من الواضح ان أزمة تشكيل الحكومة، آخذة في التعقيد، وخاصة بعدما مرت ثلاثة أشهر دون الوصول إلى حل متوافق عليه، بين رئيس الحكومة المعين، عبد الإله بنكيران الذي يمثل حزبه العدالة والتنمية المتصدر للانتخابات، وعزيز أخنوش الرئيس الجديد لحزب التجمع الوطني للأحرار.

وكان بنكيران قد قاد مشاورات شاقة وماراطونية مع أخنوش، من أجل تشكيل الحكومة الجديدة، لكن زعيم التجمع أصر على اشتراط استبعاد حزب الاستقلال من التشكيلة الحكومية المقبلة، وظل متمسكا بشرطه الذي هو في نظر مراقبين، من إملاء جهات عليا، وحتى عندما قدم رئيس الحكومة المعين، تنازلا قاسيا، وأعلن تخليه عن حزب الاستقلال في الائتلاف الحكومي القادم، خرج أخنوش بشرط جديد، وهو إشراك حزبي الاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي، وأمهله بنكيران ليومين للرد على موافقته على المشاركة في الحكومة، بعد التنازلات الكثيرة التي قدمها، لإنهاء حالة “البلوكاج” في مفاوضات تشكيل الحكومة.

وتفاجأ الجميع الأحد الماضي، بخروج أخنوش ببلاغ مشترك مع أحزاب أخرى، وهي الحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري، أعلنوا فيه “حرصهم على المساهمة في تشكيل أغلبية حكومية تتماشى مع مضامين الخطاب الملكي بدكار”، في تحدٍ جديد لرئيس الحكومة المعين الذي أعلن أن التحالف الحكومي لن يضم أي حزب خارج الأغلبية السابقة، استجابة لأخنوش الذي اشترط استبعاد حزب الاستقلال من الحكومة قبل الدخول إليها.

وهذا ما دفع بنكيران للإعلان عن انتهاء الكلام بينه وبين أخنوش والعنصر، بعدما تجاهل رئيس التجمع الوطني للأحرار، الرد على السؤال الذي وجهه إليه يوم الأربعاء الماضي، حول رغبته من عدمها في المشاركة في الحكومة، في حين عبرت الأحزاب الأربعة عن “رغبتها في تكوين حكومة قوية”، معلنة “إلتزامها بالعمل المشترك من أجل الوصول إلى تقوية وتعزيز التحالف الحكومي، الذي أضحى ضروريا لتشكيل إطار مريح، قادر على ضمان حسن سير مؤسسات الدولة”.

وبعد هذا التعليق للمفاوضات، فإن أزمة تشكيل الحكومة انتقلت من “البلوكاج” السياسي، الذي فرضته اعتبارات سياسوية، تهدف إلى تشكيل حكومة ضعيفة وغير منسجمة، وتعاني من عدة صعوبات سياسية، حتى يسهل التحكم فيها، وإخضاعها لأجندة النظام.

فإذا كان رئيس حزب التجمع، عزيز أخنوش، الذي أتى حزبه في أسفل الترتيب خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، يساوم الأمين العام عبد الإله بنكيران، الذي احتل حزبه الرتبة الأولى، على إخراج الاستقلال من التشكيلة الحكومية القادمة، وإدخال حزبي الاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي، فإنه بحسب كثير من المراقبين والمتابعين للشأن السياسي، لا يفاوض باسم حزبه، وإنما باسم جهات نافذة.   

لكن، ماذا بعد تصريح بنكيران “انتهى الكلام”؟ هل هو إعلان عن الفشل؟ أم هو موقف سياسي للخروج من الأزمة التي دخلت فيها أزمة تشكيل الحكومة؟

لا يبدو أن هذا التصريح، ينهي الكلام، وإنما هي محاولة من رئيس الحكومة المعين تعليق المشاورات حتى تتوقف العراقيل الموضوعة من قبل الجهات السياسية التي تحرك أخنوش وحلفائه، لكي يقبل بشروطها التعجيزية، التي دفعت بنكيران إلى وقف المفاوضات الخاصة بتشكيل الحكومة.