في كل ذكرى عظيمة، وفي كل حدث عظيم تهنئ الشعوب بعضها البعض كما يهنئ المواطنون بعضهم البعض، وبما أن الأحداث العظيمة قد تكاثرت علينا في هذا البلد العظيم صار من الواجب علينا أن نهنئ أنفسنا تهنئة خاصة، لذلك سأتطفل عليكم وأنفرد بتلاوة هذه التهنئة لتصل إلى أكبر قدر ممكن ممن يشاركوننا هذه الأحداث العظيمة ، فهنيئا لنا…

هنيئا لنا بدولة أمير المؤمنين، هنيئا لنا بقادتها المتفانين بساستها المحنكين وبفقهائها الواعظين.

 هنيئا لنا بحكومة القانتين بوزرائها العالمين وهنيئا لنا بصوت المعارضين.

 هنيئا لنا أن ولدنا في حضن السلاطين حماة الوطن والدين، راجموا الجن والشياطين.

هنيئا لنا بكثرة الحاسدين، والعيون المتربصة بنا في كل حين، عشنا ولا عاشت أعين المتربصين.

فهنيئا لنا بهذا الحظ الثمين.

هنيئا لنا.. هنيئا لنا.. هنيئا لنا…

كيف لا ونحن من يحيى بين الأمم كراما واقفين، حرية الإنسان نحن فيها أول المشرعين، كرامة المواطن لدينا خط أحمر رصين وفي العدل نحن دستور للعالمين.

 فهنيئا لنا بهذا البلد الأمين.

كل هذا نحن… فلا تستغربون! 

 نحن في صورة الإعلام المسخ، في النشرات الإخبارية، في الجرائد اليومية، في ندوات الكلخ، في المؤتمرات التضليلية، في المقررات التعليمية وقس على ذلك…

فهل تعلمون من نحن في عيون الحقيقة؟؟؟

أوهل تعلمون من نحن في عيون الاخرين؟؟؟

نحن في الولايات المتحدة حجرة شطرنج تتحكم فينا وتحركنا متى شاءت وكيفما شاءت حسب ما تمليه الإستراتيجية في سياستها الخارجية. فهنيئا لنا ب “الوطن البيدق”.

أما في عيون الفرنسيين فلا نغدو أن نكون مجرد عشيقة يضاجعونها ولا يحبونها وفق ما تمليه قواعد العشق النابوليونية. فهنيئا لنا ب”الوطن المعشوق” .

في اسبانيا نحن مخزون القاصرين الذي تفرغ فيه الأمراض البيدوفيلية والنزوات المنحرفة الشاذة. فهنيئا لنا ب”الوطن القاصر”.

أما عند الرفاق الروس فنحن آلة من آخر ما أنتجته صناعتهم الآلية الحديثة. فهنيئا لنا ب”الوطن الآلة”

وهل تعلمون كيف نرى (بضم النون) بمنظار الجهل السعود_خليجي؟ إننا موضوع درس لأولادهم وفي مدارسهم،فلا تتعجبون! لأنهم لا يدرسون بطولاتنا وأمجادنا وأعلامنا ورموزنا… بل يعلمونهم على أننا وكر دعارة بخيس، يتهافتون عليه من كل صوب وحدب  لتجديد العهد على حيوانية الإنتماء. فهنيئا لنا ب”الوطن العاهر”.

إننا في نظر العالم جنة وقبلة سياحية يقصدونها من كل الأمصار والبقاع ليستمتعوا بمآثرنا وتاريخنا، بل ليتلذذوا بسقوطنا وسقوط تاريخنا في تلك المآثر، ثم يرحلون محملين بصور وتذكارات مع تمثال حالنا وواقعنا اليوم. فهنيئا لنا ب”الوطن التمثال”.

وقد نسيت أن أقول لكم من نحن بالنسبة للرومان، فبعد أن خضنا حروبا طويلة وشرسة مع الإمبراطورية الرومانية في عز مجدها دفاعا عن هذا الوطن، ها قد أصبحنا اليوم قمامة روما ومطرح فضلاتها، وما زال في الطريق متسع كي نصبح قمامة العالم. فهنيئا لنا ب”الوطن القمامة”.

فهل نعلم الآن من نحن؟

بكل تأكيد نعلم الآن وقد علمنا قبلا، فكل الأقوال والأحداث والوقائع، وكل الصمت والذل، وكل شيء آخر… يقع أمام أعيننا ويمر على مسامعنا، فهل متنا ومات الوطن؟!.

استشرى الجهل عميقا

من يشفي المرض؟

وصار الذل صديقا

من يحيي الوطن؟