحيَّ القيوم راضٍ عنه و نسي أن بعض الظن إثم!
كان يستثير مشاعرهن في خبث. يبتعد دون إنذار و يعلنها في نفسه: عفواً من الذين سقطوا و أنا أسير!
بدا متألقاً في شخصيته المزيفة، يعزف موسيقاه المضجرة، يتلون كحرباء مع تورُّد خدود ضحيته!
قال شعراً، نظم كفراً، و لام أمامها ما سبقوه من الرجال …
سمع رنة وصول الرسالة … لم يعط لأمرها أهمِّية، فانشغاله الجديد ب “الحسناء” يغفر له كل خطاياه و قلة إنسانيته الذكورية!
نظر إلى مرآته، ابتسم ساخراً، و فتح حاسوبه من جديد …
فما عاد شيئٌ يدعوه للخجل!

(لقطة نهاية)

لم يَمُت!
لم يمت اليوم أيضاً … غريبٌ آخر احتضر و أخذ مكانه المنشود.
كان يبكي بحرقةٍ عند سماعه بغياب أحدهم.
اعتبروه ذي قلبٍ رحيم، أسِفوا على روحِه الطيِّبة، وَاسَوْه، و مسحوا عن وجهه الدمع المنسكب.
كان يحزن دائماً … يحزن، لأن دوره لم يحن بعد!

ظل ينتظر بلهفة و شوق تذكرة سفره الأخير، فأولئك الذين لا تشفيهم الحياة يشفيهم الموت.
من نسِيَ رُوحَه و نزعها عن غيرِه؟
لم يمت اليوم أيضاً … لن يموت قريباً … سيكون هو آخِرُ العابرين!