خطط تعد في الظلام من أجل حصر حزب  العدالة والتنمية في حدود مائة مقعد فقط ، حتى يكون مرغما على التحالف مع البام ، أو تشكيل حكومة وحدة وطنية.

قيادة البيجيدي على علم بكل التفاصيل ، لكن لا حول لها و لا قوة ، هناك تهديدات مبطنة تصل تباعا عبر إشارات معينة . 

و لأول مرة في خطاب جماهري مطول بنكيران و أمام أزيد من عشرين ألفا من أنصاره لم يستعمل كلمة ” التحكم”، لأن هذا الأخير”التحكم” بات أمرا واقعا ومن المسلمات يجب التعايش معه ، ودائما من أجل مصلحة الوطن. 

القيادة الحزبية للبيجيدي درست كل الخيارات بعمق بما فيها الخروج إلى المعارضة ، و استقرت على رأي واحد و هو الرضوخ لرغبات الدولة العميقة ، و تبرير هذا مرة أخرى  بمصلحة الوطن ..

هذا يقض مضجعها الأمر الذي دفعها إلى الإصرار على المشاركة في هذه اللعبة أو بالأحرى الحكومة القادمة ، ورفضها الخروج مخافة فبركة ملفات فساد و تبديد أموال لمسؤوليها الذين سيروا الشأن العام في الولاية الحالية في حال خروجها إلى المعارضة. وبات الخيار الوحيد لديها هو الانسياق وراء هذه اللعبة القدرة ،على الأقل لتفادي تشتيت الحزب في انتظار فرصة أخرى قد تأتي أو لا تأتي و اللعب على ربح الوقت و تغيير العقليات و المحيط الإقليمي أو ربما ربيع عربي آخر …..

و للإشارة فما يطلق عليه بالتحكم ليس حزب البام فقط هذا الأخير جزء منه ليس إلا، أو ربما أداة فقط لخلط أوراق الأحزاب السياسية ، فهوأخطبوط يشمل جميع المجالات لديه أحزاب تابعة له مباشرة كحزب الأحرار و البام السالف الذكر وآخرون في طور التكوين، و أخرى كقطاع غيار  ، كما يتبع له الباطرونا و انضمام أبناء الرجل العصامي رحمه الله ميلود الشعبي إلى هذه الجوقة بعد تهديدات تلقوها بإفلاسهم قانونيا ، خير دليل على مدى قدرة هذا العملاق على ردع من سولت له نفسه أن يغرد خارج السرب . ما كان يكتب مشفرا بالحبر السري بين السطور، يكتب اليوم بالبند العريض و بوضوح تام يراه الأعمى و يسمعه الأصم.

 الأخطبوط قادر على التكيف مع محيطيه و استبدال ألوانه داخل المحيطات لإيهام فرائسه بأن المنطقة آمنة قبل الانقضاض عليها ، دون حتى أن يتركها تتنفس، قيادة البيجيدي فطنت مبكرا لهدا الأمر،و هي تحاول التكيف دون إثارة الانتباه و الحفاض على أكبر عدد ممكن من مناصريها ، و هذه معادلة صعبة تحتاج إلى حنكة و تمرس ، و اليوم قد يفتقدون المرحوم باها أكثر من أي وقت مضى. 

القيادة الحزبية للبيجيدي تعلمت خلال هذه المرحلة أن التحكم قادر على طمس معالمها إلى الأبد يكفي أن يعطي إشارته لآلته الإعلامية الجهنمية حتى يصبح الحزب رمادا .فطوال خمس سنوات من الحكم لم يستطيع السيد رئيس الحكومة و وزيره في الإتصال تصويب الخط التحريري للقانتين المغربيتين و لو قليلا ، فكيف له أن يعلم أن أبنائنا الجنود المغاربة يخوضون قتالا شرسا بالوكالة في الخليج ، قبل أن يعلم ذلك عبر وسائل الأعلام الدولية ، كما أقر أنه لا يتحكم بتاتا في الخارجية المغربية ، فكيف سيستطيع بناء شراكات مع الدول الديموقراطية كتركيا على الأقل ،أو متابعة أمور مغاربة الخارج و حل مشاكلهم . وجلب و توجيه المستثمرين نحو الجهات الأكثر احتياجا ، و ليس كما حدث مع المشروع الصيني الذي وجهه التحكم نحو جهة طنجة ، و توقيع الاتفاقية من طرف رئيس الجهة الذي بالكاد قد أنتخب بساعات على رأس الجهة. الرجل لا سلطة له لا على الخارجية و لا على الداخلية ، و يكتفي بالرد على الصحافة بكلمة ( مافرسيش) 

• السيد بنكيران يقول أنه يقدم مصلحة الوطن على أي شيء آخر حتى و لو سجن و هو رجل صادق و لا ينكر هذا إلا جاحد ، و بقدر قوته في مواجهة خصومه بقدر ما يمكن أن يجهش بالبكاء لأبسط المواقف الإنسانية، و يدرس الخيارات بعناية ، رغم أنه فقد ثوأم مسيرته الدعوية و السياسة المرحوم باها الذي كان يفرمل تدخلاته بتقديم النصح و الاستشارة ، لتجنيبه أمورا خطيرة يمكن تخطيها  بالصمت فقط.  بنكيران اليوم يعتقد أنه لا يمكنه أن يفعل أكثر مما فعل، ويعلم أن ثقة الدولة لا يمكن اكتسابها في خمس سنوات ، كما يعلم أن الدولة العميقة لا يمكن أن تجازف بوضع بيضها في سلة واحدة ، و لن تسمح لحزب واحد أن يكتسح البرلمان حتى و لو كان البام ، كي لا ينتهي دورها، في حين هي محتاجة لديموقراطية يراها العالم تنمو و لو ببطء ، لاعتبارات عديدة على رأسها القضية الوطنية الأولى ، و في نفس الوقت هي تحاول كبح جماح المد العدلي ، بطريقة مغلفة بالقانون ، و كل رصاصة طائشة تنسب مباشرة لحزب الجرار ، في حين يحاول هذا الأخير نفيها  كي يبدو المشهد سورياليا ، كما حدث مع مسيرة الدار البيضاء.

• و رسالتي إلى السيد بنكيران أننا غير مقتنعين بحصيلتكم حتى و لو قلتم بأنكم منحتم منزلا لكل المستضعفين في هذه البلاد. المغاربة مستعدون تحمل كل الزيادات و قد تحملوها فعلا ، مستعدون للمبيت في العراء ،  لكنهم لن يتحملوا الوضع الحالي للمدرسة المغربية بما فيها العمومي و الخصوصي و الذي يرهن مستقبل الأجيال القادمة في المجهول وكذا مستقبل البلاد ، فكيف لوزارة لا تستطيع حتى تصحيح المناهج و الكتب المدرسية قبل طبعها أن تبني مدارس تحترم أدنى شروط الدراسة و التحصيل .

• معظم المغاربة الذين سيمنحون أصواتهم في السابع من أكتوبر للسيد بنكيران سيفعلون ذلك لثلاثة أسباب لا غير  ، الأول لعدم وجود البديل في هذه الشرذمة من الأحزاب المتهالكة ، والثاني الطريقة التي يتصرف بها البام  كأنه فيل في دكان لبيع الخزف، و الثالث المغاربة سيشتاقون إلى بنكيران إذا لم يترأس الحكومة القادمة ،  سيشتاقون على الأقل إلى جلساته الشهرية في البرلمان .