حين وقف الناطق الرسمي لحزب الأصالة والمعاصرة صبيحة يوم السبت 08/10/2016  أمام مناصري حزبه بحضور مختلف وسائل الإعلام ليعلن عن النتائج التي حصل عليه حزب في اقتراع 07 أكتوبر استعمل كلمة بدت لنا غريبة في سياق الأحداث وهي أن حزبه قد حقق ” نقلة نوعية ” وأنهم ” جد جد سعداء ” بالنتائج التي حصلوا عليها. كما أنه في اليوم الموالي أعلن أمين عام حزب ” الجرار” أن “الحزب حقق انتصارا رائعا من حقنا أن نفتخر به” . 

غير ان الحالة النفسية التي انعكست على ملامح  كلا من أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة و ناطقه الرسمي، تظهر بوضوح أثر الهزيمة النكراء التي مني به حزب كان يمني نفسه بتحقيق اكتساح كبير في اقتراع الجمعة الماضي وذلك بالرجوع إلى الحقائق التالية: 

الحقيقة الأولى: أن حزب الأصالة والمعاصرة لم يدخل انتخابات 07 أكتوبر لغاية تحسين وضعيته العددية داخل البرلمان المغربي لتنتقل مقاعده من 47 مقعد إلى 102 مقعد. وإنما خاضها بهدف هزيمة غريمه السياسي حزب العدالة والتنمية وإزاحته عن صدارة المشهد السياسي. ودليلنا على هذا تصريحات أمين حزب الأصالة والمعاصرة نفسه في أكثر من مناسبة قبل وخلال الحملة الانتخابية. بل إنه كان يعتبر التأخر الذي حصل لحزبه في انتخابات 2011 كان فقط بإيعاز من الدولة، والدولة هذه المرة  قد اعطته الضوء الأخضر للظفر بانتخابات 2016.

الحقيقة الثانية: وتكمن في الشعار الذي اتخذه حزب الأصالة والمعاصرة لحملته الإنتخابية ” التغيير الآن ” الذي يفيد أن الغرض من الانتخابات كان هو الفوز واحتلال المرتبة الأولى لهدف تشكيل الحكومة وليس لأجل احتلال المرتبة الثانية و الافتخار بها كما صرح بذلك إلياس العماري بعد ظهور النتائج الكاملة والرسمية للانتخابات التشريعية. 

الحقيقة الثالثة: الحرب الإعلامية المركزة والقوية التي شنها حزب الأصالة والمعاصرة على حزب العدالة والتنمية عامة وضد قياداته خاصة ( حالة : الشوباني وبوليف وبوانو والرباح ويتيم) وكذا على قيادات دينية تابعة لحركة التوحيد و الإصلاح ( مولاي عمر بن حماد وفاطمة النجار ). وقد سخرت في تلك الحرب الإعلامية أموالا طائلة ( حوالي 7.5 مليار سنتيم مغربية )  جعلت الكثيرين يتساءل عن مصدر كل تلك الأموال. كما جندت في تلك الحرب صحف إخبارية يومية و أسبوعية وطنية و أجنبية ومواقع إلكترونية  وأقلام وكتبة مأجورين وقنوات تلفزية أجنبية خليجية. كما استفاد حزب ” الجرار” من دخول بعض الأجهزة السياديةـ إن صح التعبير- على الخط، حالة الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في قضية ” ترصد ” و” ضبط ” نائبا رئيس حركة التوحيد والإصلاح في خلوة ذات صباح صيفي بمنطقة المنصورية القروية. كل ذلك كان بهدف ضرب شعبية بنكيران وإخوانه في حزب العدالة والتنمية وإنهاكهم إعلاميا في أفق هزيمتهم انتخابيا.

الحقيقة الرابعة: الاستفادة من الإمكانات الضخمة التي تتوفر عليها وزارة الداخلية وتوظيف ثقلها السياسي والسلطوي، حيث شاهدنا كيف دخلت الوزارة المعنية في حرب كسر العظام مع حزب العدالة والتنمية طيلة الفترة السابقة للانتخابات وخلال الحملة الانتخابية ذكرتنا ممارستها بممارسات لها خلت أيام إدريس البصري حين كانت تعمل وزارة الداخلية جاهدة من أجل تقزيم حظوظ أحزاب المعارضة في الفوز في الانتخابات خلال سنوات الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.

 وما يؤكد قولنا هذا هو شكوى مختلف الأحزاب السياسية، ماعدا حزب الأصالة والمعاصرة، بعد ظهور النتائج الرسمية من تدخلات رجال السلطة بمختلف الرتب وأعوانهم طيلة الحملة الانتخابية لصالح حزب الأصالة والمعاصرة عبر حث الناخبين بالتصويت لمرشحيه كما اشتكى المواطنون من ذلك.

وعليه، فإنني أعتقد أنه لا يوجد أحد يصدق كلام كلا من أمين عام حزب ” الجرار ” وناطقه الرسمي بأن حزبهما قد حقق “انتصارا” في استحقاق يوم 07 أكتوبر، اللهم إن كان الانتصار في تخريب باقي أحزاب المعارضة المتحالفة معه في الفترة السابقة عبر  الضغط على أعيانها أو إغرائهم من أجل الترشح على قوائمه.  فالملاحظ أن حزب الجرار يتغذى من أجل نموه على حصة باقي الأحزاب باستثناء حزب العدالة والتنمية.

 كما أنني أجزم بأنه لا يوجد من داخل حزب الأصالة والمعاصرة من كان يعتقد أن حزبهم دخل الانتخابات التشريعية فقط من أجل تحسين تواجده العددي لينتقل من 47 مقعدا إلى 102 مقعدا. لأنهم بكل بساطة يعتقدون أن حزبهم قد انكسر انكسارا مروعا في اقتراع 07 أكتوبر سيكون له ما بعده.