قد يبدو العنوان مجحفا للبعض، قد يبدو عنوانا جاحدا يلغي عن حكومة السيد بنكيران أي إجراء إيجابي يمكن وضعه في خانة الإنجازات، وقد يبدو تفاعلا سلبيا مع تصريحاته العديدة والممتكرة، وهو الذي لا يسمح لأي فرصة يخاطب فيها المغاربة أن تمر، من دون أن يسترسل في جرد الإصلاحات و التدابير التي باشرتها حكومته رغم وجود ما يعيقها وما يحاول فرملة مسارها من تماسيح و عفاريت و أذناب للتحكم، لكن الواقع ومعطيات الواقع وأرقام هذا الواقع يجعله الوصف الصحيح لنواتج و حصيلة هذه الحكومة.

فحتى ما يحاول السيد بنكيران ووزراؤه، أو من يدور في فلكهم من كتائب إلكترونية لا تفكر،وإن فكرت فهي لا تفكر للوطن بقدر ما تفكر للحزب و للجماعة وللتنظيم الإخواني العالمي، أن يوهموننا بأنه إصلاح وتعديل و تغيير، ما هو في الأصل إلا إجهاز عن مكتسب أو ضرب لفئة مجتمعية غالبا ما تكون فئة الفقراء و الكادحين من هذا الوطن، أو قرار لا شعبي لا يخدم غير المؤسسات المالية العالمية المانحة، التي لا تبغي من إملاءاتها غير خدمة وضمان مصالحها، والتي وجدت في السيد بنكيران و حكومته الزبون الوفي والملتزم.

إذ انه لا يمكن الحديث عن حكومة بنكيران، دون الحديث عن قيمة المديونة الخارجية التي ارتفعت معه،وبشكل مهول لم يعرف المغرب له مثيل، حتى مع حكومات التعيينات التي لم تكن لها أية شرعية شعبية، مديونية تجاوزت 70 في المائة من الناتج الوطني الخام و وصلت قيمتها إلى 300 مليار و 826 مليون درهم هذه السنة، علما أن حجم المديونية الخارجية العمومية لم يكن يتجاوز 189 مليارا و108 ملايين درهم خلال 2011.هذا الارتفاع الذي لا يعني غير تهديد مباشر لمستقبل المغرب، والذي أصبح مرهونا للجهات المانحة،ما يعني تغييب كل نفس شعبي ووطني عن السياسات المغربية المستقبلية. حجم الدين الداخلي ارتفع أيضا مع حكومة بنكيران حيث بلغ  445,2 مليار درهم سنة 2014  علما أنه لم يكن يتجاوز 264  مليار درهم سنة 2007، و بارتفاع فاق 5% مقارنة مع سنة 2013 أي 21 مليار درهم، بمعنى أنه في ارتفاع مضطرد مع وجود هذه الحكومة.

إن سياسة حكومة بنكيران و المبنية على فلسفة الإستيدان، لم تكن تعني غير سن المزيد من السياسات اللاشعبية عبر  فرض ضرائب جديدة  وتجميد الأجور وتقليص فرص الشغل  في القطاع العام، وهذا ما تتأسس عليه قفشات و تصريحات  وسياسات رئيس الحكومة.

لا يمكن الحديث عن حكومة بنكيران أيضا، دون الحديث عن أثار سياسة الاستيدان الخارجية و الداخلية في مجال التشغيل ومحاربة البطالة، والتي تترجمها دائما تصريحات رئيس الحكومة المعادية لكل المعطلين،  حيث  أن الاقتصاد الوطني  فقد مع هذه الحكومة ما يناهز 13000 منصب شغل  مابين سنة 2015 و سنة 2016 و معدل البطالة عرف  ارتفاعا ملحوظا منذ السنة الأولى من ولايتها ليصل حجم البطالة اليوم إلى 1.169.000 شخصا على المستوى الوطني.

على المستوى الحقوقي، وحيث تتجلى بشكل واضح إجهازات هذه الحكومة، وكأنها استقدمت من أجل استغلال الفورة الشعبية لسنة 2011 من أجل وقف مسلسل التراكم الذي حققه المغرب، فقد عرف في عهدها تراجعات خطيرة كان عنوانها تنزيل صور و صيغ مشوهة لمؤسسات أقرها دستور فاتح يوليوز

لقد نهجت حكومة بنكيران طريقا سهلا من خلال  الاستديان، نحو ضمان استمرارية ولايتها، ومن أجل استعمال اللعب  بالأرقام للتغطية على فشلها، وهنا نستغرب أي حديث موضوعي يرتكز على الأرقام ويتكلم عن  إشراقات ترتبط بعمل هذه الحكومة، فكل نقاش موضوعي حول تقييم أدائها لا يجب أن يتجاوز نقاش أحوال المغرب والمغاربة وعلى كل المستويات، وكل نقاش سيتحضر واقع  المغرب والمغاربة لا يمكن أن يكون إلا حديثا عن فشل و عن إخفاقات هذه الحكومة، حتى شعاراتها ووعودها لم يتحقق منها شيئ، فمعدل نسبة النمو الذي قالت الحكومة برفعه إلى ما يفوق 5% لن يتجاوز1% متم هذه السنة انطلاقا من دراسات بنك المغرب، وشعار محاربة الفساد الذي كان عنوان حكومة السيد بنكيران وشعار حزبه خلال انتخابات 2011 والذي تمت قرصنته إلى جانب آمال حركة 20 فبراير هو أيضا لم يكن إلا شعارا للاستهلاك، بعدما عفى الله عما سلف على لسان السيد بنكيران وبعدما تدحرج المغرب مع حكومته ثمان درجات إلى الوراء في مؤشر مكافحة الفساد العالمي، حيث أصبح يحتل المرتبة 88 بعدما كان في المرتبة 80 قبله.

وعلى المستوى الحقوقي، وحيث تتجلى بشكل واضح إجهازات هذه الحكومة، وكأنها استقدمت من أجل استغلال الفورة الشعبية لسنة 2011 من أجل وقف مسلسل التراكم الذي حققه المغرب، فقد عرف في عهدها تراجعات خطيرة كان عنوانها تنزيل صور و صيغ مشوهة لمؤسسات أقرها دستور فاتح يوليوز، وفي عهدها تم وقف مشاريع حقوقية مهمة كالخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان، وتمت مصادقة البرلمان المغربي في عهدها  على مجموعة من القوانين الرجعية (مشروع قانون العدل العسكري ومشروع قانون عمال البيوت)، كما عرف المغرب معها مجموعة كبيرة من المتابعات و حالات الاعتقال السياسي.

 أوضاع كارثية و أرقام مفزعة حقا، لا تدفع فقط إلى القلق على مستقبل المغرب، بل تتعدى مستوى القلق إلى مستوى الهلع و الخوف من أن تكون هذه التجربة الحكومية قنطرة عبور تعود بالبلد إلى سنوات خلنا أننا تجاوزنا ألمها، وإلى مصير تجارب إقليمية اعتقدنا أن ذكاءنا الجماعي كان كافيا لتجنبها، أوضاع تجعلنا لا نقبل المزايدة على مستقبل الوطن، ولا نقبل أي حديث خال من صدق التحليل والتوصيف، ونرفض أي حديث عن إنجازات مغشوشة وترقيعية باشرتها هه الحكومة، والتي لم تكن في الأصل إلا إجهازات نخاف أنها كانت  إجهازات ممنهجة و بنية مقصودة.