لعل أبرز ملاحظة خرج بها الجمهور المغربي المحبط من المباراة التي تعادل خلالها المنتخب الوطني المغربي أمام نظيره الإيفواري السبت الماضي، عن الجولة الثانية من الدور الحاسم لتصفيات مونديال روسيا 2018، هي أن الناخب الوطني هيرفي رينار احترم الخصم أكثر مما ينبغي، فالأسود لم يرفعوا إيقاع اللعب إلا في الربع ساعة الأولى من الشوط الثاني في محاولة لمباغثة دفاع الفيلة. هذا الحذر المبالغ فيه عطل الأسلحة الهجومية للمنتخب الوطني المتمثلة في سفيان بوفال، ونور الدين أمرابط، وأسامة طنان من جهة، ومكن الخصم ـ من جهة ثانية، من اللعب بثقة أكبر بل والضغط على دفاع الأسود في الربع ساعة الأخيرة بحثا عن هدف قاتل ينهون به اللقاء.

رمى الناخب الوطني بكل أوراقه خلال الشوط الأول من اللقاء بإشراك كل من أمرابط وطنان وبوفال في محاولة قد نفهم منها أنه حاول الضغط على الخصم منذ البداية وهو الأمر الذي لم يتحقق حيث لعب الأسود بحذر شديد. جرت العادة في مباريات معقدة مثل التي خاضها الأسود ليلة السبت أن يحتفظ المدربون ببعض الأوراق لمباغثة الخصم، بعد أن يقل منسوب اللياقة البدنية لدى دفاعهم خلال الجولة الثانية، فلو شارك طنان أو أمرابط أو بوفال خلال الجولة الثانية لكان عدد الفرص التي صنعها الأسود سيكون أكبر ولربما توجت إحداها بهدف.

رغم أنه كان قد أشرف على رأس العارضة الفنية للكوت ديفوار خلال سنة كاملة توجت بتربعهم على عرش إفريقيا، لم يستفد مدرب المنتخب من هذه التجربة وسعى بالمقابل إلى اللعب بتكتيك لم يسبق أن جربه لا مع الأسود ولا مع الفيلة بإشراك الجناح نور الدين أمرابط كظهير إلى جانب أسامة طنان كجناح في الجهة اليمنى. تكتيك وفق رجال المدرب الفرنسي ميشيل دوسويي على ما يبدو في إبطال مفعوله حيث لم ينجح الثنائي أمرابط ـ طنان في صنع أكثر من هجمة واحدة في الدقيقة الأولى للشوط الثاني انتهت بتسديدة لنجم سان تيتيان تصدى لها الحارس الإيفواري. 

رغم كل الملاحظات السلبية التي كشفتها موقعة السبت، لا بد من الاعتراف أن هيرفي رينار قام بعمل كبير على مستوى الدفاع فرغم أننا واجهنا اثنين من أقوى المنتخبات في إفريقيا ويتوفران على أسماء هجومية فتاكة، والحديث هنا عن نجم بوروسيا دورتموند بيير أوباميانغ، ولاعب مانشستر سيتي سابقا جون ويلفريد بوني، لم تتلق مرمى الحارس المتألق منير المحمدي الذي يفرض اسمه هو الآخر كدعامة أساسية مباراة بعد أخرى، أي هدف خلال الجولتين الماضيتين من التصفيات.   

نجح المدرب الوطني في إخفاء عيوب الدفاع وتفككه، لكنه في المقابل يحتاج لتطوير خط الوسط حتى يكون قادرا على الربط بين باقي الخطوط وصنع الهجمات والاستحواذ على الكرة. يحتاج أيضا إلى خلق نجاعة هجومية، وهذه أكبر معضلة تواجه المنتخب حاليا، إذ أن الأسود عجزوا عن التسجيل في 180 دقيقة متتالية، يحتاج إلى إصلاح كل ذلك خلال ودية الغابون غدا الثلاثاء فكأس أمم إفريقيا التي تراهن عليها الجامعة والجماهير المغربية على الأبواب.